على مدار 11 عاما ارتبط اسمها بانتقاد المجلس القومى للمرأة، الذى اتهمه المجتمع بأنه السبب فى تفككه والانحياز لصالح سياسات الحزب الوطنى، كما طالها الهجوم بسبب قربها من قرينة الرئيس السابق سوزان ثابت، التزمت الصمت منذ سقوط النظام الذى سقطت جميع مؤسساته فى الفساد واحدة تلو الآخر.
اليوم السابع حاورت الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومى للمرأة وأستاذ الجيولوجيا بالجامعة الأمريكية ودار الحوار:
المجلس نال كم هائل من النقد بمجرد سقوط النظام السابق، وكان الهجوم من منظمات المرأة نفسها، فكيف نظرتى إلى ذلك الموقف؟
"مش قادرة أعرف، أنا مصدومة، لأن نفس الجمعيات حتى مراسلينا الصحفيين كانت تعمل معنا طوال الفترة الماضية، وواضح إن الناس خايفة على نفسها، أنا مش بقول يدافعوا عننا لكن كلمة حق أمام ربنا وأعتقد أنهم مش عارفين أهمية المجلس".
وما هى أهمية المجلس؟
"إحنا جهة حكومية لنا الحق فى أن نقيم أوضاع المرأة والأسرة ونرصدها ونرفع التقارير إلى أعلى مستوى، والمجلس هو الوجه الآخر للجمعيات نعكس مطالبهم، وإذا تم إلغاؤه لن يكون هناك صوت شرعى يدافع عن المرأة أمام الحكومة".
وهل استطاع المجلس خلال 10 سنوات الارتقاء بأوضاع المرأة؟
نعم استطعنا النجاح بنسبة تصل إلى 100 % على قدر إمكانياتنا.
لكن معدلات نسبة الطلاق التى ارتفعت من 9 إلى 12 مليون خصوصا فى أولى سنوات الزواج ، وتضخم معدلات العنوسة والأمية والفقر بين السيدات يوضح أن المجلس لم يضع حلا لمثل هذه المشكلات؟
"وإحنا مالنا، المجلس مش دوره إنه يحل هذه المشكلات، ارتفاع معدلات الطلاق يقابله زيادة المخدرات والبنات أصبحت بتدلع ولم يعد موجود العادات التى تربينا عليها "ضل راجل ولا ضل حيطة" بل تغير المجتمع، أما الأمية فلها جهاز مسئول عنها ، والفقر من مسئولية وزارة التضامن الاجتماعى".
لكن من أهداف إنشاء المجلس فى القرار الجمهورى "تمكين المرأة" وهذا لن يحدث إذا كانت جاهلة وتضعفها المشكلات الاجتماعية؟
"أنا معك، لكن دورنا ليس تنفيذيا وإنما وضع سياسات عامة ناجحة نقدمها للجهات المسئولة لتطبيقها".
وما الذى قدمه المجلس لحل هذه المشكلات؟
الأمثلة كثيرة، فبالنسبة للأمية قدمنا نموذجا شاملا إلى رئاسة الوزراء ووزارة التربية والتعليم وهيئة محو الأمية وتعليم الكبار، بعد أن طبقناه على أكثر القرى أمية فى الفيوم ونجحنا فى تخفيض معدلها الى 41 % فقط ، وقام نظيف بعقد اجتماع وزارى لعرض المشروع ، و"اسألوا سعد نصار محافظ الفيوم وقتها، هو اللى شرح الأفكار التى اتبعناها، ومن ثم انتقلت مسئولية تطبيقه إلى المحافظات، لأننا لا نملك إمكانيات النزول لمحو الأمية بأنفسنا.
لكن الاتهامات الموجهة للمجلس أنه يقوم بخدمة طبقة الصفوة؟
أتحدى أى شخص يقول مشروع واحد قدمناه لهذه الطبقة ، كل مشروعاتنا تنصب على المرأة المدفونة فى بيتها وخصوصا فى القرى والصعيد ، ونجحنا فى توفير فرص عمل لأكثر من 17 ألف فتاة حولناهم الى سيدات أعمال ، وفتحنا لهم مشروعات صغيرة ، كما دربناهم على استخدام الكمبيوتر، ورفعنا نسبة توعيتهم السياسية.
ولكن هذا يثبت الاتهام الموجه للمجلس أنه ترك أهم أدواره وهى "التشريع" وتفرغ للمشروعات الصغيرة والندوات والتى من المفترض أن يتولاها وزارة التضامن الاجتماعى والجمعيات؟
"إحنا دورنا إبداء الرأى فى القوانين أو المواد الدستورية المتعلقة بشئون المرأة اذا كان هناك تمييز ضدها، والعديد من المشروعات القانونية التى قدمناها كان مصيرها الإدراج ، ووزير العدل لم يفعل أيا منها ، ومؤتمراتنا قليلة جدا ، غالبا ما نثير من خلالها نقاش مع أصحاب القرار حول موضوع هام يتعلق بحقوق المرأة ، مثل الدائرة المستديرة التى أقمناها قبل إقرار قانون الكوتة حيث ركزنا على الاتجاه إلى القائمة النسبية لكى تكون تمثيل حقيقى للمرأة ، أما المشروعات الصغيرة فلم يقم بها المركز بل أوكلناها إلى الجمعيات بعد تدريبهم عليها.
لكنهم يتهموا المجلس بعدم التعاون معه منذ فترة إنشائه؟
"كلام غير منطقى، إحنا مش ملك حد، ونتعاون مع كافة الجمعيات والقوى السياسية فى مصر"، بدليل أن معظم مشروعات القوانين التى نقدمها تأتى بالتعاون مع منظمات المرأة، مثل مشروع قانون العنف ضد المرأة الذى اشتركنا فيه مع جمعية تنمية المرأة لإيمان بيبرس، وتولت مسئوليته أمينة شفيق عضو حزب التجمع ، وضعت خلاله استراتيجية وطنية لمواجهته ، وأرسلنا إلى كل الأحزاب ، وناشدناهم أن يجعلوا موضوع العنف على أجندة اهتمامهم وبرامجهم، "وفى عام 2008 كنا بنتخانق على قانون التحرش اللى لسة طالع وكان بالاشتراك مع المركز المصرى لحقوق المرأة ، وتجاهله وزير العدل طوال هذه المدة ، يعنى كانوا مستنيين ما حدث فى ميدان التحرير لكى يصدروه".
ولماذا لم تخرج هذه الجمعيات لتدافع عن المجلس فى ظل الهجوم عليه؟
للأسف هناك الكثير من الجمعيات الصغيرة لا تملك إمكانيات المنظمات الكبرى التى لديها ميزانيات لعقد الندوات والكتابة فى الصحف.
وهل قيام شخصيات مستقلة بتقديم مشروعات قوانين تخص المرأة ومعارضة أخرى ضدها دون مساندة المجلس يعنى أنه لا يوجد تمييز؟
"لا فيه وكلما كانت تسنح الفرصة كنا نتقدم بتعديلات وقدمنا واقترحنا قانون الضرائب كان فيه تمييز ضد المرأة لأنه كان يعفى المرأة من دفع نسبة فى التأمين على عكس الرجل بحجة أنها غير معيلة لكنها تساعد فى بيتها وتربى الأطفال، أما محاكم الأسرة والأحوال الشخصية والذى يتهمونا به إننا السبب فى خروجه لم نكن اقترحناه، كما أننا دافعنا عن قانون الجنسية واستطعنا إعطاء المرأة الحق فى إعطاء الجنسية لأطفالها مثل الرجل.
معنى ذلك أن الحزب الوطنى لم يكن مسيطرا على المجلس؟
"انتى عارفة إن الحزب الوطنى كان أقل الأحزاب اهتمام بإرسال أعضاؤه أو حضور ممثلين عنه، وأكثر الأعضاء نشاط فى المجلس كانت أحزاب المعارضة، وغير حقيقى ما يقال إننا ننفذ قرارات أمانة السياسات بالحزب الوطنى، ولجنة المشاركة السياسية تضم كل الأحزاب حتى المجمد منها".
ولماذا لم يظهر ذلك على مستوى المشاركة السياسية للمرأة ؟
"دى مشكلة الأحزاب التى لا تعطى حق المرأة فى التواجد على الساحة أو الوصول لمستويات اتخاذ القرار، رغم أنها قوية وتقدر تخدم بكل براعة".
من كان يختار أعضاء المجلس؟
كانت تأتى إلينا ترشيحات من الرئاسة والمحافظات والوزراء والشخصيات العامة .
ألم تكن سوزان مبارك تتدخل فى اختيار الأعضاء؟
لا أعلم.. الترشيحات كانت تأتى من الرئاسة نفسها .
لكنك كنت على صداقة معها؟
هذا الأمر ليس له علاقة.. فسوزان تلميذتى.
ولم يكن لصداقتكم علاقة باستمرارك 11 عاما فى منصبك رغم تخطيك السن القانونية للمعاش؟
"أنا أعمل بعقد، وطلبت أكثر من مرة أن أتنحى عن المنصب لكى يأتى وجوه جديدة لكن الأعضاء كانوا يرفضوا وليس سوزان وحدها، لأنهم أرادوا أن يستغلوا خبرتى مش عشان سواد عيونى، واستمريت لأنى قادرة على العطاء والعمل يسير بشكل جيد ، ولو كانوا لقوا حد أحسن منى كانوا اختاروه ، وبعدين أنا تاريخى فى العمل الاجتماعى يبلغ 50 عاما ولا يقتصر على 11 سنة، وكان قبلى ميرفت التلاوى ولما سافرت اختارونى ، وكنت وقتها نائب رئيس الجمعية الدولية".
لكنها رئيسة المجلس؟
"شرفيا.. ووجودها كان مهم لدعمنا معنويا ، لذلك كنا ننتخبها ، لتكون ضمانة لنا لتنفيذ مطالبنا ، ولو لم تكن موجودة مكنش حد رد حتى على جواباتنا".
لكنك فى بداية حديثك ، أكدتى أن هناك العديد من القوانين التى تم عرقلتها وان النماذج التى قدمها المجلس لم تنفذ ، هل معنى ذلك أن سوزان مبارك كانت تركز على موضوعات معينة دون غيرها ؟
"سوزان كان ينحصر دورها فى حضور الاجتماعات واللى كان أغلب أعضاء المجلس يوافق عليه تدعمه ، وكان معظم كلامها إننا نخرج من القاهرة ونركز على الصعيد والمرأة والمعيلة".
وإذا كان لها رأى مخالف؟
كانت تنفذ رأيها.
ولماذا لم تستغلى وجود سوزان مبارك كرئيس للمجلس فى دعم هذه المشروعات؟
"متقدرش. يعنى هتضغط على وزير العدل، عندنا 5 قوانين تقيدنا.
لكن ما ظهر من حقائق عقب سقوط النظام يؤكد أن سوزان كان لها اليد العليا فى العديد من القرارات الرئاسية، هل معنى ذلك أن سوزان كانت تأخذ المجلس كواجهة لكى تظل سيدة مصر الأولى المدافعة عن حقوق المرأة؟
لا تعليق.
هناك اتهامات وجهها النشطاء فى مجال المرأة أكدوا أن المجلس لم يقف إلى جانب المرأة فى العديد من المواقف مثل ما حدث فى مظاهرات 2006 وتعامل الأمن مع الناشطات وحوادث التحرش الجنسى؟
"مش شغلتى إنى أدافع عن الانتهاكات إللى بتحصل للمرأة إحنا لينا حدود، الحاجات دى أنا بسمع عنها ومش متأكدة من صحتها وفيه أجهزة أمنية هو ده دورها".
وماذا عما حدث للسيدات الذين خاضوا معركة الانتخابات حول مقاعد الكوتة فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة ؟
"المفروض إنهم من النساء الأقوياء فى المجتمع أمال نازلين معركة الانتخابات يعملوا إيه، ودورهم أن يتخذوا موقف تجاه ما حدث لهم وألا ينتظروا مساندة أحد ، ده أنا عايزاها تنزل عشان تسندنى فى المجلس ، كما أن أحزابهم لازم ياخدوا موقف ، لكن المجلس مالوش دعوة ، وفى هذه الانتخابات لم يصلنا إلا شكوى واحدة فقط".
ماذا عن المنح التى كان المجلس يحصل عليها ؟
"أقولك حاجة، بعد الثورة كانوا فاكرين أنهم لما يفتشوا فى المجلس هيلاقوا مليارات، وهذا غير حقيقى، إحنا موازنتنا الحكومية ضئيلة جدا ، ولم نكن نأخذ سوى منحة واحدة لمكتب الشكاوى لأنه كان يتبع الاتحاد الأوروبى ، إما أموال المنح المخصصة لتنمية مهارات المرأة كانت وزارة التعاون الدولى توزعها على المحافظات والوزارات لكى يقوم كل منهم بالبرنامج المخصص للمرأة".
ولماذا لم يظهر ذلك على أرض الواقع ؟
"لأننا اكتشفنا إن كل ده كان على ورق".
كيف؟
"منذ بداية إنشاء المجلس كان يعتمد على التقارير التى ترسلها المحافظات والوزارات بتنفيذ البرامج المخصصة لهم تجاه المرأة، حتى عام 2007، حيث قررنا أن ننزل لنرى الواقع بأنفسنا لنكتشف بلاوى وأن التقارير كانت حبر على ورق".
ولماذا صمتتى على هذا الفساد؟
لم أسكت وعملت تقارير وقدمته لرئيس الوزراء وفضحتهم فى الجرائد.
لكن النظام السابق لم يكن يبقى على من يعارضوه؟
"لكنى بقيت".
فاطمة خفاجى قالت إنها استقالت من مكتب شكاوى المرأة الذى أنشأه المجلس عام 2002 لأنك كنتى تتدخلى فى منع شكاوى المرأة التى كانت تعارض الحكومة؟
"غير حقيقى، فاطمة زى بنتى وأنا اللى دخلتها المجلس بعد ما تخلى اليونيسيف عنها لأنى أردت الاستفادة من خبرتها، وفاطمة استقالت لأسباب أخرى ، وبعدين المشروع كان بتمويل أوروبى وتقاريره تعرض عليه ، والأجانب لا ينفقوا مليم إذا وجدوا البرنامج غير فعال".
ما رأيك فى خروج المظاهرات المنددة بقانون الرؤية وختان الإناث وتنتقد محاكم الأسرة وتتهم المجلس بأنه سبب فى تفكك المجتمع ؟
"ظلم وافتراء، أولا قانون الرؤية لم يشترك فيه المجلس نهائيا ، والمسئول عنه زينب رضوان عضو نائب مجلس الشعب وهى اللى دافعت عنه واختارت سن الحضانة للأطفال، ومثله قانون محاكم الأسرة الذى قدمه وزير العدل، ومعظم القوانين اللى قدمناها مركونة فى الدرج عند وزير العدل ، ولما كنا نطلب منه الاطلاع على القوانين المتعلقة بالأسرة قالنا "انتوا ملكوش دعوة"، ولما اطلعنا على قانون الرؤية وجدناه "هيخرب بيت المرأة تانى"، والمستشار حسن بدراوى عضو لجنة تعديل الدستور يتحمل المسئولية لأنه كان رئيس لجنة وضعه".
قمت بخوض انتخابات مجلس الشعب عام 1979 عن طريق الكوتة، وتكررت عام 2010 كيف ترى التجربتين؟
الكوتة حل مؤقت وفى 79 كان مجرد قانون لم يكن مسنود بدستور ، لكن بعد إدخال المادة 62 أصبح لا يمكن الطعن عليه ، ورفضناه فى المجلس كمجلس وطالبنا بالقائمة النسبية ، وقلت انه لن يغير شئ فى مشاركة المرأة لأن فيه ناس لم يكونوا مؤهلين للترشيح .
لكنك لم تساندى المرأة التى كانت تواجه البلطجة والمنع فى ظل تغطية محافظة كاملة دون دعم مادى ؟
"عملت اللى أقدر عليه فى حدود مسئوليتى ، قدمنا تشديد عقوبة البلطجة عند صندوق الانتخاب كما طالبنا بوضع سقف مالى فى الانتخابات وان يشطب اسم المتجاوز لذلك ولا عبرونا ولا سألوا فينا".
ماذا عن مرتبات المجلس؟
"مرتباتنا مثل أى مصلحة حكومية والجهاز المركزى للمحاسبات يأتى لمراقبتنا كل 15 يوما ولو عنده حاجة ضدنا يطلعها، ده أنا دخلت فى نقاش مع سوزان مبارك لأنها كانت ترفض أن نعطى بدل حضور الاجتماعات لأعضاء المجلس".
لماذا؟
"كانت بتقول إن اللى ييجى يقعد معايا فى الاجتماع يبقى متطوع وإما لا يحضر".
فى النهاية، ما مستقبل المجلس؟
لا أعلم أى شئ حتى الآن عن مستقبلنا ، لكن على الجمعيات التى تقود هجوم شرس ضدنا فى الوقت الحالى أن تدرك أن إلغاءنا سيضرهم قبل أن يضرنا وسيضيع كافة مكتسبات المرأة الأعوام الماضية ، ومن الأفضل أن تقوم بالاتحاد معنا لكى نتخطى هذه المرحلة ، وعلى الشعب أن يثبت أنه صاحب القرار وحينما يقدم المجلس مشروعات قوانين لخدمة الأسرة يجب إقرارها.
فرخندة حسن: سوزان مبارك تلميذتى.. أتحدى أن يكون المجلس القومى للمرأة قد دافع عن قرار واحد للجنة السياسات بالحزب الوطنى.. وطلبت من وزير العدل الاطلاع على مشروع قرار الرؤية فقال لى "انتو ملكوش دعوة"
الخميس، 21 أبريل 2011 10:49 ص
الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومى للمرأة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة