اختلف النقاد حول تقييمهم الكتابات الكثيرة التى أغرقت الساحة الأدبية فى الفترة الأخيرة، والتى عبرت مواضيعها عن مواقف كل كاتب فى الميدان وتوثيق للحظات معينة فى حياة الثورة من وجهة نظر كل كاتب وحسب مشاعره.
فمنهم من رأى أن هذه الكتابات ضعيفة البناء الفنى ولم يكتمل نضجها لعدم اكتمال الحدث، ومنهم من اتجه إلى أن البعض منها جيد والبعض الآخر لا يتعدى كونه رصد صحفى، بينما كان رأى آخر قال صاحبه، إن هذه الأعمال بالغة الأهمية حتى لو كانت سطحية لكونها توثق لحظات قد يمحوها تأكل الذاكرة.
قالت الناقدة الدكتورة أمانى فؤاد، إن الكتابات التى صدرت مؤخراً عن ثورة الخامس والعشرين من يناير ضعيفة جدًا، مشيرة إلى أن القصور ليس فى الشعراء أو الكتاب، لكن الحدث لم ينضج بعد حتى نستطيع أن نقول إن كتابتهم كاملة من الناحية الفنية وكل ما يستطيع أن يستوعب تلك الفترة المقالات الصحفية فقط.
وأضافت فؤاد، أن الكتابات التى عرضت عليها فى الفترة الأخيرة من روايات وقصص قصيرة كلها تفتقد للبناء الفنى للنص الأدبى الصحيح، مؤكدة أن أغلبها لم يتعدَ فكرة رصد حالة ميدان التحرير طيلة الثمانية عشر يوماً أثناء اعتصام الثوار والمواقف التى مر بها كل كاتب أثناء تواجده فى الميدان.
وذكرت فؤاد موقف لها وهى تعطى محاضرة لطلبة فنون مسرحية عن أشعار الثورة، مشيرة إلى أنها وجدت فى قصيدة "الكعكة الحجرية" للشاعر الكبير أمل دُنقل معانٍ كثيرة تعبر عن المواقف التى نمر بها، مؤكدة أن نص دُنقل كان فيه نوع من العمق ومشهد فنى تشكيلى جميل.
وشبهت فؤاد الكتابات الجديدة الحالية من رواية وشعر أو حتى رصد لبعض المواقف بفن اللحظة، مشيرة إلى أن هذا النوع من الفن فيه نوع من التحفيز ولا يوجد فيه إحاطة بكل النتائج المترتبة على الحدث، مضيفة أن الفن الأدبى عبارة عن رؤية وتشكيل إن لم يتوافر هذين العنصرين يفتقد العمل جماله الفنى.
قال الناقد الدكتور أحمد درويش رئيس لجنة النقد الأدبى بالمجلس الأعلى للثقافة، إن بعض الأعمال الأدبية التى تناولت الحديث عن الثورة خلال الأيام القليلة الماضية يصلح لرصد الفترة الراهنة والتعبير عنها بشكل جديد، مشيراً إلى أن الشعر كجنس من الأجناس الأدبية يصلح لتسجيل لحظة الغليان دون انتظار لينتهى الحدث.
وأضاف درويش أما بالنسبة للأنواع الأدبية الأخرى كالقصة والرواية فبعض منها مقبول، مستشهدا بالعمل الذى قدمه الكاتب قاسم مسعد عليوة، وهو "أيام الثورة فى بورسعيد"، قائلاً: إن هذا العمل عبارة عن رصد لأيام ثورة 25 يناير فى محافظة بورسعيد لكن يتوافر فيه العناصر الفنية الكاملة للكتابة الأدبية ويستحق الكتابة قبل أن تضيع التفاصيل، مشيراً إلى أن بعض الأعمال الأخرى غير مقبولة على الإطلاق، مشبهاً إياها بالرصد الصحفى وليس بالعمل الأدبى المتكامل.
بينما يرى الناقد الدكتور عماد عبد الطيف أن هذه الكتابات بالغة الأهمية فى اللحظات التى كتبت فيها، مشبها إياها باللوحات الطبيعية المعبرة بصدق عن لحظات قد يمحوها تأكل الذاكرة بمرور الوقت، مشيراً إلى أنها حتى لو كانت سطحية ولم يحدث عليها مونتاج لكنها وليدة لحظات مهمة والأهم أن كل منها يعبر عنها كاتبها حسب مشاعره.
وأضاف عبد اللطيف، أن هذه الكتابات تقوم بدور توثيقى بالغ الأهمية للثورة من حيث المواقف والشعارات، مشيراً إلى أن الأعمال التحليلية العميقة تحتاج لمسافة كبيرة من الوقت لتكشف عن المناطق العمياء فى الثورة مثل دور القوات المسلحة، ودور القوى الخارجية، مؤكداً أن هذه الجوانب لم تتضح فى ذلك الوقت وتحتاج لتأمل أكثر للوصول لنتائج حاسمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة