"إسلام بلا مذاهب" عنوان العمل الأشهر للعالم الدكتور مصطفى الشكعة، أحد المفكرين البارزين، وعضو مجمع البحوث الإسلامية والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة عين شمس ورئيس لجنة التعريف بالإسلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعضو لجنة الحوار الإسلامى المسيحى بالأزهر الشريف والذى توفى أمس عن عمر يناهز 94 عاماً.
يهدف الكتاب الذى صدرت منه الطبعة الــ19 عن الدار المصرية اللبنانية منذ ثلاث سنوات، كما يقول الشكعة فى مقدمته، إلى تثقيف الشباب المسلم فى كل أرض وصقيع ومن كل مذهب ومشرب، ثقافة مذهبية تكون سبيلا إلى السماحة ودرعا ضد التعصب والعصبية اللذين يشكلان عقبة صعبة التخطى فى سبيل التقدم والتجمع على حد سواء، وهذا العمل بمثابة دعوة إلى الصواب، واستنهاضًا للهمم، وتنقية للعقيدة من الأوشاب التى علقت بها على مر الزمان وتطهيرًا لها من البدع والمستحدثات وتخليصًا للزيف وتخطيًا للجمود فى إطار من نبل الغاية وسلامة القصد واستهداف الخير واستجلاب النفع ونشدان السلام والسعى إلى العزة والأمان.
فى هذا الكتاب يحاول الشكعة-مواليد محافظة الغربية 1917-أن يقرب بين المذاهب الإسلامية، نافيًا فكرة التشبث بالرأى والتزمت التى تفكك شمل المسلمين أكثر مما توحدهم، مخالفًا لأسلوب الكاتبين عن الفرق الإسلامية، والذى عادة ما يكونون متأثرين بروح التعصب الممقوت فتثير كتاباتهم نيران العداوة بين أبناء الملة الواحدة.
يقول الشيخ الكبير محمود شلتوت، رحمه الله، عن هذا الكتاب: الشكعة يعرض العقيدة الإسلامية فى هذا الكتاب عرضا بينا واضحا ميسرًا يتفق مع ما جاء به القرآن الكريم والسنة الصحيحة ويتضح بأسلوبه السهل مواقفه من العقيدة القائمة على الفطرة الإنسانية السليمة والملاءمة لحكم العقل الناضج المفكر والبعيدة عن التعقيد الفلسفى الناشئ من الخطأ الفكر وفساد الرأى، إضافة إلى أنه تعرض لدفع بعض الشبه التى كثر حولها الجدل فى الأيام الأخيرة كتعدد الزوجات ومسألة الرق، فأوضح وجهة نظر الإسلام فى هذه الموضوعات وقارن بين ما جاء به غيره من الأديان وما عليه العمل الآن فى بعض الدول التى يظن أنها بلغت من الحضارة ما لم تبلغه أمة.
فى حديث الشكعة عن الفرق الإسلامية الغلاة منهم والمعتدلون نجده يتحدث عن كل فكرة كيف نشأت وتطورت، فيعالج هذا الموضوع الشائك بأسلوب المؤرخ الأمين الذى يقف على الهوادة واللين وليس التعصب، ولم ينس فى حديثه أن يشيد بالمواقف النبيلة التى وقفتها الفرق المتعددة لرفعة هذا الوطن العزيز وما بذلوه من دماء وأرواح فى محاربة المستعمرين وأذناب المستعمرين.
يعلل الشكعة سبب إقباله على تقديم هذا العمل، عندما وجد الغرب يحاول أن يتسغل المذاهب المتعددة داخل الإسلام لضرب المسلمين فى بعضهم البعض، فلم يصبح العداء فقط بين الشعب والمحتل، وإنما أصبح بين مسلم سنى، حنفى، شافعى أو سلفى وشيعى إمامى، زيدى، إسماعيلى، درزى وعلوى، فوقف الشكعة موقف الدارس المتأنى وقدمه للقارئ فى يسر وبساطة ولين وعرض لها تاريخيا وأدبيًا.
وعقائديا، ناظرًا نظرة علمية سمحة بعيدة عن التعصب المذهبى، حتى يتعرف المسلمون على اختلاف مذاهبهم وفرقهم وطوائفهم الموقف الذى ينبغى أن يكونوا فيه بحيث لا يكون الفارق واسعا بين المذاهب ويكون اللقاء أيسر مما يظن الكثيرون لأن فى اللقاء قوة وعزة وسيادة.
يشتمل الكتاب على 6 أقسام الأول بعنوان "ماهية الإسلام"، وفيه يعرف المؤلف الإسلام من خلال تناول لبعض خصائصه مثل كونه "دين فطرة" يتلاءم مع الطبيعة البشرية، ويقر بوجود إله واحد، موضحاً سماحة الشريعة الإسلامية ومرونتها من خلال تناول بعض المبادئ التى أقرها الدين الإسلامى مثل التكافل الاجتماعى، الشورى، المساواة، كما تناول موقف الإسلام من بعض القضايا مثل الرق ومكانة المرأة.
ويأتى القسم الثانى بعنوان "انقسام الإسلام إلى مذاهب وفرق"، وتحدث فيه عن بداية انقسام المسلمين بعد موت الرسول بهدف الوصول إلى السلطة، متناولاً بعض الفرق التى انقسمت وهى "الخوارج، الأباضية، الشيعة، الأمامية، الزيدية"، متناولاً نشأة وعقيدة ورموز كل فرقة منهم.
أما "غلاة الشيعة" فهو عنوان القسم الثالث الذى يتناول فرق "الإسماعيلية، الدروز، والعلويون"، والمعتزلة فهى الفرقة التى تناولها الشكعة فى القسم الرابع، وأتى الخامس بعنوان "أهل السنة"، وتناول فيه أهل الحديث والرأى وأئمة أهل السنة، متناولاً حياة كل من الأئمة الأربعة "أبو حنيفة، مالك، الشافعى، أحمد بن حنبل"، كما تناول القسم كلاً من الأشاعرة والمتصوفة.
والقسم السادس والأخير "حروب وقتال بسبب المذاهب" يتناول أهم الحروب التى حدثت بين المسلمين وأنفسهم صراعاً على السلطة تحت اسم "المذاهب"، وكيف أضعفت تلك الحروب الأمة الإسلامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة