يغادر القاهرة غداً الجمعة، وفد الدبلوماسية الشعبية متجهاً الى أديس أبابا، لبحث قضية "مياه النيل" بين مصر وأثيوبيا، فى محاولة لإنهاء الأزمة.. فهل ينجح وفد الدبلوماسية الشعبية فى مهمته، بعد فشل الدبلوماسية الرسمية على مدار سنوات طويلة؟ سؤال يطرح نفسه حالياً بقوة، خاصة بعد نجاح الدبلوماسية الشعبية فى إقناع الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى بتجميد التصديق على الاتفاقية الإطارية "عنتيبى" لمدة عام، حتى تستقر الأوضاع فى مصر ويتم انتخاب رئيس جمهورية وبرلمان جديد، فالتشاور المستمر على كافة المستويات بين مصر وزعماء القارة السمراء ولاسيما قادة دول حوض النيل يخلق قاعدة لبناء الثقة المتبادلة، والتى تساعد على حل الأزمة.
يقول الدكتور هانئ رسلان، رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن سفر وفد الدبلوماسية الشعبية عمل إيجابى هام، لأنه سيساعد بشكل أساسى فى تعديل الصورة السلبية والإعلامية الخاطئة لمصر، لدى شعوب بلدان حوض النيل، لأنهم يرونها دولة استعمارية ذات تاريخ استعمارى سابق، وتتصرف بشكل أنانى حتى لو كان ذلك على حسابهم، لافتاً بأنه لا يجب أن ننتظر إلغاء أثيوبيا لمشروعاتها لأن هذه مصالح دول وأدوار إقليمية.
ويرى الخبراء، أن دعم العلاقات مع دول حوض النيل، وفى مقدمتها أثيوبيا، أهم مدخل لإنهاء الأزمة المستمرة بشأن مياه النيل بين دول المنبع والمصب، فمن الممكن أن تكون أثيوبيا كدولة تجاوز عدد سكانها80 مليون نسمة لديها حق فى تنفيذ خطط تنمية لحاجتها إلى تلبية متطلبات سكانها واحتياجاتهم التنموية، فليس من المعقول ترك قطاع كبير من سكان أثيوبيا يعانى من نقص فى إمدادت المياه والطاقة، ونقص البنية الأساسية، فالجفاف والتصحر المنتشر فى أغلب الأراضى الأثيوبية، يجعل إقامة المشروعات المائية الكبرى أمراً فى غاية الصعوبة، فى الوقت الذى تعتبر فيه أثيوبيا أكبر مساهم فى مياه نهر النيل من حيث كمية الأمطار التى تهطل عليها، وبالتالى فهى ترى ضرورة تعديل الاتفاقيات السابقة التى أبرمت عامى1929 و1959، لأنها من وجهة نظرها لا تحقق مصالح دول المنابع، فى حين أنها تحقق مصالح دولتى المصب "مصر والسودان"، وبالتالى فهم يرون أنهم فى حاجة إلى تعديل هذه الاتفاقيات.
كما يؤكدون أن الرغبة المصرية فى حل تلك الأزمة تستوجب عليها أن تقوم بدور إقليمى بارز، يعيد ريادتها للقارة السوداء، وخاصة منطقة حوض النيل، ويأتى ذلك بمبادرتها بتنفيذ الاتفاقيات التى وقعتها مع أثيوبيا والكونغو فى التسعينيات لمساعدتهم فى إقامة مشروعات التنمية، والعمل على إنشاء تجمع إقليمى يضم دول الحوض لإعادة التبادل التجارى معها، بدلاً من ترك ذلك للصين وإيطاليا وإسرائيل، كما فعلت حكومة الرئيس السابق التى تركت مكانها الطبيعى فى دول حوض النيل، وأعطت الفرصة لتلك الدول بعقد اتفاقيات مع دول الحوض الفقيرة جداً بسبب الحروب الأهلية التى قضت على التنمية فيها، وجعلها تلجأ لمن يحاول أن يخرجها من ذلك الوضع حتى لو كان ذلك على حساب الغير.
وفى حالة تعاون مع مصر مع دول الحوض فى مقدمتهم أثيوبيا سيدعم موقفها ويجعها ذات ريادة حقيقة، وبالتالى فلن يكون من مصلحة تلك الدول إنشاء سدود تتسبب فى إلحاق الضرر بمصر، فهم ليسوا فى حاجة إلى المياه ولكن احتياجهم هو إلى الطاقة - ووفقاً لتأكيدات خبراء المياه فإن إقامة سدود على النيل الأزرق أمر صعب من الناحية العملية، بسبب الطبيعة الجغرافية والمناخية لأثيوبيا، فهى عبارة عن "هضبة شديدة الارتفاع عن سطح الأرض بـ٤٦٢٠ متراً فوق سطح البحر، كما أنها تنحدر ١٠ أمتار كل كيلومتر مربع،" وفى مناطق أخرى تعانى "شدة الانخفاض عن سطح البحر" الأمر الذى يؤثر بالسلب على بناء السدود ويدمرها، ومن ناحية التكلفة المالية التى لا تستطيع توفيرها، وهو ما جعلها تلجأ إلى الاكتتاب الشعبى.
الدبلوماسية الشعبية تغادر القاهرة غداً إلى أثيوبيا.. وتحمل ورقة دعم العلاقات مع أديس أبابا.. وخبراء :يجب مساعدة دول حوض النيل فى مشروعاتهم التنموية.. وهانئ رسلان: سفر الوفد يعدل الصورة السلبية
الخميس، 28 أبريل 2011 02:23 م