ارحموا عزيز قوم ذل، المسامح كريم، وغيرها من الأقوال التى ترددت من بعض الأشخاص فى الأونة الأخيرة، بعد أن خضع الرئيس المخلوع للتحقيقات، ودنا عقابه على ما ارتكبه هو وأسرته وحاشيته فى حق مصر وشعبها، فتحول أصحاب حملات (إحنا آسفين يا ريس) إلى (ارحموا عزيز قوم ذل)، فأعدوا عدتهم، وسنّوا أقلامهم، وانتشروا على المواقع الإلكترونية تسبقهم تعليقاتهم، محاولين تطويع الدين لأهوائهم من أجل اللعب بمشاعر الشعب المصرى، كما فعل رئيسهم المخلوع من قبل، ليسامحوه ويدعون له بالمغفرة.
فها هم يسيرون على نهجه، ويطلبون له السماح والغفران بعد كل ما عاناه الشعب المصرى طيلة فترة حكمه، غافلين عن قول الحق سبحانه (وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وقوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ...).
ولا يمكن بالطبع إغفال حملة (رد الجميل)، وبخصوص هذه الحملة بالتحديد، أدعوهم إن كانوا صادقين ولا يحركهم سوى مشاعرهم تجاه من يعتبرونه رمزاً لهم، على حد وصفهم، أدعوهم أن يردوا الجميل تجاه مصر أولاً.
ولن نطلب منكم رد أموال الشعب المنهوبة، ولا أراضى مصر المسلوبة، التى تم توزيعها على حاشية رمزكم وبطانته، فتلك قضايا يتم التحقيق بشأنها أمام القضاء، ولن نطلب منكم رد كرامة كل شخص انتُهكت كرامته أو تم تعذيبه داخل سلخانات الشرطة، لأن الثورة كانت كفيلة بذلك.
ولكن ماذا عن قلوب انفطرت، وعيونٍ دمعت حينما فقدت مصر خيرة شبابها بأوامر من رمزكم أو أحد حاشيته؟ فهل لكم أن تردوا أرواحهم إليهم لكى تقر أعين أمهاتهم وآبائهم؟
وماذا عن مصابى الثورة الذين فقدوا نور أبصارهم، أو أجزاء من أجسادهم وأصيبوا بعاهات سوف تلازمهم ما تبقى لهم من حياتهم حينما واجهوا جنود رمزكم من أجل أن يظل ملتصقاً بكرسيه؟
وماذا عن أطفال فى عمر الزهور ذاقت مرارة اليُتم وحُرموا من آبائهم دون ذنب اقترفوه؟ أطفالاً قد لا تستوعب عقولهم ولا سجيتهم البريئة ما حدث، فينتظرون عودة آبائهم، غير مدركين أنهم ذهبوا إلى دار الحق بين يدى ربهم.
فكيف لكم بعد كل هذا أن تستكثروا علينا القصاص من رمزكم المزعوم؟ وعن أى جميل تتحدثون؟ أتقصدون بالجميل إجمالى ديون 1080 مليار جنيه، أم تقصدون بالجميل نسبة الـ40% من الشعب المصرى الذين يقبعون تحت خط الفقر (دخل الفرد أقل من دولار واحد يومياً)، أو مرض السرطان الذى تضاعف 8 مرات ووصل إلى أعلى نسبة فى العالم، أو 13 مليون مواطن مصابون بالالتهاب الكبدى، أو شلل الأطفال الموجود فى 6 دول فقط فى العالم من بينها مصر؟
هل هذا هو الجميل الذى تسعون لرده لرمزكم المزعوم، الذى قالت عنه جريدة هاآرتس الإسرائيلية، إنه كان منفذاً لأوامر أمريكا وإسرائيل، وأن نتانياهو سيستمر فى حنينه لصديقه المقرب؟
ثم ماذا أنتم فاعلون لرمزكم عندما يقف أمام محكمة العدل الإلهية وقاضيها هو الله، الحكم العدل، اللطيف الخبير.
صدق الدكتور مصطفى محمود، والذى تتخذون من ميدانٍ يحمل اسمه مكاناً لتجمعكم حينما قال: الأحرار يبكون شهداءهم.. والعبيد يبكون جلاديهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة