حنان شومان

فى مصر الآن.. مجتمع هايص وأنا لايص

الأحد، 03 أبريل 2011 07:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل شهرين من الآن كنت أستاء بشدة من عبارة ترددها ابنتى الصغيرة من قاموس جيلها الجديد معبرة عن شخص يصنع صخباً فى غير محله، فكانت تقول حسب تعبيرها «ده هايص فى الهيصة».

كنت أرى فى هذا التعبير ركاكة لغوية ومعنى غير ذى موضع، ولكنى أعترف الآن أنى كنت مخطئة، لأنى حين بحثت عن عبارة تصف بعض الظواهر الآن فى المجتمع المصرى، لم أجد تعبيرا ملائما لوصف كثير مما أرصده من الظواهر غير أنهم «هايصين فى الهيصة».. فإن وجد أحدكم تعبيرا آخر أكثر ملاءمة لمثل هذه الظواهر، أرجو أن يفيدنى به أفادكم الله.

أما عن ظواهر الهايصين فى الهيصة فإليك بعضا من البعض الذين تتراوح هيصتهم بين الكارثة المحدقة بالوطن أو حالة صداع مزمن قد لا يكون كارثياً ولكنه عبثى.

1 - السلفيون أو أصحاب النداء للعودة إلى السلف الصالح، وهو العنوان الكبير لأفكارهم، وما أجمل العنوان، فهل نملك إلا أن نتمنى جميعاً أن نكون خلفاً صالحاً لسلف صالح!، ولكن هؤلاء الذين يرفعون هذا العنوان البراق فى مظهره ظلاميون فى مبطنه، ففى غمرة الهيصة الثورية والمناداة بالحرية وفورة المجتمع انقضوا على الإعلام غير المسئول، وعلى الحياة، يريدون سن قوانينهم بالقوة، وهم يدركون أو لا يدركون أنهم يحرقون مصر بمسلميها وأقباطها، والمصيبة أنهم- أو على الأقل بعضهم- لا يفهم ما يفعل، وإليكم مثالا كثر الحديث عنه وهو الشيخ محمد حسين يعقوب الذى أرجع نعم للتعديلات الدستورية لنصرة الدين، وهو كغيره لم يدرك أن الـ«نعم» التى هللوا لها تعنى سقوط دستور 71 بمادته الثانية التى تقول إن مصر دولة إسلامية تستمد تشريعها من الشريعة، وأنه بسقوط الدستور بنعم أم لا لم تعد هذه المادة موجودة، فالله يعوض على من قال نعم لهذا الغرض لأنه بذلك قد أزاح المادة الثانية.

ولم يكن الشيخ يعقوب هو الوحيد الهايص فى الهيصة من السلفيين، بل هناك آخرون فى محافظات مصر النائية صاروا ينفذون القصاص بأيديهم وعلى حسب أهوائهم فقطعوا أذن رجل وأحرقوا سيارته لأنهم اتهموه بإقامة علاقة آثمة، وربما سنجد غداً من يقول لنا إن فى الأقصر أو أسوان متاحف مصر المفتوحة لم يعد فيها أحد يسرق الآثار، بل يحطمونها، كما فعلت طالبان، لأنها تمثل الأوثان، أهل السلف هايصين أقوالاً وأفعالاً فى الهيصة.

2 - السيدة رقية السادات ومحاميها الأستاذ سمير صبرى، قررا أن يكونا من الهايصين فى الهيصة فتقدموا بطلب للنائب العام لفتح باب التحقيق فى اتهام مبارك باغتيال السادات، استناداً إلى كلام غير محدد لحوار صحفى للوزير السابق حسب الله الكفراوى الذى خرج مقسماً بالله وبكل الأيمانات أنه لم يقل ذلك لا هو ولا عضو مجلس الشعب أبوالعز الحريرى ورغم هذا راح محاميها من برنامج لآخر ومن صحيفة لأخرى يؤكد أنه يملك حافظة مستندات.

يا عم الرحمة هل هناك منطق فى هذا الاتهام العبيط بعد أن أعدم الفاعلون وأقر المحرضون -بعد خروجهم- بالجريمة دون أمن دولة أو غيره من وسائل الإكراه.

ومن دواعى الغيظ أيضاً والهيصة أن تصرح السيدة رقية بأنها أخيراً ستأخذ عزاء أبيها، يا سلام!! قد يكون مبارك مجرماً فى عشرات قضايا الفساد والصهينة عليه، ولكن أن يتهم باغتيال السادات، فهذا لا يصدر إلا عن ناس تريد أن تهيص فى الهيصة.

3 - محسن شعلان المتهم بالمسئولية الأدبية عن سرقة لوحة زهرة الخشخاش، وبالفعل تم الحكم عليه، واستأنف الحكم قبل أحداث الثورة تقدم إلى المحكمة بدفاع يتهم سوزان مبارك بسرقة لوحة زهرة الخشخاش، وإنه لم يستطع أن يقول ذلك ولكنه الآن يعترف.. يا صباح الحرية ويا سلام، نعم ذهب مبارك وسوزان إلى غير رجعة، ولكن هل من المنطقى تحت أى معيار أن نقول عنهم أى شىء فى أى حاجة، سوزان مبارك لو أرادت الحصول على لوحة زهرة الخشخاش لنقلتها دون ضجيج أو كلام إلى أحد القصور الرئاسية، ثم يحدث ما يحدث فكم من مسئولين تعاملوا فى هذا البلد على أن جيب البلد هو جيبهم، فهل كانت سوزان مبارك عاجزة عن فعل ذلك أم أن الأخ شعلان الآن يبحث عن كبش فداء يعلق فى رقبته الاتهام وما أوسع رقبة سوزان مبارك، وياللا هيص فى الهيصة.

4 - حين غنت سعاد حسنى فى زوزو ماتقولشى أمين شرطة اسم الله ولاّ دبلوماسى، لم تكن بالتأكيد تعرف أنهم بعد أكثر من ربع قرن سيكونون من هؤلاء الذين يهيصون فى الهيصة، فقد تجمهروا وتظاهروا، خاصة المفصولين منهم، مطالبين بالعودة، ويعلم الله كم منهم فصل حقا أو ظلماً، ومطالبين بحق التدرج حتى وظيفة الضابط، والحق أن هذا ليس صحيحاً ولا واجباً، ليس لسبب طبقى، ولكن لأن مهنة الضابط استغرقت أربع سنوات دراسة ليسانس حقوق ودراسات عسكرية إذاً هى رتبة أو عمل لا يأتى لأمين الشرطة بالتقادم.

ومن الغريب أنه فى إحدى المداخلات التليفونية لأحد البرامج تحدث أمين شرطة قائلاً إنهم يحصلون على راتب 1200 جنيه ويطلبون زيادة أى والله، طبعاً أنا لا أستكثر عليهم المبلغ، فالحياة غلاء، ولكن أنا أعرف ضباطاً تعدوا عمرا من العمل لا يحصلون إلا على 2000 جنيه، إذاً كثير من أمناء الشرطة المفصولين والمطالبين بالزيادة ليسوا إلا ناس هايصين فى الهيصة.

وفى النهاية لدى عشرات بل مئات من أمثلة الهايصين فى الهيصة والذين تترواح الهيصة عندهم بين الكارثة والصداع الخفيف، ولكن جميعها تجتمع لتصنع مجتمعاً صار أغلبه «هايص أما أنا فلايص» وعذرا لسمير غانم صاحب مسرحية «أخويا هايص وأنا لايص».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة