قطار سريع لا يوقفه أحد من يقف أمامه فهو فى طى النسيان، كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تلقى حجراً فى وجه القطار، معتقداً بأن هذا الحجر هو من سيوقف قطار الفساد الذى كنا نعيش بداخله فى هذا الوطن.
قطار لا يقف إلا فى محطات الرشوة والمحسوبية، قطار لا يقف إلا ليسرق أموالنا ويستحى نساءنا، قطار لا يقف إلا لترهيب المواطنين، فهو كلما مر على أرض زراعية يجعلها صحراوية، وكلما مر على مكان يصلح للاستثمار يبيعه إلى أعداء البلاد، فكم من الأراضى بورت، وكم من الأراضى اغتصبت على بمعرفة رواد القطار الذى يقوده رجال الدولة البوليسية ويسكنه شلة المنتفعين والعملاء وأصحاب النفوذ، الذى وصل بهم الأمر لتخيلهم أن الشعب المصر قد مات، وأن ما يفعلونه هو الشىء الطبيعى والمألوف، فمن الذى يستطيع أن يتصدر المشهد ويقف أمام هذا القطار؟
بالتأكيد سيفنى هو ومن يحميه ومن يعرفه وكل من له صلة به..
ولكن عندما يتلاحم الشعب ويقف وقفة رجل واحد أمام هذا القطار ويجبره على التوقف مهما حاول القطار أن يدهس على أجسام المصريين، فيقتل هذا ويصيب هؤلاء، ولكن فى النهاية يتم إيقاف قطار الظلم والاستبداد قطار التزوير والانفلات قطار التوريث والاستعباد قطار الرشوة والمحسوبية قطار الدولة البوليسية، قطار التبوير والفقر المائى، قطار التخلف العلمى والتخلف الريادى.
ولكن ماذا بعد إيقاف القطار؟.. عندما تم إيقاف القطار هرب من هرب وسرق من سرق ولم يتبقَ سوى بعض الأشخاص المقدمة ككبش فداء من قادة قطار الظلم والجهل الأصليين، الذين يستجمون ويعيشون حياة الآن لا تختلف كثيراً عم ما كانوا فيه، ونحن الآن أمام قطار خرب لا يوجد به سوى المشاكل والأزمات التى تركها لنا فلول النظام السابق.
ولكن من يقود القطار الآن فى هذه الفترة العصيبة، فهل نتركه مرة أخرى فى يد زبانية الحزب الوطنى وأمن الدولة فهم الآن بالنسبة لنا هم الأعداء، هم من نطلب فيهم القصاص العادل، سواء باسترداد الأموال المنهوبة منهم التى سارقوها من دم الشعب ومن قوت يومه، ومن ثم ملاحقاتهم قضائياً.
أم نترك الأمر لخيارين كليهما صعب، أولهما أن يقود القطار أصحاب تنظيم الإخوان المسلمين والفكر السلفى، والخيار الآخر بأن نترك البلد لأصحاب الأفكار المنادية بالحريات وأصحاب الفكر العلمانى.
كل فكر له ما له وعليه ما عليه، لكن المشكلة تكمن فى عملية التخوين من الجنبين للطرف الآخر، فنجد أصحاب فكر الإخوان والسلفيين يصل بهم الأمر فى بعض الأحيان إلى تكفير الطرف الآخر واتهامه بالعمالة والخيانة.
وأصحاب الفكر العلمانى ينتقضون الطرف الآخر بأن الدين يجب أن يكون بعيداً عن السياسة، وأن أصحاب الدعوات السلفية يجب عليهم أن يتصدروا المشهد فى الفتوى والعلم الدينى وأن يتجنبوا الدخول فى السياسة.
والمشكلة الآن فى الشعب الذى يقف حائراً بين الجانبين يميل مرة إلى هذا الجانب ومرة أخرى إلى الجانب الآخر، لكن ببساطة المشكلة تكمن فى أننا مازلنا واقفين فى نفس المكان لم نتحرك..
لكى الله يا مصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة