محمد حمدى

العيب فى الذات الثورية

السبت، 23 أبريل 2011 11:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل عدة أيام نشرت الصحف اليومية خبراً يفيد أن النائب العام المستشار عبد المجيد محمود فى طريقه لاستدعاء الممثل طلعت زكريا للتحقيق معه فى عدة اتهامات من بينها، الإساءة إلى شباب الثورة، وازدراء الثورة وشبابها.

وحين قامت ثورة يوليو 1952 كان المهندس إبراهيم شكرى، الذى أصبح بعد ذلك بكثير محافظاً ثم وزيراً ثم رئيساً لحزب العمل الاشتراكى، مسجوناً بتهمة العيب فى الذات الملكية، وهى العقوبة التى سقطت مع سقوط الملكية وإقامة الجمهورية فى مصر.

لكن الرئيس الراحل أنور السادات، الذى كان مغرمًا بما يسميها تقاليد العائلة، ويعتبر البلاد كلها عائلة واحدة، هو كبيرها طبعاً، أصدر بعد ذلك قانوناً عرف باسم قانون العيب، ليس مثله شىء من القوانين فى أى مكان أو زمان، غير عصر وزمان الرئيس الأسبق، الذى أراد استخدام هذا القانون لمحاكمة وتجريم كل من يسئ إلى التقاليد التى تخيلها السادات.. وطبعاً غيرها مما لا يخضع للقانون العام.

مات قانون العيب كما مات السادات، ولم يعد أى إنسان عرضة للمساءلة بالعيب، باستثناء العيب فى الذات الإلهية طبعاً، وآخر من جرى التحقيق معهم فى هذا الصدد وبهذه التهمة نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل فى بلاغ تقدم به عضو مجلس نقابة المحامين ممدوح إسماعيل يتهم فيه الجمل بالإساءة للذات الإلهية، حين قال فى برنامج تليفزيونى: "ربنا يحمد ربنا لو خد 80%".

أما ازدراء الثورة والعيب فى ثوارها وفى الذات الثورية، سواء كان الشخص الذى قام أو شارك فى الثورة، أو الحدث أى الثورة ذاتها، فهى غير منصوص عليها بقانون العقوبات ولا تعد من الجرائم التى تستوجب المساءلة والحساب، لا أمام النائب العام ولا غيره، ولم نسمع عن هذه الجريمة الغريبة العجيبة فى أى ثورة مصرية من قبل، لا ثورة عرابى، أو ثورة 1919 ولا حتى ثورة يوليو 1952، لذلك لا أعرف على أى أساس سيسأل النائب العام الفنان طلعت زكريا، إلا إذا كان على أساس الشرعية الثورية التى تسقط القوانين حسب ما يقول الثوار.

فى أكثر من مقال سابق حذرت من أننا أصبحنا فى بلد غير مسموح فيه سوى بوجهة نظر واحدة، أو كما يقول الشاعر العراقى الكبير مظفر النواب "فمن آمن بالحزب الحاكم فالجنة مأواه.. وويل للمارق".

لم يعد لدينا حزب حاكم، وإنما ثورة لها قادة وشباب لا يؤمنون بحرية الرأى، وهم جاهزون بجملة اتهامات لكل من يخالفهم ممن يطلقون عليهم فريق الثورة المضادة، أو بقايا الحزب الوطنى، أو فلول أمن الدولة.. أو حتى ذيول كائنات خرافية عملاقة ومنقرضة مثل العنقاء والديناصورات.

عموماً عشنا وشفنا العيب فى الذات الثورية تهمة تستدعى التحقيق أمام النيابة العامة والتحقير أمام شباب الثورة، ولا أتمنى بأى حال من الأحوال أن تستمر هذه الحالة العبثية حتى لا يأتى يوم تتوالد التهم وتتزايد لتصل إلى العيب فى أبناء الذات الثورية وأحفادهم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة