قال الدكتور محمد صابر عرب رئيس دار الكتب والوثائق القومية "إن التأريخ لثورة يناير لن يكتب الآن، لأن المؤرخ لا يكتب عن الحدث لحظة وقوعه، ولكن بعد فترة عندما يهدأ المجتمع، وتتوفر كافة الوثائق والوقائع عن الحدث نفسه، وحتى أن كتب المؤرخ انطباعاته الشخصية عن ما حدث سيكون شاهداً على العصر وكتاباته مادة وثائقية سياسية، ولكنها تفتقد المقومات الأساسية للكتابة التاريخية".
وأضاف عرب فى جلسة ظهر اليوم بمؤتمر "السلطة فى العالم العربى": نحتاج وقتاً لنكتب هذه اللحظة المشرفة من تاريخ مصر".
وقال "الشعوب العربية ضحية لأنظمة افتقدت لحقوق الفرد والمساواة، فكانت السبب الرئيسى للثورات التى تشهدها المنطقة العربية الآن، العالم كان يراهن على أن قدرة العرب على تحمل كل هذا القدر من الإهانات، ولكن كان لابد أن يكون لهذا القدر من الغليان نهاية، والشعب المصرى كان مهيأ لهذه الثورة حتى قبل الشعب التونسى، ولكن المصريين عُرفوا بتميزهم بنفس أكثر طولا، وما حدث كان انفجار نتاج حالة من التجاوزات الطويلة المدى التى مست البنية الأساسية لكل شرائح المجتمع المصرى.
واختلف معه الدكتور أبو اليسر فرح الأستاذ بكلية الآداب جامعة عين شمس وقال إن الشعوب تتحمل المسئولية أيضاً لأن هذه الأنظمة لم تهبط علينا من السماء، والتراث العربى يمتلئ بأمثلة تقلل من نفسيات الشعوب وتجعلهم يرضخون أكثر للسلطات، ويرضون عن تصرفاتهم ماداموا ينالون قدراً من الحياة المريحة.
وقال الدكتور علاء طه رزق "الشعب يبحث فى الحاكم أو السلطة من الحد الأدنى من الحياة الكريمة ويظهر هذا من خلال تعاطفهم مع هذا الحاكم".
وحذر الباحث أحمد عبد الدايم من تكرار سيناريو الصومال فى مصر، وقال "ثورة مصر قامت فى نفس شهر سقوط سياد برى فى الصومال عام 90، ويجب أن ننظر إلى تجارب الآخرين حتى لا نقع فى أخطائهم، رغم اختلاف ظروف الثورتين التى أسقطت السلطة فى الصومال بثورة مسلحة، ولكن مبارك سقط بثورة شعبية سلمية".
وطالب الدكتور نبيل الطوخى الأستاذ بكلية الآداب بجامعة المنيا بالعمل على وضع دستور جديد لمصر تتحدد فيه سلطات الرئيس القادم حتى تكتمل الثورة بدستور محكم وصفه بأن يكون - ما يخرش المية - على حد قوله- وقال "الآن نحتاج إلى دستور يحدد صلاحيات الرئيس لأنه إذا لم يعمل من أجل الشعب لابد أن يثور ضده، وهو ما حدث فى ثورة يناير وسقط دستور 71 لأنه فشل فى السياق الاجتماعى والسياسى، والثورة لن تنجح إلا بدستور - ما يخرش الميه - يحدد السلطات ويعوض الخيبة التى أصابتنا بالدستور الساقط".
وأضاف "لابد أن يكون لنا رأى فى الدستور القادم، ونحدد سلطات الحاكم الذى نريد أن يكون له صلاحية مثل الدواء".
وقال الطوخى "الرئيس السادات وضع دستور 71 -على مقاسه – حسب وصفه-، ويوسع من سلطاته، وهناك وثيقة لمن شارك فى وضع الدستور يقولون فيها إنه غير ما وضعوه لأن السادات أدخل مواد تزيد من سلطاته".
وأضاف أن مشكلة الدستور لم تكن مع ثورة يناير فقط، ولكنها ظهرت فى بداية التسعينيات وسط مطالبات بتغيير الدستور، لأن مبارك والسادات استخدما السلطات بطريقة خطأ مثل مادة إعلان حالة الطوارئ التى يمكن أن تعلن وقت الحروب أو الكوارث، واعتقد أنه ومنذ تطبيق الدستور وحتى الآن منذ إعلان الدستور عاشت مصر سنة وأربعة أشهر بدون طوارئ.
وأوضح الطوخى أن المادة 74 من الدستور أشد خطورة لأنها تتيح لرئيس الجمهورية أن يتخذ فى وقت الخطر ما يراه مناسباً، وهى مادة غريبة على الثقافة المصرية، وجاءت من الدستور الفرنسى واستخدمها السادات فى أحداث سبتمبر 1981 وأدت إلى مقتله.
وأشار الطوخى الذى قدم مقارنة لسلطات الرئيس فى دساتير مصر أن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر رفض مشروع دستور 1954 لأنه لم يغير من الوضع السابق، لذلك أخرج دستور 65 ووضع لنفسه سلطات كبيرة، وبعد انفصال سوريا عن مصر الإعلان الدستورى عام 64، وأنشأ مجلسا رئاسيا ليساعده فى الحكم، ولكن كل السلطات كانت فى يد عبد الناصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة