تطل الأفكار من رأسى، تطاردنى ، تلاحقنى ، حاولت إسكاتها ، أمرتها بالعودة لتقبع حيث كانت ، فى الركن المُظلم المُهمَل من رأسى .
فضحكت عالياً ، بل الأدهى أنها سخرت منى ، وردت على قائلة : لقد انتهى هذا العهد ، وولى ذاك الزمن ، لا تراجع الأن، إنه عصر الحريات، وعهد الثورات، لن يُرغمنا أحد، ولن نستسلم لقمعٍ أو إرهاب، فأنتِ طيلة سنوات أودعتِنا ذلك القبو الخلفى المظلم ، الذى لا يُفتح بابه الأمامى حيث النور والحرية .
تملكتنى الدهشة من تلك الجرأة ، وزاد غضبى ، فصرخت قائلة : يا أيتها الأفكار كيف تجرئين على ذلك ، من أين لكِ هذا التحدى ، ردت قائلة : إنه ليس تحديا ، إنه حقى المشروع ، أريد أن أُمارسه بكل حرية .
زاد غضبى اشتعالا وقلتُ : منذ متى وهو حقُ لكِ ؟ ، فأنتِِ ظللتٍ لسنوات حبيسة ، ما الذى تغير......... ؟ .
أجابتنى وقد زادت نبرة السخرية والتحدى "هكذا أنتم البشر تظنون بدوام الصمت الطويل ، لا تعلمون أنه كلما طال أعقبه الانفجار ، وتلاه ذلك النضال الذى يصاحب الثورات ، فأما الموت الكريم ، وأما الحرية التامة ، تلك الثورات التى لا تعرف الألوان ، فإما الأبيض أو الأسود" .
سكتت بُرهة ثم أضافت بتهكم : ولكنكم معشر البشر تعتادون الحال ولا تعلمون أن دوامه من المحال .
زاد حنقى وسألتها ، وماذا تريدين الأن ؟ ، أجابت : أريد أن أخرج إلى النور ، أرفض الظلام ، أود أن أكون فى الصدارة ، مللت السكون فى المؤخرة ،أريد أن أمارس حريتى ، أرفض القهر والسجن .
وبعد أن صمتُ لفترة ، أدركت خلالها ضعف حجتى ، وسوء موقفى ، وتلاشت قدرتى على المقاومة ، تنهدت .....وقلت : أيتها الأفكار فليكن إخرجى إلى الحياة
والنور ، لقد حررتك من كل القيود .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة