خالد صلاح

خالد صلاح يكتب: مجرد أسئلة.. ما معنى أن تتحرر مصر كلها وتبقى المساجد تحت رحمة الاستبداد؟.. وما معنى أن يستطيع شعب مصر تغيير الرئيس ولا يستطيع تغيير محافظ؟

الإثنين، 25 أبريل 2011 03:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن العدد الأسبوعى

ما معنى أن تتحرر مصر بكاملها من طغيان الاستبداد والديكتاتورية والخطاب الواحد، وتنعم بحرية الرأى والفكر والاختيار، ثم تبقى المساجد وحدها تحت رحمة وزارة الأوقاف، يحدد الموظفون الحكوميون فى الوزارة أسماء الخطباء، وطبيعة الخطبة، ومن يستحق اللعنة على المنابر، أو الدعاء قنوتاً فى الصلوات؟، أنا أضم صوتى لمن يطالب بتحرير المساجد من سلطان السلطة، ومن التبعية للحكومة، فإن كنا نحلم بحرية كاملة فلا يجوز أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض، الحرية للجميع بما فيها المساجد الأهلية التى خضعت لسلطان الحكومة بتخطيط من أمن الدولة، وقت أن كان الفكر خطيئة، والاختلاف جريمة، الآن يجب أن تعود المساجد لأصحابها، وأن تكون الحرية للجميع. بهذا المنطق أجدنى متعاطفا مع حق الشيخ حافظ سلامة فى مطلبه المشروع برد مسجد «النور» إلى جمعية الهداية، فكل من عايش سنوات بناء مسجد «النور» يعرف حجم المؤامرة التى أدارها نظام مبارك للسيطرة على المسجد، وتأميم منابر الدعوة لتنطق باسم الحكومة فقط، ويعرف أيضا حجم المعاناة التى تعرض لها داعية معتدل، ومناضل وطنى كبير مثل الشيخ حافظ، والآن لا يجوز أن تبقى للظلم راية فى عصر الحرية.

ما معنى أن تختفى الرقابة على أداء وزراء حكومة تسيير الأعمال؟، وزراء يسافرون إلى الخارج، ووزراء يعقدون ندوات، ويفتتحون مؤتمرات فى فنادق «خمس نجوم»، وآخرون يفتحون الباب على مصراعيه للاقتراض من الخارج مرة أخرى فى غياب برلمان شعبى منتخب، يتابع هذه القروض المفزعة، نحن غرقنا فى متابعة تفاصيل فساد رجال النظام السابق، لكن غاية الثورة أن تكون لدينا أدوات رقابية على وزراء العهد الجديد، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وغياب الرقابة قد يفتح الباب لأخطاء فادحة، ربما ندفع ثمنها فى المستقبل، نحن نريد شكلا من أشكال الرقابة الشعبية على المال العام، وعلى أداء الوزراء فى حكومة تسيير الأعمال بشكل يتناسب مع طبيعة المرحلة الانتقالية، ونريد أيضا خطة واضحة لهذه الحكومة، نعرف منها أين تضع مصر أقدامها فى المرحلة المقبلة، وما هو الشكل الذى سيسلمون به الإدارة لحكومة ما بعد الانتخابات البرلمانية بدلا من أن نجد أنفسنا أمام سلسلة تحقيقات جديدة، وإهدار من نوع مختلف؟

ما معنى أن الشعب يستطيع الإطاحة بالرئيس، ولا يستطيع الإطاحة بالمحافظ؟، فطالما أننا نؤسس لعقد اجتماعى جديد، تكون فيه السلطة للناس، ولا سلطة لغير الناس، فلا معنى لاستمرار منصب المحافظ بالتعيين من قبل الحكومة، ولا معنى أيضا لأن يكون المحافظ خارجا عن إجماع الناس، والأمر هنا لا علاقة له من قريب أو بعيد بسيادة القانون، لأن منطق سيادة القانون لا يعنى مطلقا أن ينحنى الناس سمعا وطاعة لقرار فردى، بل يعنى فى المقام الأول أن تكون القوانين معبّرة عن أحلام الناس، وعن طموحاتهم، وأن يكون الناس شركاء فى اختيار قياداتهم على أسس من التوافق والثقة والكفاءة والخبرات، وفى يقينى أن تغيّر نظام تسمية المحافظين من التعيين إلى الاختيار بالانتخاب، يقدم حلا حقيقيا وشاملا، يحفظ ماء وجه الحكومة فى قنا، وفى غيرها من المحافظات الغاضبة، الناس أصبحوا هم صناع القرار، ويجب أن تفهم السلطة الجديدة، وصناع التشريعات فى المستقبل، أن التاريخ لن يعود إلى الوراء.

ما معنى أن يقرر الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، إرسال وزير الداخلية للتفاوض مع أهلنا المعتصمين فى قنا؟، أخشى يا دكتور عصام أن هذا هو الخطأ نفسه الذى كانت ترتكبه السلطة فى الماضى، كانت الشرطة دائما فى صدارة المشهد السياسى، ولم تكن للسياسة قيمة، أو للسياسيين دور فى كل ما يجرى، فتحمّلت الشرطة أكثر من طاقتها، ودفعت ثمن خطايا السياسة إلى الحد الذى استبد الطغيان بقادتها من جانب، واستبدت الكراهية بقلوب الناس تجاه رجال الداخلية من جانب آخر، وبهذا المعنى، فإن تفويض وزير الداخلية بالحل خلال الأسبوع الأول من الأزمة يعنى أننا لم نتعلم بعد من أخطاء الماضى، وأننا قد نحمّل الشرطة مرة أخرى نفس الأعباء، لتكون هى عنوان الإحباط والقهر والبطش السياسى. أرجوك يا دكتور عصام، انتبه، و لا تمضِ نحو ظلام الحل الأمنى، وتأجيل الحل السياسى مرة أخرى.

ملحوظة للقراء الذين شاركوا بالتعليق على مقالتَىْ «الإسلام والدولة المدنية» على موقع «اليوم السابع»:

سجلت الكثير من الأفكار المهمة التى ساهم بها القراء حول المقالتين، وفرحت بأن المعنى الأساسى للمصالحة بين الفكر الإسلامى، وتيار المدنية الليبرالية الحديثة، قد لقى استحسانا لدى الأغلبية من المشاركين بالتعليق. صحيح بالطبع أن هناك من عارض هذه الفكرة التصالحية، تحت زعم أن هذا النوع من المصالحة يخدم الإسلاميين دون غيرهم، وفى ظنى، ومع كل الاحترام لأصحاب هذا الطرح، فإننا بهذا المنطق نمارس إقصاء قهريا يتعارض بالأساس مع الليبرالية، ومع قيم الديمقراطية، وفى ظنى أيضا أن هذه الرؤية التصالحية تخدم التيار المدنى الليبرالى، بنفس القدر الذى تبنى جسورا بينه وبين الإسلاميين، فإن كان الإسلام هو دين العقل، وإن كان التاريخ السياسى الإسلامى يسجل إعلاء لدور العقل والمنطق والمصلحة العامة فى التشريع، وفى إدارة شؤون الدولة منذ عصر النبوة، وحتى نهاية حقبة الخلافة على منهاج النبوّة، فما معنى أن يصر البعض على حالة الخصومة، كأن الإسلام خصم للديمقراطية والليبرالية والحداثة؟

فرق كبير بين أن تكون خصما لتيار تظن أنت أنه يتاجر بالدين، وأن تكون خصما للإسلام نفسه. الإسلام فى نسخته المحمدية، وفى تطبيقه على أرض الدولة الأولى فى يثرب، كان نموذجا للعقل والحكمة والحداثة، وأظن أن كل من يقرأ التاريخ السياسى الإسلامى على نحو نزيه، وبلا انحيازات مسبقة، يدرك أن المدنية جزء من هذا الدين، وأن الإسلاميين أنفسهم يمكنهم أن يصبحوا رموزا ديمقراطية فاعلة، إن كانت لديهم نفس القراءة، ونفس الروح الأولى التى أشعّت فى دولة النبوة، أما القراءات المبتسرة من أى فريق، فلا تؤدى إلا إلى القطيعة التى لا تخدم أحدا، ولا تخدم أمة مثل مصر، يمثل الدين ركنا أساسيا فى وجدان شعبها عبر التاريخ.

والله ثم مصر من وراء القصد.






موضوعات متعلقة..

◄ خالد صلاح يكتب: الدولة المدنية فى الإسلام
◄ خالد صلاح يكتب: الإسلام هو دين الحرية والدولة المدنية (أصلاً)..مخاوف الأقباط من السلفيين مبالغ فيها.. ولا يجوز محاسبة التيار الإسلامى على ردود فعله فى سنوات الطغيان طوال حكم مبارك








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة