محمد جمعة يكتب: أنا مش أسف يا ريس

السبت، 23 أبريل 2011 11:19 ص
محمد جمعة يكتب: أنا مش أسف يا ريس مبارك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قليلة هى ساعات العزة والكرامة فيك يا وطنى وما أكثرها سنوات النصر الوهمى والنجاح الزائف الذى لم يتخط حاجز مباراة فى كرة القدم نخرج عقبها إلى الشوارع نرفع الأعلام ونطلق الهتافات لنذرف مشاعر وصرخات الظلم واليأس المكبوتة ولنحقق حلماً لطالما راودنا لسنوات بأننا مازلنا على قيد الحياة وحققنا إنجازاً نحتفى به، وإن كان قوامه الانتصار على دولة عربية شقيقة فى مباراة تعيسة ننخرط بعدها فى حرب كلامية طويلة تضيع على إثرها البقية الباقية من كرامتنا كعرب أمام العالم.

حالة من اليأس تمكنت من الأجداد والآباء على مدار ثلاثين عاماً كان شعارهم فيها فلندع السياسة لأهلها هم أولى بها، خلينا ماشيين جنب الحيط، أمشى عدل يحتار أمن الدولة فيك، العشرات من الأقاويل والحكم والأمثلة المسالمة ورثناها عن ذوينا والتزمنا بها بسبب الخوف، نعم الخوف ذلك الداء الذى استشرى بين أبناء مصرنا الحبيبة حتى أصبح يسرى فى العروق مجرى الدم.

أنا ابن هذه المرحلة بإخفاقاتها – سامحونى فلا أذكر لهذا النظام إيجابيات- أبصرت النور على صورة الرئيس حسنى مبارك نشأت فى كنف الفساد والظلم وغياب العدالة الاجتماعية، ورغماً عن ذلك كان فى داخلنا كشباب بصيص من الأمل فى حياة هادئة بسيطة، فرصة عمل وأسرة صغيرة لنكمل مسيرة الطبقة الوسطى، ولكن هيهات، فلماذا يتركون لنا هذا الهامش المتواضع فى الحياة؟ يبدو أن البعض كانت لهم وجهة نظر أخرى، وخلال سنوات قلائل انهارت هذه الطبقة تماماً وتبددت الأحلام وأصبحنا كشباب نواجه المجهول، البعض اتخذ قراره بالهجرة غير المشروعة فقضوا غرقاً.. أكاد أسمع كلماتهم الأخيرة.. اللهم انتقم ممن هجرنا من وطننا.. وآخرين كانوا أكثر حظاً تلقفتهم أيدى الأشقاء فى دول الخليج، أما السواد الأعظم فاستسلم للواقع المرير ووجد فى الشبكة العنكبوتية ضالته ليعيش فى عالم افتراضى يراه أقرب إلى المدنية الفاضلة، فلا كذب ولا رشوة ولا خداع ولا خوف ولا فساد ولا عنوسة، لأنك قد تجد أيضا الحب.. على الفيس بوك.

على الفيس بوك لك أن تكتب ما تشاء وعمن تشاء وتتبادل أطراف الحديث مع من تشاء أنها الديمقراطية فى أبهى صورها، قد يحاول البعض تضييق الخناق عليك أو توجيه رسائل تحذيرية إذا ما تجاوزت، لكن يبقى الشعار الذى طالما رفعه الظالمون.. لندعهم يتحدثون.. (هوه الكلام عليه جمرك).. لم يتوقع أكثرهم حنكة وذكاء ودهاءً أن الشرارة الأولى للثورة التى غيرت وجه مصر ستنطلق من الفيس بوك، وأن كبيرهم الذى علمهم الفساد سيسقط بسلاح الفيس بوك وبثورة الشباب التى امتدت لتشمل قطاعاً عريضاً من الشعب، فشكراً للفيس بوك وشكراً لشباب التحرير وشكراً لشعب مصر العظيم، وأنا مش آسف يا ريس.

أنا مش أسف يا ريس.. انتظرت لأكثر من شهرين عقب ثورة الكرامة لأقولها، انتظرت حتى تمثل أمام القضاء المصرى النزيه ولنسطر بأحرف من نور هذه اللحظة التاريخية التى كللت نجاح ثورة شعب مصر، فكيف تنجح ثورة فى تغيير نظام بأكمله من دون مساءلة رموزه وقادته؟ سؤال فرض نفسه لأسابيع وأثار التكهنات حول دور القوات المسحلة حتى جاءت لحظات الحقيقة وتوالت أوامر النائب العام بالتحفظ على أموال رؤوس الفساد واحتجازهم فى (طره لاند) ليحتل الخبر صدارة المشهد السياسى فى جميع أنحاء العالم، ها هى مصر تستفيق من ثباتها وتنفض عن نفسها غبار الظلم والفساد.

أنا مش آسف يا ريس.. كم تمنيت أن أقف أمامك لأقولها (بالفم المليان)، أنا مش أسف يا ريس، لأن الفضل فى مجانية التعليم يرجع للأديب العالمى طه حسين.

أنا مش أسف يا ريس، لأننى درست المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية فى مدارس كانت بالأساس قصور ومنازل لحاشية أسرة الملك وأممتها ثورة 52.

أنا مش أسف يا ريس، لأننى خريج جامعة المنيا التى شيدت فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1976.

أنا مش أسف يا ريس، لأن فى عهدك اخترعتم قانون الخصخصة، فأصبح الأب يشارك أبناءه البطالة بعدما خرج معاش مبكر.

أنا مش أسف يا ريس، لأنى اضطررت للاغتراب عن وطنى وأسفت لنظرة الأشقاء العرب لمصرنا الحبيبة فى عهدك.

أنا مش أسف يا ريس، عشان دماء الشهداء الطاهرة وعشان دماء المصريين الغلابة اللى راحوا ضحية تعذيب جلاديك وتجارة زبانيتك بأرواحهم وأقواتهم.

أنا مش أسف يا ريس، لأن كلمة مصرى كان البعض يصفنا بها للتقليل من شئننا، أنا مش أسف لأن قائمة إخفاقاتك تطول ولو أسف على أى حاجة فى حياتى يبقى أكيد على صمتى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة