أحدثكم عن عادل القاضى، الكاتب الصحفى ورئيس تحرير بوابة الوفد الإلكترونية الذى انتقل إلى رحاب ربه أول أمس الاثنين، أحدثكم عن قلق الأيام التى كانت بين يديه، وعن قلبه الذى كان يسع الكرة الأرضية، لكنه توجع من هم الأيام التى لم تتركه يستريح بعد كل رحلة عناء.
عرفت عادل القاضى فى عام 1998، حين عملنا سويا ولسنوات فى مكتب جريدة البيان الإماراتية بالقاهرة ـ تحت قيادة الأستاذ المحترم جلال عارف نقيب الصحفيين السابق، ومنذ يومنا الأول فى العمل أكد لى السر الأمثل فى كيف تحب إنساناً بسهولة، هذا السر الذى يشكله الإخلاص فى محبة الآخرين لوجه الله، طالما يستحق الآخرون هذا الحب، ويشكله القدرة فى أن تظلل الآخرين بالرعاية الإنسانية التى لا يفعلها إلا من هم أهل لها.
كان عادل من صنف البشر الذين تحبهم بسهولة، وتعطيهم أسرارك فى أمان ودون خجل، وتثق فى إدارته بكفاءة عالية لأى مهمة مهنية موكلة إليه، ويفعل ذلك فى صمت وبإيمان أن هذا ما يجب أن يكون، ولهذا ظل رحلة نجاح متواصلة، وقدرة على أن يدمغ المكان الذى يعمل فيه بدمغته الخاصة، والمثير فى كل ذلك أن رحلة عطائه بدت وكأنها رحلة صمت، يفعلها ويترك الآخرين يتحدثون عنها، أم هو فلم يكن أبداً ممن يروجون أنفسهم عكس آخرين، لا يمتلكون نصف موهبته وكفاءته، ومع ذلك تصدروا المشهد وسرقوا الأضواء.
حمل عادل هموم وطنه دون انغلاق إيدلوجى، وجدته وفدياً حين يكون الوفد صحيحاً فى قضية ما، وإخوانياً حين يكون الإخوان على حق، وناصريا حين يكون جمال عبد الناصر على حق، وفى العموم وطنياً شريفاً ينحاز إلى ضميره اليقظ الذى لا يحيده عن الحق مهما كانت المغريات، ومن قلب التمسك بضميره بحث عن لقمة عيشه فى أرض الله الواسعة، حتى يطعم أبناءه الثلاثة من الرزق الحلال الذى كان يؤرقه على الدوام.
تربى عادل بتكوينه الشفاف والرائع أخلاقيا ونفسيا فى مدرسة مصطفى شردى الصحفية، التى كان قوامها التمسك بالحق مهما كان الثمن، وظل فى هذه المدرسة صحفيا واعدا فى جريدة الوفد، حتى سافر إلى السعودية ثم إلى الإمارات فى جريدة البيان، وعاد إلى القاهرة ليعمل فى مكتبها معى، ثم غادر القاهرة إلى الإمارات ليعمل فى جريدة الاتحاد، ليعود إلى بلده من جديد ليساهم فى تأسيس جريدة المصرى اليوم ويتولى موقع مدير تحريرها لعامين، ويعود بعدها إلى الاتحاد الإماراتية، ثم يعود إلى موقع إسلام أون لاين مديراً لتحريره، حتى استقر فى الوفد رئيساً لتحرير بوابته الإلكترونية.
كان عادل فى رحلته إلى الخارج التى استمرت سنوات طويلة، يبحث عن غطاء الأمان الذى يؤمن له استقامة الضمير ونزاهة الموقف، هذا الغطاء الذى ظل همنا جميعا فى زمن كان القهر يلف فيه كل شىء.
قبل أسبوع من وفاته حدثته تليفويناً دون سابق موعد، وقلت له: أنا أتصل بك عشان انت وحشنى، وتبادلنا حديث الهموم والاطمئنان على الأولاد، وعلى صديقنا المشترك أحمد صفى الدين زوج أخته والصحفى بالإمارات، وانتهينا كالعادة إلى وعد بلقاء لم يتم، وحين قرأت خبر وفاته على قناة "الجزيرة مباشر"، أصابنى الغم وتذكرت مكالمتى معه التى بدت وكأنها مكالمة وداع لإنسان سكن قلبى وسيبقى، فلندعو الله أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته، ويلهم زوجته الفاضلة وأبناءه إياد وهاجر وأحمد الصبر والسلوان.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة