◄◄ إذا أثبتت الشرطة ولاءها للشعب المصرى وحمت الثورة من البلطجية فأهلاً بالعيد
فى 25 يناير من العام المقبل، ستمر الذكرى الأولى للثورة المصرية الأجمل فى التاريخ، وسيحمل نفس اليوم ذكرى أخرى، عيد الشرطة، كان بسببها يحتفل رجال الشرطة فى مصر بعيدهم، وهى ذكرى وقوف البوليس المصرى أمام المستعمر الإنجليزى ورفضه إخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية، وتسليم أسلحتهم، فبأيهما سنحتفل، وإلى أى من الاثنين نميل؟
الإجابة المتسرعة بالطبع ستؤيد الاحتفال بعيد الثورة الأول، وتناسى ما كان حبيب العادلى ورجاله يسمونه بعيد الشرطة، لكن المناسبة لا تخص الشرطة، فهى جزء من تاريخ مصر شئنا أن أبينا، وأبطال الشرطة الذين استشهدوا فى موقعة الإسماعيلية أبطال رغم أنف الجميع، والموقعة أكثر من 50 ضابطاً سقطوا فى مواجهة الاستعمار.
سيقول قائل: لكن ثورة يناير أيضاً كان بها العديد من الشهداء على أيدى الشرطة، ومن ينكر ذلك يكاد يكون خائنا لله والوطن، وبرغم هذا كله لا يجوز لنا أن نلغى الماضى البعيد لحساب الحاضر القريب، فكل من شهداء الشرطة فى 1952 وشهداء مصر فى 2011 ماتوا فى سبيل هذا البلد، ومن حقهم علينا أن نحتفل بهم لأن هدفهم كان حماية مصر والدفاع عنها وبناء مستقبلها وصيانة شرفها.
هل نحتفل بالعيدين؟ إذا احتفلنا بالعيدين نكون قد أوجدنا مخرجا مناسباً للمأزق، لن نبخس حق شهداء الشرطة، ومن ناحية أخرى سنحتفل بشهدائنا من شباب مصر الأروع الذين هتفوا «سلمية سلمية» وسقطوا برصاص الغدر من قناصة الطاغية، إذا كنت ترتضى بهذا الحل التوافقى فليس عليك لوم، لكننى حتى الآن لا أتوافق معه ولا أستسيغه وهذه هى أسبابى.
لم ينس الشعب المصرى أبداً أن قوات الشرطة المصرية «للأسف» استجابت لمخطط الانفلات الأمنى، وفتحت السجون والمعتقلات ليعيث السجناء فساداً فى البلاد ولتعم القلاقل فى كل اتجاه، لن ينسى المصريون أنهم سهروا ليالى طوالا أمام بيوتهم وشوارعهم معرضين حياتهم للخطر ليصدوا هجمات البلطجية البربرية عن بيوتهم التى انتُهِكت حرماتها ورُوِّع أهلها، لم ينسوا أن قوات الأمن المركزى التى كانت تقدر بعشرات الآلاف اصطفت فى الشوارع والميادين والحارات لترهب أبرياء خرجوا من بيوتهم ليعبروا عن رأيهم، وما أن فشلوا فى قمع المتظاهرين حتى اختفوا تاركين من يجب أن يقبضوا عليهم ينشرون الدمار ويهددون الآمنين، ولم ينس الشعب أن معتقلات الداخلية نالت من أبنائهم وبناتهم ومثقفيهم ومفكريهم وأذاقتهم مر الجحيم، ولا مؤامرات جهاز أمن الدولة »المنحل« ومحاولاته الدائمة لدعم القوى المضادة وتأجيج الصراع بين أبناء الشعب الواحد، ولا ما اقترفوه من جرائم فى موقعة الجمل التى أكد تقرير تقصى الحقائق أن بعض أفراد الشرطة خططوا لها وشاركوا فى تنفيذها، كما لن ننسى جرائم وانتهاكات أمن الدولة.
إذا كنت قد تسامحت مع هذه الأفعال وقلت عفا الله عما سلف، ونفتح صفحة جديدة، فمن حقك، لكن ليس من حقك أن تعارض من يتبنى وجهة نظر مخالفة لوجهة نظرك، فأنت تمتلك مساحة من السماحة تسمح لك بالغفران، لكن غيرك لا يتمتع بمثل هذه المساحة، خاصة لو كان قد اكتوى بنارهم ولوجهة نظره ما يؤيدها، خاصة أن قوات الشرطة التى كانت تقدر بمئات الآلاف مازالت تتقاعس عن أداء مهامها كما لو كانت تريد أن تشترط أن ترجع لسياسات العهد البائد لتعود إلى عملها، وألا تلتزم فيما بينها بالقانون مقابل أن تطبق القانون على من خرج عنه، والأمثلة على ذلك كثيرة، وفى كل يوم حادثة تلى الأخرى ورد الفعل واحد، المصيبة تعقبها مصائب، والتصرف لا يتغير, الجملة الوحيدة التى تسمعها الشرطة جت ومعملتش حاجة، أو الشرطة مرضيتش تيجى، وفى أحيان أخرى ترفض حتى استلام الاستغاثة من الأساس، ولا أحد يعرف من الذى حجز لهم مقاعد فى مدرجات المتفرجين.
أنا وأنت وشعب مصر كله فى احتياج للشرطة، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى ينعم فيه شرفاء هذا الوطن بالأمان، وأن ينال مجرموه العقاب العادل، وحتى الآن لم أفقد الثقة مطلقاً فى جهاز الشرطة، فمنهم الفاسد، ومنهم الشريف، ومثلها مثل أغلب الشعب المصرى يريد أن يفتح صفحة جديدة تقوم على الاحترام المتبادل، والشراكة فى بناء مصر الجديدة، وأتمنى من كل قلبى أن يأتى اليوم الذى أقابل فيه رجل الشرطة فى الشارع فأشعر بالأمان وأنظر إليه وأبتسم، وأضرب له تعظيم سلام كمان، وأهتف لهم كما هتفت للجيش «الشرطة والشعب إيد واحدة» لكن بشرط أن تثبت الشرطة أنها ستحمى الثورة من البلطجية وأن تعود إلى معناها الأصلى وواجبها الأول، وهو حماية مصر وقانونها ودستورها ومبادئ حقوق الإنسان، وأن يضحى رجالها «بجد» من أجل الوطن ليكونوا امتدادا مشرفا لضباط مصر الأبرار الذين ضحوا بحياتهم فى موقعة الإسماعيلية 1952، تسألنى: وهل وقتها سنحتفل بعيد الثورة وعيد الشرطة فى وقت واحد؟ أجيبك: طبعاً.. دول أهالينا وانضموا لينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة