قال الكاتب الكبير بهاء طاهر إن أجمل ما فى كتاب "مائة خطوة من الثورة" سمة الفوضى التى كتب بها الشيطى كتابه، لافتا إلى أن السرد البسيط لوقائع الحدث أفضل بكثير من الالتفاف حولها وتحليلها بمعان صعبة، مشيرا فى ذلك إلى الحوار العبثى الذى كتبه الشيطى عن رجل لم يعرفه والتقى به فى الميدان.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مساء أمس بمكتبة "أ" لمناقشة كتاب "مائة خطوة من الثورة" لأحمد زغلول الشيطى، وحضرها كل من الكاتب الكبير بهاء طاهر وصنع الله إبراهيم والدكتور فتحى أبو العنين وعبد العزيز جمال الدين والكاتب الصحفى سيد محمود.
وأشار طاهر إلى أن الشيطى جرد نفسه من مشاعره ولم يفرط فى الحديث عواطفه أثناء كتابته للحدث، مؤكداًَ أن هذا الأسلوب فى الكتابة سيحفز كثيراً من الكتاب الشاب ليبتعدوا عن الذاتية المفرطة فى الكتابة، ويخرجوا من شرنقة أدب التسعينيات، معتبرا أن هذا النوع من الكتابة تحول إلى استبطان مرضى وهذا ما يثير انزعاجه أثناء قراءة هذه الأعمال.
وأضاف طاهر أنه قرأ الكثير من الكتابات لكبار المبدعين حول الشخصية المصرية، وكانوا كثيرى التجريح فيها ولكنه لم يتأثر بها، مشيرا إلى أنه كان يؤمن أكثر بكتابات محمد عودة الذى كان لا يطيق أن يسمع كلمة فى حق المصريين أو أى نقد للشخصية المصرية لأنه كان يؤمن بأن المصريين سيفعلون يوماً ما شيئاً عظيماً.
بينما شبه الكاتب الكبير صنع إبراهيم كتاب الشيطى بالتقرير الأدبى، قائلا إن الكتاب يقع بين كونه قصة ورواية، مشيرا إلى أنه افتقد الكثير من العناصر التى كان لديه رغبة فى معرفتها كقارئ.
واستنتج إبراهيم السبب الرئيسى فى افتقاد نص الشيطى بعض التفاصيل الشيقة إلى انشغاله فترة كبيرة عن الكتابة زعما عنه، وأنه لا توجد مادة للكتابة عنها، ثم وجد نفسه فجأة أمام حدث جلل كسر جموده فاستأنف الكتابة، مطالبا الشيطى أن يكتب عملا أدبيا آخر كجزء ثانى لهذا الكتاب يكون أكثر أدبية وأكثر إبداعا، مشيرا إلى أن الكتابة اللحظية عادة ما تكون أكثر سطحية وسذاجة، وذكر أنه ظل 40 عاما يكتبه فى رواية "التلصص".
بينما شبه محقق النصوص التاريخية عبد العزيز جمال الدين ثورة المصريين بفترات فيضان نهر النيل التى تعود بعد ذلك على المصريين بالخير والتربة الخصبة، مؤكدا أن العدالة التى ينادى بها المصرى القديم نابعة من قيامه على ضبط شراسة نهر النيل.
واعتبر جمال الدين كتاب الشيطى امتداداً لعمل مؤرخين كبار أمثال ساويرس ابن المقفع والجبرتى الذين كانوا يبدون أدباء أكثر منه مؤرخين، مؤكدا على أن كتابة التاريخ تميل غالبا إلى فن الحكاية.
بينما قال الكاتب الصحفى سيد محمود إن الشيطى برع فى رسم جغرافية وتصوير ميدان التحرير، مضيفا إلى ذلك أن ملمح اكتشاف الجيران فى كتابه كان من العوامل المهمة جدا.
وأشاد محمود باختيار الشيطى لأسلوب اليوميات فى كتابته، لافتا إلى أنه من خلال يومياته لم يصدر للقارئ أفكاراً خارجية أو قناعات خاصة به.
بينما لفت الكاتب محمد فتحى صاحب كتاب "كان فى مرة ثورة" إلى ملاحظة شكلية على اسم الكتاب حيث قال إن اسم الكتاب على الغلاف "مائة خطوة من الثورة" بينما على كعب الكتاب "مائة خطوة باتجاه الثورة"، وأشار فى ذلك إلى طبعة الكتاب بدار ميريت، مشيرا إلى أن هذه الملاحظة تغير من معنى الكتاب ومفهومه.
كما أبدى إعجابه الشديد بعبارة استخدمها الشيطى فى وصف ميدان التحرير عندما قال "ميدان التحرير تحول لسجل مدنى كبير"، مشيرا إلى أن اختيار شكل اليوميات للكتاب قريب من المنطق جدا وأكثر حميمية للقارئ.
كما أبدى فتحى انزعاجه ممن ألقوا باتهامات سريعة على من قام بكتابة عمل عن الثورة عقب تنحى مبارك، والتى قالوا فيها إن هؤلاء الكتاب يتاجرون بالثورة، مؤكداً أن هذه اللحظات التى عايشها المصريون فى ميدان التحرير طوال الـ18 يوما بها الكثير من التفاصيل لا تستدعى الانتظار، وكان لا بد من كتابتها حتى لا تمحى من الذاكرة.
بينما شبه الكاتب محمد صلاح العزب كتاب الشيطى بكاميرا "ديجتال" كانت تسجل الأحداث مصحوبة بتعليق صوتى من الكاتب، مشيراً إلى أن هذا النوع من الكتابة نادر جدا ونحتاج فى هذا الموقف تحديدا معرفة وجهات نظر متعددة وتجارب مختلفة.
وأثنى العزب على الشيطى أنه اجتهد فى كتابة هذه اليوميات، ولم يتناسَ دوره ككاتب، وكان يعود لمنزله يسجل الأحداث لحظة بلحظة، مشيرا إلى أن هذا تصرف إيجابى منه لأن غيره اكتفى بالمبيت فى الميدان فقط. بينما قال الكاتب الدكتور بهاء عبد المجيد إن أكثر ما تميز به كتاب الشيطى أن لغته فيها رحيق جيل الستينيات.
ورداً على سؤال من مدير الندوة لصنع الله إبراهيم بخصوص انضمامه لحزب التحالف الاشتراكى، قال إبراهيم إنه متوقع أن ينجح هذا الحزب فى عودة التطبيق الصحيح للنظام الاشتراكى، لافتا إلى أن النظام السابق تعمد تشويه المفهوم الحقيقى للاشتراكية، كما أن التطبيق الخاطئ للفكرة من قبل بعض الدول مثل ليبيا والعراق ساهم بشكل كبير فى تشويهها.
وأكد إبراهيم أن هذا الحزب لو قام بالتطبيق الصحيح لها من خلال الفعل وتنحية "المكلمات" جانبا – حسب تعبيره - سوف ينجح بشكل كبير، مشيرا إلى أنه بدأ بالفعل فى التطبيق للفكرة، حيث تجمع الكثير من الأطباء الشباب، واقترحوا فكرة أن يقوموا بالمرور على المنازل فى المناطق الفقيرة ليعالجوا المرضى بأسعار رمزية أو مجانا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة