سعيد الشحات

نحن وأثيوبيا والدبلوماسية الشعبية

الأحد، 24 أبريل 2011 11:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أكثر من عام تلقيت اتصالا هاتفيا مطولا من وزير خارجية مصر السابق أحمد أبو الغيط، يعلق فيه على مقال كتبته، أنتقد فيه تراجع دور مصر فى إفريقيا، والذى وصل إلى حد التفريط فى القارة السمراء كظهير أمنى لمصر، مما أدى إلى دخول مصر فى أزمات متتالية مع دول حوض النيل، وأذكر أن الرجل الذى أرسل لى مادة كثيرة حاول من خلالها إثبات أن هناك نشاطا مصريا فى القارة، قال لى إن الحكومة عقدت اتفاقيات مع أثيوبيا لاستيراد اللحوم، لكن حملة صحفية تم تنظيمها لتشويه هذه الخطوة بالتشكيك فى جودتها، ولما سألته عن دور رجال الأعمال فى الدخول باستثمارات إلى دول القارة ومنها أثيوبيا، أجاب: "نفعل لهم كل شىء، لكن لا أحد يذهب بأمواله هناك".

أذكر هذه القصة التى سبقها تصريح شهير لأبو الغيط، قال فيه: "على قد لحافك مد رجليك" وذلك فى إجابة له عن سؤال، لماذا تراجع الدور المصرى فى إفريقيا؟، أذكرها بمناسبة زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية إلى أثيوبيا يوم 29 إبريل الجارى، والذى يضم عددا من القيادات السياسية المصرية من مختلف الأطياف السياسية، ويأتى بعد زيارة مماثلة إلى أوغندا.

يذهب الوفد إلى أثيوبيا محملا بماض أليم فى العلاقات بين البلدين، بدأ منذ الرئيس الراحل أنور السادات، والذى هدد علنا بشن حرب ضد أثيوبيا فى حال تأثيرها سلبيا على حصة مصر من مياه النيل، وخضع هذا التهديد لتفسيرات عديدة، منها أن المياه لم تكن هى بيت القصيد فى التهديد، وإنما كان انعكاسا لصراع أمريكى سوفيتى فى القارة، فأثيوبيا وقتئذ كان يقودها منجستو، وتقع فى حيز النفوذ السوفيتى الشيوعى، أما مصر فكانت تدور فى فلك النفوذ الأمريكى، فيما يعنى أن التوتر بين البلدين هو فى الأصل صراع نفوذ بين أمريكا والاتحاد السوفيتى.

وبعد رحيل السادات وتولى مبارك السلطة، ثم اختفاء الاتحاد السوفيتى، لم تشهد مصر تقدما فى العلاقات مع إفريقيا عامة وأثيوبيا خاصة، وظلت الأوضاع على جمودها، لتأخذ أسوء أشكالها فى السنوات الأخيرة، ولعب مجموعة من المستوردين، يساندهم نظام فاسد، أقذر الأدوار فى الوقوف خلف حملات منظمة شوهت سمعة اللحوم الأثيوبية التى كانت فى طريقها إلى مصر، وأدى ذلك إلى التأثير بالسلب على سمعة هذه اللحوم فى الأسواق الدولية الأخرى، مما أثر على العوائد الاقتصادية على أثيوبيا.

وإذا كان مستوردو اللحوم المصريين فعلوا ذلك انتصارا لمكاسبهم المادية، ودون حد أدنى من الضمير الوطنى الذى من المفترض أن يضع المصلحة القومية لمصر فى المقام الأول، مما رتب تباعدا أعمق بين البلدين، فهل يستطيع وفد الدبلوماسية الشعبية المصرى أن يصلح من هذا الاعوجاج؟، وبمقتضى هذا الإصلاح يمكن تهيئة الأجواء لعلاقات مسئولة بين البلدين، تلعب فيها الدبلوماسية الرسمية دورها الطبيعى بالتوازى مع الدبلوماسية الشعبية.

القضية يجب أن تكون مطروحة بجدية كاملة على أجندة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، ومعه وزير الخارجية الدكتور نبيل العربى الذى يعى جيدا أن الدائرة الإفريقية التى أهملها نظام مبارك، آن الآوان أن تعود إلى عهدها الذهبى الذى كان موجودا أيم جمال عبد الناصر، وحين نتذكر ذلك لا نقوله من باب الانحياز لجمال عبد الناصر، أو المعارضة للسادات ومبارك، وإنما للانحياز إلى مصر.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة