هنا قنا.. نحن الآن على بعد ما يقرب من 600 كيلو متر جنوب القاهرة.. هنا قنا.. لا سكة حديد ولا قطار ينطلق إلى الجنوب ولا آخر يذهب إلى الشمال.. اليوم هو "التاسع" لـ"منع القطارات" و"فرش الحصر" على قضبان السكة الحديد.. اليوم الجمعة هو "الأول" فى تاريخ مصر الذى تتحول فيه السكة الحديد "مسجدا وطهورا"، ويقف عليها آلاف، يفترشون حصرا وسجادات صلاة ويصلى الجميع على القضبان _ هنا ليس اعتراضا على الصلاة ولكن تنويها لأنها لحظة تاريخية_.
تعددت الأسباب فى قنا والمظاهرات واحدة والهدف واحد.. أولها _ودون وضع "الرؤوس فى الرمال" وبعد 5 أيام كاملة قضيتها فى المدينة _ إن المحافظ الجديد "مسيحى" الديانة.. رغم أنهم يقولون فى لافتاتهم وخطبهم: "المسيحيون إخوتنا ونحميهم ولا هجوم على الكنائس ومن قتل ذميا فهو فى النار".
ثانيها إن الرجل يحمل صفة لواء شرطة و"سرب" أحدهم جملة: "دم الثوار فى يدى المحافظ الجديد ولا نريد من قتل الثوار.. رغم أن عماد شحاتة ميخائيل وبحكم منصبه الأمنى السابق لا علاقة له بقتل المتظاهرين أو بشكل رسمى اسمه لم يأت من بين المتهمين بقتل المتظاهرين، أو المحرضين حتى الآن، وثالثها وحسب ما ردده شاب فى "ميكرفون احتجاجى" عند مزلقان قنا: "يا إخوانى يرضيكو إن "أهل كايرو يكتبوا على القطر الجاى من بحرى: "لو عايزين "نسوان " روح قنا وأسوان".. واحنا لازم نثبت لهم إننا رجال وأقوياء والمحافظ الجديد مش هيدخل".. هذه الجملة لا "أب لها".. والطب الشرعى والمعمل الجنائى لم يثبت أنها كانت مكتوبة أو من كتبها و"معلوم" أن من يكتب على القطارات وداخل الحمامات لديهم "عقد وأمراض نفسية وكبت".
رابعها.. يتمثل فى كون "ميخائيل" مسيحيا مثل سابقه مجدى أيوب وثبت لدى "القناوية" أنه لم ينجح ولم يزد شيئا عما فعله المحافظ الأسبق عادل لبيب الذى حول قنا إلى ساحة خضراء جميلة وشوارع عرفت أخيرا ما يسمى الإسفلت.. ويكفيك أن تدخل قنا وأنت فى طريقك إلى مبنى المحافظة تجد أشجارا تظلل لك الطريق.. وتسأل لنفسك هل أنا فى شوارع المعادى.. نفس الأمر لا يختلف كثيرا فى بعض مراكز وقرى قنا.. المشهد يتكرر.
خامسها هو روح ثورة يناير التى وصلت إلى "أطيب واكرم " ناس فى مصر.. روح تحقيق الهدف والوصول إليه مهما كلف الأمر.. ولكن يا أهل قنا.. ثوار يناير.. تظاهروا وقالوا: "سلمية.. سلمية".. ولم يخربوا.. وأنتم أيضا لم تخربوا وأشهد على "حبكم وحرصكم " على المنشآت العامة والخاصة فى شوارع المدينة.. يا أهل قنا.. الثوار لا يعطلون.. ولا يقطعون السكة الحديد.. ولا يمنعون المصالح.. ما ذنب شاب فى أسوان "جيشه أو عمله" فى أقصى الشمال.. ما ذنب مريض كان فى طريقه إلى أسيوط "قلعة الطب" فى مصر.. ووجد "الطريق مغلقا".. ما ذنب هذا وذاك وهؤلاء.
يا أهل قنا.. صوتكم وصل.. ووصل بقوة.. وخرق آذان الحكومة وجاءكم وزراء وسيأتيكم رئيس الوزراء عصام شرف.. ماذا تنتظرون.. القرار.. القرار سيأتى.. مع التأكيد أن قرار تعيين عماد شحاتة ميخائيل لم يكن موفقا نهائيا.. وخطأ من الحكومة غير مقصود وليس به إهانة لكم..
هل هو "عناد أم قفلة دماغ ".
رسالتكم وصلت.. وتبقى أسئلة لابد لها من إجابة.. من يعاقب "قاطعى السكة الحديد".. من يحاسب الذين جعلوها فوضى واعتدوا على مرفق مهم من مرافق الدولة.. المرفق اسمه سكة حديد مصر وليس سكة حديد قنا.. لماذا ينتظر "الجيش" كل هذا.. لماذا لا يتدخل ويعيد الحياة إلى طبيعتها ويخلى "المزلقان" كما أخلى "ميدان التحرير بالقوة".. ولا نطلب من الجيش أن يخلى ميدان محافظة قنا من متظاهريه فهو حق لهم.. لكن قطع السكة الحديد من لحظته الأولى جريمة.. جريمة تستوجب حسابا وحسما وحزما وقوة.. جريمة لابد من محاسبة مرتكبيها.. خاصة وأن السكة الحديد "ممدوة" بـ"طول مصر".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة