الخوف من المجهول ومن ظلام يعمى القلوب والأبصار, وغدا طال ليله، يجثم على القلوب حتي أن من فى الشرق يسمع أنين من بالغر، قارب بلا شراع ومجداف تتقاذفه الأمواج تعبث به كريش فى مهب الريح.
البحث عن طوق نجاة يدفع بالإنسان أن يقف فى مفترق الطرق يلتمس خطاه قبل أن يتوه منه الطريق، تتقاذفة قوى الخير والشر قبل أن تعلو قوى الشر وتطمس قوى الخير فى ظلمات الجب.
حيرة انتابت أحمد وهو يلتفت يمينا ويساراً، لايدري إلى أين تأخذة قدماة، تارة أقصى اليمين وأخرى أقصى اليسار، البشر تتلاطم كأنها أمواج عاتية تجذبك إليها فلا تستطيع الفكاك منها.
أفكاراً كثيره تدور برأسة، كل فكرة تجذبه إليها بمنطق وفكر مغاير، إلى أى شاطئ يرسو وأين هو شاطئ الأمان؟ فجأة ينتبه لصوت يأتى من بعيد
- أحمد ... أحمد
يلتفت خلفه، يجدها تهرول نحوه، يبتسم، تبدو السعادة فى عينيه لرؤيتها، دائما يجدها عندما تميد به الأرض، وسط الظلام الدامس يشع نورها يبدد الظلام، وفى عينها نظرة أمل تبدد ظلام اليأس.
يمسك يدها بكلتا يديه
- أهلا ياهند، كلما بعدت عنى أشعر بحنين جارف إلى الرجوع إليك.
ترتسم على شفاها ابتسامة باهتة تعلوها نظرة عين يعجز عن فهمها
أهل هى حب؟. لا لا.، بل نظرة عتاب ربما خوف أو نظرة لوم.
- عارف يا أحمد كثيرا جدا ما أعجز عن إدراك فكرك أحيانا أجدك قريبا منى وتارة أخرى تتركنى وتذهب بعيدا خلف التلال.
يربت على يدها كأنما يواسيها.
- من أجلك يا هند أبقى ومن أجلك أذهب لأبحث عنك من جديد.
تنظر إلية بريبة وشك فى حديثة!
- إذن لماذا تتركنى وحيدة أشعر بالغربة وسط جموع الناس؟ وبرودة الصقيع وسط حر الصيف القائظ.
تشعر كأنها ترتدى ثوبا من أوراق الشجر تسقط أوراقة ورقة ورقة تلو الأخرى .
تبحث عنة لتستر نفسها بحنانه ليحميها من أعين تتلصص عليها وأيد عاتية قاسية تقلع الأشجار، تلقى بأوراق الشجر وسط الطريق.
تبتسم كأنها تريد أن تخفى قلق ينتابها يغلفه ضباب كثيف يحجب الرؤية وأنفاس تتهدج كأنها تصعد إلى السماء.
تقترب منه حتى تكاد أن تلتصق بة وهى تقول:
- ياقرة عينة لاتدع الأوراق تتساقط
يسيران على شاطئ النهر متشابكا الأيدى ينظر حولة ,الطيور تغرد فوق الأغصان, القوارب تجوب النهر, البواخر السياحية يعلو من داخلها صوت الغناء ودقات الطبول أطفال تلهو, يتقاذفون الكرة فيما بينهم, فتية أعينهم لاترى سوى الفتيات, شباب ينفث دخانا أزرق كثيفا ،غائبون عن الوعى كأنهم أُريدَ بهم ذلك.
- أحمد .... أحمد
تهزه يرفق
- إيه رحت فين, اللى وأخد عقلك, حتي وانت معايا مشغول !
يهز رأسة
- خايف عليكى ياهند
تبتسم
- طول ما انت جانبي لن أخاف من شىء
- تصورى لوصحينا الصبح لقينا نهر النيل وقد جفت مياهه
تنزعج بشدة لكلامة, تقطب حاجبيها
- بالله عليك يا أحمد دعك من تلك الوساوس
يصمت قليلا يتعلثم, قبل أن تنفرج شفتاه بكلمة تردد كثيرا قبل أن ينطق بها
- أحبك
تبتسم وحمرة خجل تعلو ثغرها
- أخشى أن الحب قد مات فى زمن غابت فية البسمة فوق الشفاه, لكننى أعترف أننى أحبك وأحب رومانسيتك فى زمن اندثرت فية الأحاسيس وطواها النسيان ولم يعد للأزهار شذى يعطر الكلمات.
تدير رأسها نحو الأفق البعيد عيناها زائغتاًن, شفتاها ترتجفان.
تتمتم كأنها تحدث نفسها
الحب جنين يبدو أنه لن يرى ضىّ النهار.
ينظرإلى الساعة.
- حان وقت الرحيل يجب أن أبحر, تأخرت كثيراً على اللحاق بالسفينة
- ولكنك تبدو مهموما
تنهيدة من الأعماق وزفرات حارة تخرج من فيه لهيب مستعر
- أصبحت أخشى من السفر , السفينه متهالكة تعجز عن مواجهة الأمواج العاتية , السوس ينخر جسمها , يبدو أن الكارثة قادمة, زاد الحمل عليها
لم تعد تتحمل أكثر من ذلك, أخشى عليها من الغرق.
تحدق فيه طويلا.
- أحقا ماتقول ! وإين القبطان ؟
يردعليها بسخرية.
- القبطان وهن العظم منه واشتعل رأسة شيبا!
تقاطعه
- ومساعديه !
- الجميع يسرع إلى حافة الهاوية
تصرخ فية بحزم
- ليترك قيادة السفينة لمن يستطيع أن يبحر بها إلى بر الأمان
- يبتسم ويهز رأسة باستهزاء
- تصورى أن كل من حوله يعجز عن إدارة الدفة لقيادتها , المهمة شاقة وأهل السفينة فى حيرة من أمرهم ,النبت فى حاجه لمن يرعاها لا من يقتلعة.
- أصبحت أخاف من السنوات العجاف, أخاف من أن تحجب الغيوم ضوء النهار أو يحل بنا الظلام الدامس الذ يخف كف اليد عن أن تراه العين, نحن فى حاجة إلى عصا موسى
تتطلع إلى السماء, الشمس تخترق الغيوم تبدد الضباب من حولها , زخات مطر خفيفة تتساقط من بين أغصان الشجر.
تتشابك أيديهما , تجذبة إليها.
بأعلي صوتها تنادي
- ياحبيبي لاتحزن سيبزغ فجر يوم جديد ولن تغرق السفينة.
يصرخان بأعلى صوتيهما
- لا....لا لن ينضب .... النهر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة