تقرير لجنة تقصّى الحقائق.. أول وثيقة رسمية لثورة 25 يناير تتهم مبارك والعادلى بقتل المتظاهرين

الجمعة، 29 أبريل 2011 12:11 ص
تقرير لجنة تقصّى الحقائق.. أول وثيقة رسمية لثورة 25 يناير تتهم مبارك والعادلى بقتل المتظاهرين محمد حسنى مبارك
محمود سعد الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ التقرير يكشف امتناع وزارة الداخلية عن تقديم معلومات عن مخازن الأسلحة بقطاعات الأمن المركزى أو إطلاع اللجنة على محتوى جهاز تسجيل الإشارات بالوزارة
◄◄ طبخ سيناريو إشاعة الفوضى تم فى «الداخلية».. والعثور على وثيقة عليها شعار الوزارة وعبارة «سرى للغاية» تتضمن أمراً بتوظيف البلطجية

لا يعد تقرير لجنة تقصى الحقائق أرشيفا معلوماتيا عن موقعة الجمل والمتورطين فيها من كوادر الحزب الوطنى وكبار شخصيات النظام السابق، بقدر ما يعد أول وثيقة رسمية عن ثورة 25 يناير تتضمن حصراً رسمياً لأعداد الوفيات والمصابين والمعتقلين والهاربين من السجون، بل أول وثيقة تضع وصفاً لأحداث ما قبل ثورة 25 يناير والدوافع لتلك الثورة ووقود اشتعالها، مروراً بالشرارة الأولى فى انطلاقها والمراحل العصيبة التى مرت بها من دهس المتظاهرين، وإطلاق الرصاص الحى عليهم، واستخدام القنابل المسيلة للدموع فى تفريقهم، وإطلاق القناصة الرصاص عليهم فى مناطق فى الرأس والصدر من أعلى الجامعة الأمريكية وفندق هيلتون رمسيس، ونهاية برصد دقيق لأحداث جمعة الغضب وجمعة الرحيل وخطاب التنحى وما صاحبه من إفيهات المصريين عن «الراجل اللى واقف ورا عمر سليمان».

التقرير جاء فيما يزيد على 300 صفحة تم إرسال نسختين منه إلى النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود وإلى المستشار الدكتور محمد عبدالعزيز الجندى، وزير العدل، ولم يحصل عليه الصحفيون، بل حصلوا على ملخصه الذى جاء فى 50 صفحة خالية تماماً من أى قوائم لأسماء المتورطين فى موقعة الجمل أو اقتحام أقسام الشرطة أو المتسببين فى تهريب المساجين أو حتى دهس المواطنين بتلك السيارة الدبلوماسية البيضاء التى يقشعر جسد أى مواطن عندما يرى ذلك الفيديو على المواقع الإلكترونية.

غير أن الفصل الأول من التقرير يعد بمثابة أمر إحالة الرئيس السابق حسنى مبارك وحبيب العادلى وزير الداخلية إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد للمتظاهرين مع سبق الإصرار والشروع فى قتل آخرين، وذلك لما تضمنه الفصل الأول من شرح تفصيلى لماهية إصدار أوامر باستعمال الأسلحة النارية وإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين، حيث جاء بالتقرير أن المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة قالت إن أمر استعمال الشرطة السلاح لفض التظاهر يجب أن «يصدر من رئيس تجب طاعته متى تعرض الأمن العام للخطر»، والأكيد فى ذلك أنه ليس هناك أى رئيس تجب طاعته فى قطاع الشرطة بقدر الرئيس السابق، بصفته الرئيس الأعلى لهيئة الشرطة ووزير الداخلية الأسبق.

قطع الاتصالات الهاتفية وخدمة الإنترنت كان الصدمة الكبرى لصانعى الثورة من الشباب، وذلك لأن النت أو الفراغ الإلكترونى هو ذلك المجتمع الذى تلاقوا فيه وتوحدوا فى كرههم للنظام الفاسد واتفقوا فيه على الثورة عليه، ومن هنا كان حرص لجنة تقصى الحقائق على التوصل إلى معلومات جدية فى ذلك الأمر، وهو ما تم بالفعل، حيث تولت اللجنة سؤال الدكتور عمرو بدوى، الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، الذى كشف عن أنه فى يوم 23 يناير الماضى دعاه ممثلو الجهات الأمنية لاجتماع ضم ممثلى شركات المحمول الثلاث، وتم تشكيل غرفه طوارئ لإعطاء الأوامر الخاصة بتشغيل وقطع خدمات الاتصالات تطبيقا للمادة 67 من قانون الاتصالات، لوجود حالة ضرورة قصوى تمس الأمن القومى، وأصدرت الغرفة أمرا بقطع خدمات الاتصال يوم 27 يناير فى الساعة العاشرة صباحا وإعادتها يوم 29 يناير 2011 فى حوالى الساعة 9.30 صباحا، أما خدمة الإنترنت فتم وقفها يوم الجمعة 28/1 وعادت صباح يوم 5/2 /2011.

مؤكداً أن هذا القطع لم يسبق حدوثه فى أية دولة فى العالم وكان له تأثير سلبى على سمعة مصر الدولية.

ثالثة النقاط الهامة التى تستحق قراءة متأنية فى تقرير لجنة تقصى الحقائق هى حالة الانفلات الأمنى وسيناريو انسحاب الشرطة، فبقدر كل الروايات التى تناقلتها وسائل الإعلام فإن اللجنة انتهت إلى انسحاب منظم للضباط وارتداء الزى المدنى بعد صدور أوامر بذلك، ودللت بعدة روايات من بينها ما قرره أحد أطباء قصر العينى من أنه فى حوالى الساعة الخامسة مساء لاحظ حرس المستشفى يخلعون ملابسهم الرسمية ويرتدون ملابس مدنية، فضلاً عما شوهد فى أحد شرائط الفيديو المذاعة فى القنوات الفضائية من انسحاب قوات الأمن المركزى بشكل منتظم يوحى بصدور أمر بالانسحاب.

استمراراً لانسحاب الشرطة وما ترتب عليه من انفلات أمنى وانتشار للبلطجية، فقد كشفت اللجنة عن حصولها على صورة ضوئية لوثيقة معنونة «وزارة الداخلية مكتب الوزير» وعليها الشعار الخاص بوزارة الداخلية، ثابت بها عبارة سرى وهام للغاية تحمل رقم تعميم 1-60 /ب/م ت، تضمنت أمرا بتوظيف عدد من البلطجية، وإعطائهم مبالغ مجزية، مع إبلاغهم بوقت التحرك لإشاعة الفوضى فى البلاد.

تلك الوثيقة تتزامن مع ما كشفه أحد الفيديوهات لدى لجنة تقصى الحقائق من تورط بلطجية بعينهم فى حريق الحزب الوطنى كانوا يستقلون سيارة تحمل رقم (ف و8516)، وظهر أحدهم بوضوح فى مقطع الفيديو، بما يؤكد أن الحريق لم يكن همجيا بل مدبراً.

الداعم لتورط الداخلية فى نشر البلطجية كان شهادة فى غاية الخطوة وردت بتقرير للدكتورة منال البطران قالت فيه إن شقيقها المرحوم اللواء محمد البطران حادثها تليفونياً قبل مقتله وقال: «حبيب العادلى أحرق البلد، وأن هناك ثمانية عشر قسم شرطة تم فتحها وخرج منها المساجين وإن تكرر الأمر فى السجون فستكون كارثة، وإنه لن يسمح بذلك».

دلائل الاتهام المتشابكة نحو تورط الداخلية تجسدت أيضاً فى سيارات دهس المواطنين أوقات الفوضى، حيث توصلت اللجنة إلى سيارتين استخدمتا فى دهس المواطنين، كانتا فى طريقهما للتفكيك وإلغاء معالمهما حتى إنه تم إزالة المحركين والأبواب والزجاج، ولم يتم الاستدلال عليهما إلا برقم الشاسيه، فاللجنة أكدت أنها عثرت على السيارتين أمام نقطة شرطة فم الخليج وقسم مصر القديمة، وهو الأمر الذى يدلل على تورط أجهزة الأمن، خاصة أنه عند الاستعلام عن هوية السيارات فى الجمارك والمرور تبين عدم تسجيلهما تماما فى أى من الجهتين.

النقطة الأخيرة ضمن سيناريو الداخلية لإشاعة الفوضى هى اقتحام السجون وتهريب المساجين وكان الهدف الأساسى فيها تهريب أكبر عدد من المساجين فى السجون القريبة من القاهرة، لإشاعة الرعب والفزع فى قلوب ساكنى القاهرة، وهو ما أكدته مقاطع فيديو حصلت عليها اللجنة من قيام أشخاص يرتدون زياً أسود اللون متشابه الشكل يماثل الزى الذى يرتديه أفراد الأمن المركزى، ويقومون بفتح غرف السجن، فضلا عن مشاهد أخرى من أفراد من قوات الأمن المركزى بالزى الرسمى وهم يحثون المساجين على سرعة الخروج من سجن وادى النطرون.

المفاجأة الكبرى التى جاءت بالتقرير هى أن وزارة الداخلية حتى وقتنا هذا امتنعت عن إرسال المعلومات التى طلبتها اللجنة عن دفتر أحوال مخازن الأسلحة الموجودة بقطاعات قوات الأمن المركزى خلال الفترة من 25 وحتى 31 يناير، وامتنعت أيضا عن إطلاع اللجنة على محتوى جهاز تسجيل الإشارات الموجود بالوزارة أو حتى الكشف عن غرفة عمليات الإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزى خلال ذات الفترة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة