خمسة أيام فقط هى الفاصل الزمنى بين "قفز" طلعت السادات بـ"البراشوت" على رئاسة الحزب الوطنى "المنحل".. وقرار المحكمة الإدارية العليا بحله وتصفية أمواله.
لكن الذى يتأمل ملامح وجه السادات بعد صدور حكم دائرة الأحزاب فى مجلس الدولة يعتقد للوهلة الأولى أن الرجل خاض معارك شريفة وناضل وحارب وسهر الليالى سنوات طويلة من أجل إنشاء الحزب ثم جاء من يسرقه أو يخطفه منه، وربما اعتقد السادات أن الحزب هو مجرد فيلل ورثها عن عمه الرئيس الراحل أنور السادات، فبدأ خلال أيام رئاسته الخمسة لـ "الحزب المنحل" يعطى فى تصريحاته إيماءات وإيحاءات بأن عمه الرئيس السابق هو الذى أرسى مبادئ وفلسفة الحزب؟.
والحقيقة أن مبادئ وفلسفة هذا الحزب الذى لا يمت للوطنية ولا للديمقراطية فى سياساته بصلة – هى العار بعينه، لأنه ظل منذ أنشأه عمه الراحل عام 1978 رمزا لتزوير وتغييب إرادة الشعب المصرى بشكل فاضح ومخز.
ونسى "طلعت" أن السادات هو صاحب "بدعة" أن يكون رئيس مصر هو رئيس الحزب الحاكم التى أصر عليها مبارك.. وهو أيضا صاحب "بدعة" تغيير الدستور ليصبح رئيسا مدى الحياة.. وهو الذى جلب "الانفتاح السداح مداح" لمصر، وقضى على النهضة الصناعية التى بدأتها ثورة يوليو وارتمى فى أحضان أمريكا واعتقل كل مفكرى وكتاب مصر من غير أتباعه فى أيامه الأخيرة.
وإذا كان السادات قد سار على نفس نهج عبد الناصر، ولكن بـ"أستيكة".. فإن مبارك قد سار على نهج السادات بـ"المسطرة".. وأتصور أن ثورة 25 يناير المجيدة قامت ضد فساد واستبداد 30 عاما من حكم مبارك.. وأيضا ضد سنوات وسياسات عديدة من حكم السادات.
ولا أعلم بأى شرعية قرر السيد محمد رجب، الأمين العام السابق للحزب، تعيين طلعت السادات رئيسا لما كان يسمى بـ"الحزب الوطنى الديمقراطى"؟.. فـ"الوعد" أيضا أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق - طلعت السادات يستحق وجدير برئاسة حزب ولكن ليس الحزب الوطنى - والسبب أن مقاره المنتشرة فى كل أنحاء مصر صارت بحكم الشرعية الثورية ملكا للشعب وليس لشخص، ولست أدرى لماذا لم يؤسس حزبا جديدا لاسيما، وأن نوافذ الحرية قد فتحت على مصراعيها الآن أمام حرية تأسيس الأحزاب؟.. ولماذا يصر على أن يرث حزبا أفسد الحياة السياسية وارتبط اسمه بالمفسدين؟.
ولنا لأن نتخيل أن المشهد قبل صدور حكم الإدارية العليا سيكون كالتالى: رحل الرئيس السابق وجاء مكانه شخص آخر.. وبقى الحزب – حتى لو تغير اسمه – وبقيت مقاره وأجهزته المحلية وبقى أعضاؤه البالغ عددهم مليون و900 ألف من الموقعين على استمارات عضوية، ومنهم أصحاب المصالح والمستفيدين وقيادات الصف الثانى والثالث يدينون بالولاء للنظام السابق مازالوا طلقاء ويعيدون تنظيم صفوفهم لأجل الحصول على حفنة منافع كان يتم إغراؤهم بها، وهؤلاء هم الطابور الخامس الذى كان سيشكل إلى الأبد خطرا دائما وحقيقيا على الثورة وسيظل فى حالة عداء مع النظام الجديد.
المجلس الأعلى ينجز عمليات تطهير مصر من الفساد والمفسدين استجابة لمطالب الثورة، وأحد مفردات هذا التطهير هو حكم القضاء المصرى العظيم بتطهير مصر من الحزب "الوطنى" الفاسد وإزالة أى أثر لوجوده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة