كشف الدكتور مختار غباشى أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، عن وجود دليل داخل مصلحة السجون يتضمن التعامل مع المحبوس احتياطيا أو من يمضى عقوبة، لكن فى نفس الوقت يحرم هذا الدليل من الاطلاع عليه، الأمر الذى يؤكد أن غالبية ما يجرى من معاملات قد تكون بعيدة كل البعد عن القانون.
جاء ذلك خلال المائدة المستديرة حول حق اتصال المحتجزين والمعتقلين باسرهم ومحاميهم، والتى نظمها اليوم، الأربعاء، المجلس العربى لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان.
وقال نجاد البرعى الخبير الحقوقى، إن التفتيش على مراكز الاحتجاز وتفتيش النيابات العامة، لا قيمة له، وهو عبارة عن إجراء روتينى يعتبر "فوق البيعة"، لكننا نحتاج إلى نصوص وقوانين طبقا لمعايير دولية تضمن رقابة على أماكن الاحتجاز، مضيفا أننا فى هذا الشأن لنا واقعة شهيرة وهو الزميل المحامى الراحل عبد الحارث مدنى، الذى جرى إلقاء القبض عليه وتعذيبه حتى وفاته، مضيفاً أن حق الاتصال لعب دوراً هاما خلال الفترة الأخيرة، فى إحدى أدوات الاتصال "الهواتف المحمولة" لعبت دورا كبيرا فى سقوط نظام مبارك، كما لعبت وسائل الاتصال دورا كبيرا فى كشف العديد من قضايا التعذيب، والتى بادر العادلى بمنع دخولها أقسام الشرطة.
من جانبه، أوضح معتز عثمان مدير الادارة القانونية بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان، أنه لابد من استغلال البيئة السياسية لوضع صياغة للقانون وتعديل تشريعى يعطى الحق لكل شخص يقبض عليه فى الاتصال بذويه، مضيفا أن هذا الحق كان موجودا فى التشريع المصرى يتحدث عن التواصل مع العالم الخارجى وألا يبقى الشخص المحتجز فى معزل عن العالم الخارجى ، ليس هذا فحسب بل وعدم تضمين هذا الحق للسجناء والمحتجزين والمحكوم عليهم، فى ضوء ما تكشفه الممارسة اليومية والعملية والتى تحظر على المحامين والجمهور ممن يرتادون أقسام الشرطة من اصطحاب أجهزة الهاتف الجوال، بموجب قرارات وزير الداخلية التى طعن عليها أمام محاكم مجلس الدولة، فضلا عن إجراءات زيارة السجون التى تمنع اصطحاب الهواتف الجوالة أثناء زيارة نزلاء السجون، وتضع أجهزة الهاتف الجوال ضمن قائمة المحظورات، والتى نُظر إليها كتهديد جدى وشاهد إثبات على عديد من الجرائم المرتكبة بأقسام الشرطة ومنها قضية "عماد الكبير".
وأضاف أن الممارسة العملية أيضا كشفت عن ممارسة العديد من السجناء لحق الاتصال بذويهم خلسة، حيث يجرى فى العديد من السجون المصرية اتصال السجناء بذويهم، وكشفت أحداث الانفلات الأمنى بالسجون المصرية أثناء أحداث ثورة 25 يناير، الحجم الهائل من التواصل بين السجناء وذويهم أو بين السجناء وبعض العصابات المنظمة.
وأن الهواتف الجوالة والتقنية العالية فى مجال الاتصال ساعدت على انتشار وممارسة الحق فى الاتصال بعيداً عن أعين السلطات الأمنية، بسبب سهولة إخفاء الهواتف الجوالة وتفكيكها وإعادة تركيبها وبطاقات الاتصال الجوال، وما يحمله ذلك من جوانب سلبية قد ترتبط بسلوك إجرامى على نحو ما أظهرته بعض أحداث الهجوم على بعض السجون.
لكن ذلك لا يمنع من ضرورة تدخل المشرع لتنظيم الحق فى الاتصال وكفالته بالضوابط القانونية، بشكل يحدث التوازن بين حقوق السجناء وذويهم وبين الإعتبارات الأمنية.
ومن الملاحظ أن السجون التى تتشدد فى عزل السجناء والمحتجزين عن العالم الخارجى هى السجون الأشد اضطراباً، وكلما كان هناك مرونة وإنسانية فى تطبيق لوائح السجون ساهم ذلك فى خلق أجواء إيجابية بين السجناء والإدارات السجنية، ويمكن كفالة الحق فى الاتصال عبر تعديل قانون الإجراءات الجنائية، وقانون تنظيم السجون، وليس عبر لائحة السجون أو قرارات إدارية من وزير الداخلية، إذ من شأن مخالفة اللائحة أو القرار أن تكون مخالفة إدارية.
وطالب سيد شعبان المحامى بالنقض بحق المتهم فى الصمت كحق مطلق للمتهم، وألا يرتب أى بطلان للتحقيق، وألا يعنى ثبوت الجريمة عليه، وهذا لابد ان يمارسه المتهم فى حالة منعه من الاتصال بذويه، مضيفا أن حق إعادة تمثيل الجريمة هو حق اختيارى للمتهم إذا أراد قام به، وأن الاتصال أثناء الرد يشمل كافة الوسائل المتاحة، وأنه يجب التفرقة بين الحق فى الاتصال وحق المحكوم عليه بالسجن، "فهل نعدد الوسائل؟" وهل نحن فى حاجة إلى نصوص جديدة مع مزيد من الضوابط القضائية؟".
قال ممدوح إسماعيل "إحنا محتاجين إلى ثورة تشريع فى حقوق الإنسان، ونحتاج الآن إلى مرحلة تثبيت حقوق الانسان خصوصا أن المستبدين موجودين فى كافة مؤسسات الدولة، ويريدون العودة، والأمر يقتضى تفعيل تشريعات، ولابد من تخصيص لإلزام القضاء بتطبيق النص، ويشمل النص تجريم رادع حال عدم الاتصال، بالإضافة إلى ترتب البطلان حال منع حق الاتصال عن المقبوض عليه، مشيراً إلى ضرورة عدم وضع نصوص فضفاضة واسعة يستفيد منها المفسدون، وقال "الآن يتم الانتهاك بمعرفة الجيش ، والذى يمارس السلطة الآن، وأن حسنى مبارك يتم له أكبر أنواع التمييز".
حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، قال إنه لابد من البحث أيضا عن حقوق الدفاع، لأن المحامى لا يأخذ أكثر من 15 دقيقة فقط أمام القاضى، مؤكدا أن الدفاع لابد أن يتساوى مع سلطة الادعاء فى كافة الحقوق، مضيفا أنه لابد أن نتحدث عن الانتهاكات، دون الصدام مع المؤسسة العسكرية، لأن ما بعد ذلك هو الفوضى، وأشار إلى ضرورة التفرقة بين الدور الذى لعبته القوات المسلحة فى إنجاح الثورة، وبين خطأ لا محاكمة العسكرية للمدنيين.
خبراء: السجون التى تمنع اتصال المسجونين بذويهم أشد اضطرابا
الأربعاء، 27 أبريل 2011 08:14 م
نجاد البرعى الخبير الحقوقى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة