قال الدكتور كمال حبيب، القيادى بالجماعة الإسلامية، إن التيار الإسلامى موجود وله كيانه ويمثله أكثر من قوة، مضيفا أن ثورة 25 يناير تمثل عصرًا جديدا للإسلاميين، الذين كان النظام السابق يستخدمهم كفزاعة لتسويق نفسه لدى الغرب وإقصائهم عن الحياة السياسية، بتصوير نفسه أنه البديل عن الإسلاميين، مشيرا إلى أن هذه الفزاعة سقطت بعد الثورة، وأن بعض الغربيين لم يصدقوا هذه الافتراءات.
وأضاف حبيب، خلال المؤتمر الجماهيرى، الذى عقدته رابطة المحامين الإسلاميين مساء أمس الخميس، بعنوان " التيار الإسلامى والمستقبل السياسى فى مصر بعد ثورة 25 يناير"، وأن الإسلاميين هم طيف من أطياف الشعب شاركوا فى الثورة وكانوا انسيابا وروحا تسرى بين قوى الثورة، ولم يقبلوا أن يظهروا ويتصدروا المشهد، وذلك لأن الشباب هم من أشعلوا الثورة ومتصدرو المشهد فى الثورة التى شارك فيها الشباب الإسلاميون بكثر، موضحا أن الصراع الآن فى مصر بين القوى العلمانية والقوى الإسلامية، ويستخدم فيه أدوات عديدة لإقصاء الإسلاميين، أبرزها، الإعلام والتخويف من الإسلاميين وبث صورة فى عقول المواطنين تصور أن البديل لمبارك هو ذلك الإسلام القادم من العصور الوسطى والشخص ذو اللحية الذى يرتدى جلبابا قصيرا، فضلا عما يقوم به الإعلام من تضخيم الأحداث دون مبرر، لافتا إلى أن هناك هجوما قوياً على التيار الإسلامى منذ عشرات السنوات.
وذكر أن العلمانيين يستخدمون ورقة الأقباط فى صراعهم مع الإسلاميين ويضخمونها، وذلك بتخويف الأقباط من الإسلاميين، مؤكدا أنه لا توجد مشكلة أو خلاف بين الإسلاميين والأقباط، وأضاف أن العلمانى المصرى لا يقول "أنا علمانى" لأن العلمانية سيئة السمعة وباسمها تم سجن المواطنين وتعذيبهم وفرض التخلف ولم يتم استكمال انتصار حرب أكتوبر 1973، قائلا "ولأن لا نريد ألا نستكمل انتصار ثورة 25 يناير بسبب العلمانية"، والإسلاميون لا يريدون لمصر إلا الخير، وتابع: لا مشكلة لنا مع الأقباط والعلمانيين فنحن ننظر إليهم كقوة اجتماعية وسياسية موجودة، ونقول لهم، كفوا عن الشغب والتخويف وصرف طاقات الأمة لمعارك وهمية، فذلك ليس من مصلحة الوطن كله، لأننا فى لحظة خطيرة تمثل الخروج من عنق الزجاجة، ونحتاج فيها على الأمن والتنمية والإنتاج والعمل.
وقال إنه لا يوجد فى الإسلام دولة دينية، إنما توجد دولة مدنية مرجعيتها الإسلام، مؤكدا أنه لو قطعت الحضارة والمدنية عن الدين لفسدتا، مضيفا أن كثيراً من الكتاب والمفكرين الغربيين يقولون إن المدنية فى الغرب مصدرها ومرجعيتها الدين، موضحا أن المرجعية المدنية تعنى العقل الإنسانى ويعنى أن يعبد الإنسان ذاته ليكون العقل هو مرجعه ولا يعود إلى مقدس، فالدولة المدنية لها مرجعية إسلامية، وقواعد لا يستطيع العقل أن ينحرف عنها، كما أن الإسلام وضع ضوابط للنظام الإسلامى السياسى والاقتصادى والاجتماعى.
وطالب كمال حبيب المجلس العسكرى بإصدار عفو سياسى عام عن المسجونين السياسيين ويبلغ عددهم 89 مواطناً، ودعا إلى فتح الملف الحقوقى للإسلاميين، كما طالب بعودة دور الأزهر والدعوة الإسلامية وعدوة الدور الريادى لمصر فى العالم العربى والإسلامى، لافتا إلى أن الإسلاميين يريدون بعد الثورة أن يقدموا نموذج الإسلام المشارك كما هو فى تركيا وماليزيا وليس الإسلام المتصادم والمواجه، ويريدون بدء عصر جديد يكون الإسلاميون فيه جزءا من المجتمع ويتعاونون مع كافة التيارات والقوى فى بناء المجتمع.
من جانبه، قال المهندس عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، إن خصوم التيارات الإسلامية يصورون الدولة الإسلامية على أنها ديكتاتورية ومتخلفة، ولكن هؤلاء اقتبسوا ثقافة أمم أخرى ولم يقرأوا القرآن والسنة والتاريخ الحديث المعاصر لمصر، فمصر دولة فيها الأغلبية مسلمة، مشيرا إلى أن الدولة العلمانية أو الحكم العلمانى أسسه محمد على باشا ونحن لا نريده، مضيفا أن الشورى الإسلامية كانت مؤسسية وليست كما يدعون أنها شورى أفراد، وأضاف أن الدولة العلمانية ديمقراطية الشكل وديكتاتورية الواقع، داعيا إلى تأسيس الشورى الإسلامية لأن فيها الشعب يختار الحاكم ويراقبه ويعزله، وتمدنا بنظام قانونى قائم على الواقع الديمقراطى، وموضحا أن الديمقراطية أقرب ما تكون على النموذج الإسلامى، وأن النظام الاقتصادى الإسلامى يستوعب كل النظريات الاقتصادية، باستثناء الربا، مشددا على أن هناك ضوابط فى الإسلام لو طبقت ستنتهى كل الأزمات التى نعانى منها.
وتابع: "من رحمة ربنا سبحانه وتعالى أن ثورة 25 يناير أزالت النظام ولم تزل الدولة"، مشيرا إلى أن المجتمع المصرى يحصل على الأمان من الدين وليس من السلطة، فالدين يأمرنا بحماية الكنائس وليس الشرطة، والأقليات يحميها دين الأغلبية، ودليل ذلك أن الشعب كان أكثر تماسكًا فى ظل غياب السلطة، مشيدا بدور المجلس العسكرى خلال الثورة، وقال إن دستور 1971 وضع من الشريعة الإسلامية، ولكن تم الالتفاف عليه بعد ذلك، وشيد بتصريحات د. السيد البدوى، رئيس حزب الوفد حول "الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع"، مطالبًا باعتراف الجميع بذلك، داعيا إلى تضافر جهود القوى الإسلامية من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية.
وقال الشحات "الصراع السياسى بين إسلاميين يريدون إنجاز التغيير وليبراليين يريدون التحول للديمقراطية، فنحن نفتح لهم قلوبنا ليناقشونا ويناقشوا المجتمع ويعرفوا الإسلام والليبرالية، مضيفًا "مشروعنا أعظم من مجرد التواجد فى البرلمان، ولابد أن يستمر النظام القانونى الذى يعبر عن هوية الإنسان المسلم ويحافظ على الأقليات، مشددا على أنه لن يحدث تقهقر فى الشريعة ولن يستطيع الليبراليون فرض دستور واه.
ومن جانبه لفت الدكتور عصام دربالة، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، إلى أن بعض التيارات تخشى من انتشار التيار الإسلامى نجحت فى وضع الإسلاميين موضع الاتهام، وبثت المخاوف منهم خوفًا من ظهورهم أو أن يعرف الناس من خلالهم الصورة الحقيقية للإسلام، مناشدا أتباع الحركة الإسلامية بالانتقال من مرحلة الدفاع النشط إلى مرحلة البيان والتوضيح لمشروعهم الإسلامى الحضارى، موضحا أن التيار الإسلامى مدعو لكى يضع مصر فى سكة السلامة لأننا فى لحظة فارقة تحتاج إلى إعادة بناء مصر ودفعها نحو عجلة التنمية والتقدم، لافتا إلى أن هناك طريقا آخر "الندامة" يمكن أن تنجرف نحوه مصر، إذا لم يتوحد الجميع ويحافظوا على مكتسبات الثورة.
وأوضح أن هناك سيناريوهات أثارها خصوم الإسلاميين هى، الابتزاز الطائفى والفوضى، محذرا من ثورة جياع بسبب المطالب الفئوية وتعطيل الإنتاج والعمل، مضيفا أنه من السيناريوهات التى يمكن أن تحدث أيضا أن يحمل الإسلاميون فاتورة الفشل، فالحكومة التى تأتى بعد الثورة محملة باحتمالات الفشل أكثر من احتمالات النجاح بسبب تراكم المشكلات والانقسامات والأزمات، مضيفا أن الإسلاميين إذا أرادوا طرح أنفسهم كشريك فى صياغة مستقبل مصر فيجب أن يتجنبوا سيناريو التشرذم الإسلامى ويطرحوا سيناريو آخر هو التعاون الإسلامى مع الإسلاميين والتيارات الأخرى وغير الإسلاميين، مؤكدا أن هناك فرصة غير مسبوقة لتحقيق النهضة التى أتاحت الثورة مقوماتها من العدالة الاجتماعية والقانونية والحرية والكرامة.
وطالب بالتوحد والتكاتف من أجل وضع مشروع للنهضة التى لا يستطيع أى تيار أن يحققها بمفرده، فالإسلاميون يرون غيرهم أنهم شركاء فى صناعة مستقبل مصر والإسلام يطلب من غير المسلم أن يتفاعل فى صياغة مستقبل الوطن، ولا يقصى أحدا، مشيرا إلى أن الإسلاميين على وجه الخصوص يقدمون الصورة الصحيحة للإسلام الوسطى المعتدل المتسامح، وطالب التيارات الإسلامية بوضع روشتة لعلاج الفتنة الطائفية والتطلع للوصول للحوار.
فى مؤتمر حول "التيار الإسلامى ومستقبل مصر السياسى".."دربالة" يحذر من سيناريو التشرذم.. و"حبيب": النظام السابق استخدم الإسلاميين كفزاعة لتسويق نفسه لدى الغرب
الجمعة، 29 أبريل 2011 06:03 م
مؤتمر حول "التيار الإسلامى ومستقبل مصر السياسى"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة