منذ نجاح الثورة وأنا أنظر يمنة ويسرة فلا أرى حولى إلا المؤتمرات والندوات والحلقات والمناظرات، كأن الثورة كانت من أجل تحريك الألسنة وإن كان هذا من ثمراتها!
استغرق الجدال حول التعديلات الدستورية ثلاثة أسابيع لم نكن نرى فيها إلا قوات (نعم) فى مقابلة قوات (لا) فى ميدان الفضائيات لينتهى الجدل بغزوة الصناديق (على رأى القائل) التى قال فيها الشعب كلمته وكنت أتمنى أن تنتهى الغزوة وينتهى معها الجدل, هيا نحو العمل والإنتاج, ولكن للأسف دخلنا فى شكل آخر من أشكال الجدل العقيم حول شكل الدولة: هل هى مدنية أو مدنية بمرجعية إسلامية أو إسلامية من منظور بعض الناس وهذه الحلقة المغلقة لم نخرج منها حتى يومنا هذا!
فى حين أن المؤسسات التى تدير الدولة فى وضع لا تحسد عليه:
الجيش يقوم بدور جيش وشرطة وحكم فى آن واحد!
والشرطة أشبه ما يكون بالرضيع الذى يتعلم المشى يقف مرة ويسقط مرات, ولو سألت الناس العادية عن مدى شعورهم على الأقل بالأمن, فأسف إن قلت إن الإجابة ستكون مترددة إلى حد بعيد والاقتصاد فى مأزق والميزانية تشكو من عجز صارخ من ضعف السياحة, والضرائب وخفافيش الثورة المضادة تعمل بلا هوادة وآخر إفرازاتهم تفجير خط الغاز الطبيعى للمرة الثانية بعدما تم تفجيره خلا أسبوع الصمود أثناء الثورة.............والخ.
فهل نخرج من شهر العسل الجدلى إلى شهر العمل الفعلى؟
أمامى عدة مقترحات للتنفيس بعد الشىء من حدة هذه الأزمات.
1- ألا يمكن عمل صندوق قومى لدعم الاقتصاد يقوم على جمع التبرعات من كل الشعب على أن تكون الإيصالات مطبوعة بأرقام وزارة المالية حتى نضمن أن تضع الدولة يدها على كل مليم يدخل هذا الصندوق، وتستطيع جميع شرائح المجتمع المساهمة الإيجابية فى تفعيله:
الصوفية على سبيل المثال لو قامت بجمع الأموال التى فى صناديق النذور ووجهت أفرادها للتبرع لهذا الصندوق بدلا من ذبح العجول لأسيادنا ومشايخنا الذين تنتشر موالدهم وأضرحتهم فى سائر القطر المصرى وسوف يكون هؤلاء الأولياء فى غاية السعادة بهذا العمل وسيرتهم الحياتية تشهد بذلك! إذا لجمعت عشرات بل مئات الملايين!
2- الجمعية الشرعية، التى تنتشر مكاتبها فى قرى ونجوع البلاد, ماذا لو دخلت على الخط وهى تحظى بثقة قطاع واسع من الشعب وتبنت المشروع لمدة شهر واحد فقط!
3- الإخوان المسلمون الذين يديرون جماعة تمتلك هذا الزخم الشعبى، ماذا لو دخلت على الخط؟
4- طبقة رجال الأعمال الشرفاء والذين ينفقون الملايين فى دعم الأندية وغيرها من الأنشطة الثانوية ونحن نترنح تحت وطأة المشاكل!
5- الإخوة الأقباط وهم يمثلون قوة اقتصادية هائلة، ماذا لو دخلوا على الخط ؟ وكم ستكون مساهماتهم؟
6- التبرعات لبناء المساجد والكنائس وهى بالملايين ونحن لا نعانى أزمة مساجد ولا كنائس بل نعانى وفرة فى المبانى وقلة فى المصلين!
7- اللبيراليون من أحزاب و مؤسسات ماذا عنهم؟
8- الرياضيون والفنانون وهم أصحاب ملايين فى معظمهم وأجر مسلسل الواحد منهم أو فيلم قد يفوق أجر الموظفين فى محافظة كاملة ماذا عنهم؟
9- طلاب الجامعات والمدارس: أذكر يوم أن كانت ماما سوزان تجمع الأموال لمستشفى 57 وقام أحد حوارييها الذى كان وزيرا للتعليم فى وقته بإخبارها أن عنده 16 مليون تلميذ سيجمع منهم 16 مليون جنيه وقام آخر بطباعة استمارات التبرع على نفقة إحدى المؤسسات الصحفية كان التلاميذ فى المرحلة الثانوية يدفع الواحد منهم مصروفه الشخصى ويقضى يومه بلا ترفيه وهذا هو معدن المصريين. وهكذا يمكن دعم هذا المشروع إعلاميا وعندنا من الأدوات ما يكفى!
لو شاركنا جميعاً فى هذا العمل فإنه سوف يوحدنا من جديد على عمل منتج, وإلا فإن حالة الشغب السياسى والتفرق هى إفراز حالة الراحة التى نعيشها والجند الذين تكثر فيهم الراحة يجيدون المشاغبات! والأوضاع قد تكون يوما ما فوق الاحتمال.
هذه فكرة قد تعود بالمليارت على الدولة وهى منا وإلينا بدلا من صندوق "النكد" الدولى أو استجداء لملوك النفط فنحن أكبر منهم وأكرم!
هذا وسوف يكون للأفكار وللأطروحات بقية.
الثورة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة