د.حسين عبد البصير يكتب: فرعون مصر

الأحد، 03 أبريل 2011 08:26 م
د.حسين عبد البصير يكتب: فرعون مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقال إن الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات قال: "أنا وعبد الناصر آخر الفراعنة"، فهل كل حكام مصر فراعنة؟ وهل شعب مصر كله فراعنة؟

فى البداية أقول إن لدى عددا كبيرا من المصريين وغيرهم اعتقاد بأن "الفرعنة" والتجبر والاستبداد والديكتاتورية والطغيان صفات حكام مصر منذ عصر الفراعنة، ويطلقون عليهم جميعا لقب "فرعون" وجمعهم "فراعنة" دون أدنى استثناء. وكذلك يطلق المصريون أنفسهم وغيرهم على الشعب المصرى كله لفظ "فراعنة".

وجاء هذا الاعتقاد نتيجة لما ورد فى الكتاب المقدس (العهد القديم) والقرآن الكريم عن طغيان وتجبر وتكبر وتأله الملك المصرى القديم الذى أطلق عليه لقب "فرعون"، دون أن يُسمى، وعاش فى عهده نبى الله موسى عليه السلام.

وقد كان الحاكم فى مصر القديمة من بداية توحيد مصر -حوالى عام 3000 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام أى منذ حوالى 5000 سنة- رأس الدولة والسلطة المركزية متمثلة فى جميع السلطات التشريعية والحربية والتنفيذية، فضلا عن رئاسته للسلطة الدينية والكهنة، وكان الملك المصرى يحكم مصر نيابة عن آلهة مصر الكبار باعتباره ابن الآلهة والوريث الشرعى لهم على الأرض. وهكذا كان الحاكم المصرى مصدر السلطات مجتمعة.

وكان يعيش الحاكم المصرى فى قصر يطلق عليه "بر عا" أو "بر عو" أى "البيت العظيم" نسبة إلى الحاكم، وكان يستخدم هذا المسمى للإشارة إلى الحاكم ومقر الحكم فى مصر القديمة، ثم تحول لقب "برعو" إلى "فرعو" فى اللغة العبرية، وأضيفت "النون" فى اللغة العربية فأصبح "فرعون"، وكان يستخدم هذا اللقب "فرعون" استخداما إداريا فقط، ضمن ألقاب الحاكم المصرى العديدة، وظهر هذا اللقب الملكى المصرى الجديد منذ عصر الدولة الحديثة (أى من حوالى 3500 سنة)، لذا لم يستخدمه القرآن عندما أشار إلى حاكم مصر فى عهد سيدنا يوسف عليه السلام وأطلق عليه لقب "الملك"، وهذا أقرب إلى أدبيات العصر الحالى عندما تٌطلق لفظة "البيت الأبيض" عند الإشارة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وسياساته.

ومع التسليم بما جاء فى الكتب السماوية عن فرعون موسى عليه السلام؛ فإنه لا يجوز اتهام كل حكام مصر الفراعنة بنفس صفات الطغيان، والتأله والتجبر التى كان يتصف بها ذلك الفرعون المذكور فى تلك الكتب، فكان من بين حكام مصر الصالح والطالح والمؤمن والكافر والقوى والضعيف والعادل والظالم وغيرهم، ولايمكن بأى حال من الأحوال إطلاق لقب "فراعنة" -الذى كان يطلق على الحكام الفراعنة فقط- على كل المصريين من أفراد الشعب المصرى؛ لأنه من غير المنطقى أن يطلق لقب "قيصر" -الذى كان يخص الإمبراطور الرومانى- على كل أفراد الشعب الرومانى أو الروم.

وهكذا فإن لقب "فرعون" لم يكن يدل على تجبر كل الحكام المصريين، وكذلك لم يكن يدل على شعب معين أو جنس محدد؛ وإنما هو لقب إدارى بحت يشير إلى بعض الحكام المصريين منذ عصر الدولة الحديثة وإلى نهاية تاريخ مصر الفرعونية فقط فى عام 332 قبل الميلاد عندما احتل الإسكندر الأكبر مصر وتحولت هذه الدولة وحضارتها العظيمة إلى مستعمرة يحكمها الغرباء لقرون عديدة قادمة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة