فى التاسع عشر من مارس هذا العام قال الشعب المصرى كلمته، واكتست مصر بثوب الديمقراطية والحرية لأول مرة فى تاريخها، للمشاركة فى أول عرس ديمقراطى، شعرت لأول مرة أن المصريين خرجوا لتعبروا عن فرحتهم بنجاح ثورة شاركت فيها جميع طوائف الشعب المصرى ضد الظلم والفساد والديكتاتورية، التى قمعت إرادة المصريين ثلاثين عاماً، بصرف النظر عن قول نعم أو لا، فالكل فى النهاية رغم الاختلاف يعبر عن فرحته فى هذا العرس الديمقراطى.
شعرت بالنشوة وانتابنى الفرح فى حرص الناس على النزول والتصويت، مسلمين ومسيحيين، شباب وشيوخ، ونساء منتقبات ومحجبات وسافرات، فالكل يحكمهم هدف واحد، وهو التعبير عن الفرحة والمشاركة فى هذا العرس الذى فرحنا به جميعاً.
ظهرت الدعوات فى وسائل الإعلام تحث المصريين على المشاركة، لبناء مصر ورسم مستقبلها والتعبير عن أنفسهم فى الموافقة أو الرفض، ويشاهد العالم التغيير الديمقراطى والحرية التى نعمنا بها.
وانقسمت الآراء قبل التصويت، وكل له رأيه وحجته التى يدافع بها عن رأيه، فكانت حجة المؤيدين للتعديلات الدستورية فى الانتهاء من حالة الفوضى التى تمر بها البلاد وعودة الاستقرار الاقتصادى والأمن للشارع المصرى وعودة الجيش إلى ثكناته، وتمثلت حجة المعارضين فى عدم شرعية الدستور الحالى الذى سقط بسقوط النظام الحالى، وهذا دعا لرفع دعوى ضد إسقاط الدستور الحالى الذى سقط بتولى الجيش زمام الأمور، والدستور الحالى يخلق ديكتاتوراً جديداً يركز كل السلطات فى يده، وتناقض بعض المواد الجديدة التى سيتم تعديلها مع بعض المواد القديمة.
وفجأة وبقدرة قادر يرتدى رجال الدين ثوب الساسة، ويعتلون المنصات فى المساجد والكنائس، المشايخ يحثون الناس على التصويت بنعم على التعديلات الدستورية، حتى لا يتم إلغاء المادة الثانية فى الدستور التى تتعلق بهوية مصر الإسلامية والخوف من تحويلها إلى علمانية، والقساوسة يدعون إلى التصويت بلا، حتى يتم عمل دستور جديد، وتلغى فيها المادة الثانية التى تؤرق الكثير من المسيحيين، ولا تجعلهم يتمتعون بحقوق المواطنة التى كفلها لهم الدستور.
وتتغير توجهات الناس فى التصويت، وحصرت التيارات الدينية الدستور فى المادة الثانية التى لم يرد ذكرها فى التعديلات الدستورية، وحث كل طرف على التصويت بما يراه لصالح الدين، وتحول التصويت على التعديلات الدستورية إلى صراع طائفى، وقد أكون مغالياً ويتهمنى البعض بإحداث فتنة لذكر الطائفية، وما جعلنى أصرح تلك الحملات التى قامت بها سيدات تنتمى إلى بعض التيارات بالطرق على الأبواب ودعوة المواطنين إلى التصويت بنعم حتى نسد الذرائع أمام تغيير الدستور والخوف من تحويل مصر لدولة علمانية أو كافرة، والأبواق التى خرجت تحث الناس وتدعوهم عبر مكبرات الصوت فى الشوارع والتصويت بنعم حرصاً على مستقبل مصر والدين الإسلامى، ناهيك عن اللافتات التى تملأ الشوارع، لكن كل ذلك لا يمثل شيئاً لما حدث بالمساجد خلال الجمعة التى سبقت الاستفتاء والعادى هو حث الخطباء على التصويت، لكن الغريب هو الحث على التصويت بنعم، وتطرف بعضهم فى التحذير من شهادة الزور، حتى لا تصبح مصر علمانية أو يحكمها كافر.
ونتساءل ماذا حدث لنا؟.. قامت الثورة ولم ينسب أحد الثورة لنفسه، ولم تظهر نزعة الطائفية، ونقول مسلم ومسيحى، وكنت ترى فى ميدان التحرير المسلم يتوضأ ويصب له المسيحى الماء، وفى ذروة الثورة وأثناء الصلاة كان المسلمون يصلون والمسيحيون يحمونهم، ويشكلون حائط صد لمنع هجمات البلطجية، وكنت ترى نسيجاً واحداً ثار ضد الظلم، ويريد أن يرسم مستقبل هذا البلد الذى يرفض الطائفية التى يلعب عليها أعداء مصر، ليمزقوا أوصال هذا الوطن.
عطا درغام يكتب: بقع سوداء على ثوب الديمقراطية الأبيض
الأحد، 03 أبريل 2011 02:52 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة