أسرار تلاعب الكبار بأسهم البورصة

الخميس، 21 أبريل 2011 11:39 م
أسرار تلاعب الكبار بأسهم البورصة جمال مبارك وأحمد عز
عادل السنهورى - محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ كبار المضاربين لا يعملون بأسمائهم ولكن بفريق من الأعوان بينهم أكواد يتعاملون بها فى العرض والطلب
◄◄ «هيرميس».. شاهد عيان على فساد طرح أسهم شركات القطاع العام للاكتتاب.. والبورصة سكتت عن المخالفات

مرآة للاقتصاد أم مرآة للفساد؟ فى الأوضاع السياسية الطبيعية تصبح البورصة مرآة حقيقية للاقتصاد الوطنى، وعاكسة لحركة النمو الاقتصادى للدولة، وفى أوضاع الفساد وغياب القانون تتحول إلى بؤرة من منظومة الفساد، للتلاعب بمدخرات المودعين البسطاء، ومصدر للنهب المنظم للأموال، فى غياب الرقابة وانعدام الخبرة من القائمين على أمر سوق المال.

الشائعات إحدى الوسائل فى حرب الكبار لضرب أسهم معينة داخل البورصة، ومن ثم الاستيلاء على السهم بأرخص الأسعار، وبالتالى الاستحواذ على الشركات.

بعض الشركات قامت فى الفترة السابقة بالتعاون مع بعض ذوى النفوذ بالتلاعب على السهم، بحيث يتدنى السعر بصورة لا تتناسب مع وضع الشركة، وهو ما حدث من إحدى شركات الدواجن، حيث قامت بوقف حركة البيع والشراء لصالح الكبار دون تدخل واضح من إدارة البورصة.

حالات تلاعب أعضاء مجالس الإدارة بأسهم شركاتهم كثرت فى الفترة الأخيرة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، وكشفت عن وجود حالات التلاعب فى التداول على أسهم إحدى الشركات المقيدة ببورصة الأوراق المالية بعد قيام بعض الأشخاص المرتبطين برئيس مجلس إدارة الشركة والمتمثلين فى بعض أولاده وزوجاتهم- بالتعامل على أسهم الشركة بناء على معلومات داخلية عن الشركة على نحو يحقق لهم أرباحا نتيجة ذلك التعامل.

كبار المضاربين بالبورصة لا يعملون بأسمائهم ولكن لهم فريق من الأعوان فى أماكن متفرقة، بينهم أكواد يتعاملون بها فى العروض والطلبات، تلك الأكواد يتم الاتفاق عليها يوميا وتتغير باستمرار، ولكن لكل منهم أكواد معروفة، وكل عرض وطلب لهم مسجل بأكوادهم وأسمائهم وبالتوقيت فى كل جلسة بالثانية، وبمجرد تقديم الشكوى إلى هيئة الرقابة يتم تسليط الأضواء على السهم ومراقبته ومعرفة أسماء المتلاعبين فيه.

أكواد مجمدة
ومؤخرا كشف رئيس مجلس إدارة البورصة اللواء محمد عبدالسلام أنه بصدد عمل إجراءات للتحقيق فيما نسب لواحدة من إدارات البورصة المصرية من اتهامات بشأن إرسالها أكواد المجمدة حصصهم بالبورصة إلى شركات السمسرة دونما إرسال الأسماء نفسها، الأمر الذى أثار شكوك البعض حول إمكانية وجود بعض التلاعبات و«التفويتات» على حساب بعض رجال الأعمال الممنوعين من التصرف.
وأشار عبدالسلام إلى دخول مؤسسات عالمية لديها خبرة تبلغ نحو ما يقرب من مائة عام بالعالم كله إلى السوق المصرية خلال جلسات الأسبوع، مؤكدًا أن تلك الصناديق دخلت السوق المصرية عندما وجدت حالة من التطور فى منظومة الإفصاح بالبورصة بشكل عام، ولما وجدت فرصة استثمارية جيدة بمصر.
ولفت عبدالسلام إلى أن الإعلان عن ملكيات الصناديق الأجنبية وهياكل ملكية الشركات هو أمر ليس متاحا بشكل عام، وإنما يحكمه قانون سرية الحسابات، فشركة مصر للمقاصة لا يمكنها الكشف عن هياكل ملكيات الشركات إلا بحكم قضائى، وأما فيما يخص الرقابة على ملكيات الصناديق الأجنبية، فرغم سرية الحسابات فإن إدارة السوق حريصة على التيقن من أن ملكيات هذه الصناديق لا تؤول لمن صدرت بحقهم قرارات إيقاف أو تجميد أرصدة من جهات التحقيق فى مصر، وهو ما يتم من خلال التنسيق والتعاون بين إدارة البورصة وهيئة الرقابة المالية وشركة مصر للمقاصة.
الشهور الماضية شهدت عشرات الحالات التى تمت خلالها عمليات تلاعب ومخالفات فى تعاملات البورصة، ورغم أن إدارة البورصة ليست طرفا فيها، بمعنى أنها كانت تطبق ظاهر القوانين عليها، فإن هناك أطرافا أخرى كانت متورطة فى عمليات ضخمة لغسل الأموال القذرة، أو التلاعب للاستيلاء على شركات لصالح رجال أعمال من النظام السابق لتحقيق مصالح شخصية، وقيام شركات سمسرة كبرى بالاستحواذ على عمليات الخصخصة التى تمت لشركات القطاع العام واكتتاباتها فى البورصة.
وليس ذلك فحسب فهناك عشرات التلاعبات التى حدثت على أسهم شركات مدرجة فى البورصة لزيادة أسعارها رغم عدم وجود ما يبرر ذلك فى أداء الشركات.

أجواء مصر
مشكلة شركة «أجواء مصر» نموذج لمثل هذه المخالفات، فمازال مساهمو الشركة يعانون مما وصفوه بممارسات إدارة الشركة وتلاعبها بالأسهم، مما تسبب فى ضياع أكثر من 80% من أموالهم، والمشكلة تتلخص فى قيام مستثمر سعودى وهو المساهم الرئيسى فى الشركة كان يملك 98% من أسهمها فى أبريل 2009 ويملك الآن 61% ببيع مجموعة من شركات غير مصرية كان يمتلك فيها حصص أغلبية، أهمها شركة «أجواء جى سى سى» وتم الاستحواذ على 80% منها بـ700 مليون جنيه، وشركة «العروبة» وتم الاستحواذ على 74% منها بـ 40 مليون جنيه، وحدث ذلك فى عامى 2007، و2009.
كما قامت الشركة بدمج شركة صغيرة تم تقييمها من هيئة الاستثمار بـ953 ألف جنيه فى الشركة الأم بهدف إعادة تقييم أصولها وتسجيل زيادة فى رأس مالها بـ125 مليون جنيه، وتم تمويل الصفقتين الأولى والثانية بالكامل من خلال قرض من المساهم الرئيسى للشركة المستحوذة، وطبعا كان ينوى استرداد أمواله من الاكتتاب الذى أعلنت عنه الشركة مؤخرا، وتم تأجيله.
ورغم وجود الكثير من علامات الاستفهام على عمليات الاستحواذ، فإن ما يهمنا هو نتائجها على الشركة المستحوذة، حيث بلغ صافى ربح الشركة 12.9 مليون جنيه على استثمارات تتعدى الـ900 مليون جنيه، وهو ربح ضعيف للغاية، وكان يمكن التغاضى عن مشاكل تضخيم الأصول وضعف الربح لو لم يقم المساهم الرئيس المستثمر السعودى ببيع 37% من أسهمه للسوق بأسعار لا تناسب على الإطلاق الربحية الضعيفة للشركات.
لكن أكثر شىء أثار الشبهات لدى المساهمين هو قيام المستثمر الرئيسى ببيع حوالى 750 ألف سهم بسعر 85 جنيها قبل قيام الشركة بتجزئة أسهمها بيوم واحد فقط، حيث تراجع السهم بعدها مباشرة بصورة مرعبة حتى وصل إلى 6 جنيهات فقط، وخسر على أثره أغلب المستثمرين البسطاء معظم أموالهم.
ورغم أنه كان من المفروض أن تقوم الشركة فور تنفيذ تجزئة السهم بالإعلان عن زيادة رأس مال الشركة، فإن ذلك لم يحدث، وماطلت الشركة حتى أنها أرسلت محضر اجتماع مجلس الإدارة الأخير دون طلب زيادة رأس المال، وهو ما اضطرها إلى إرسال تصحيح له إلى هيئة سوق المال بعد اعتراض الأخيرة على عدم ذكر زيادة رأس المال فى محضر مجلس الإدارة.
وهنا استشعر المساهمون وجود تلاعب من قبل إدارة الشركة، وهو ما دعاهم إلى تقديم بلاغ للنائب العام ضد مجلس إدارة الشركة تتهمه بإهدار أموالهم بسبب القرارات الخاطئة، وقيام مجلس الإدارة ببيع عدد كبير من الأسهم فى السوق، مما تسبب فى انهيار سعر السهم بشكل مفاجئ وخسارتهم معظم أموالهم، كما طالبوا بإلغاء الاكتتاب الذى كانت تنوى الشركة إجراءه، وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى بعدما قال الكثير من المساهمين إن هدفه هو حصول المستثمر السعودى على أموال الاستحواذات السابقة دون القيام بأى مشروعات تفيد الشركة، بدليل أن مجلس الإدارة لم يعلن عن خططه المستقبلية، وكيف سيستخدم زيادة رأس المال التى يطالب بها.
وقال المساهمون إن الشركة لن تستفد من الاكتتاب الذى يحاول مجلس الإدارة تمريره، حيث سيتم توجيه جزء كبير من حصيلته (740 مليون جنيه) لتسديد مديونية المساهم الرئيسى بها نتيجة الاستحواذات التى قامت بها الشركة، بالإضافة إلى أن أرباح الشركة بعد هذه الاستحواذات عن عام 2009 كان 12.9 مليون جنيه على أصول قدرت بـ940 مليون جنيه، أى عائد أقل من 1.4%، فى حين حدد قانون سوق المال فى المادة الخامسة منه والمادتين 9 و43 من لائحته التنفيذية لموافقة الهيئة على نشرة الاكتتاب فى زيادة رأس المال الشركات، أن تقدم الشركة ما يفيد «إفادة الشركة من حصيلة الاكتتاب فى زيادة رأس المال»، وذلك لم يتحقق بدليل أرباح الشركة الضعيفة بالنسبة للأصول.
مشاكل الفساد لم تتوقف على ذلك فقد تقدم عدد من المستثمرين ببلاغ للمستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، ضد كل من الدكتور زياد بهاء الدين، رئيس هيئة الرقابة المالية السابق، والدكتور خالد سرى صيام، رئيس البورصة السابق، يحمل رقم 3520 يطالبون فيه النائب العام بالتحقيق فى جلستى التداول يومى 26 و27 يناير الماضى لوجود تلاعبات لصالح جمال مبارك، أمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى السابق.

تلاعب عز  
كان من بين الاتهامات وجود تلاعبات كبيرة فى البورصة من أحمد عز، أحد رموز الحزب الوطنى السابق، خاصة بعد تحويل شركة الدخيلة إلى عز الدخيلة، عن طريق عملية تبادل أسهم، واستحواذه على نسبة حاكمة فيها، وطالب المستثمرون فى بلاغهم بفتح جميع ملفات البورصة خلال الفترة الماضية للتحقيق فيها بعد أن طالتها موجات الفساد الحادة، وأكد المستثمرون فى بلاغهم أن اختلاط السلطة بالبيزنس سهّل لرجال الأعمال التربح من البورصة، وأضاف المستثمرون أن ذلك أدى لحدوث انهيارات حادة فى البورصة وقتها، نظًرا للمعرفة بما يدور فى مطبخ البورصة من فساد وتلاعب فى قيمة الأسهم، ومضاربات بشكل  مكشوف.
وهو ما تحدث عنه مصطفى الأشقر، خبير أسواق المال، عندما قال: بدأت آفاق الفساد الاقتصادى بمصر تتضح يومًا بعد يوم, بسبب رجال أعمال جمعوا بين السلطة والمحسوبية واستغلال كل شىء من أجل المرابحة، لاسيما مع وجود قضايا سابقة تتهم مسؤولين بالبورصة بالفساد، آخرها تقديم مستثمرين بلاغا للنائب العام للتحقيق مع رئيس البورصة السابق فى اتهامات فساد داخل البورصة لصالح كبار المسؤولين. 
وأكد الأشقر أن المستثمرين لم ينسوا الطروحات التى شهدتها السوق، وتمثلت فى 3 طروحات، منها الطرح الخاص بالقلعة، والطرح العام لشركة »جهينة للصناعات الغذائية«، وما شهدته هذه الطروحات من جدل كبير، وتعرضها للتلاعبات التى دفع ثمنها صغار المستثمرين.
وتساءل الأشقر: من الذى قام ببيع السهم فى «جهينة» بأقل من سعر الطرح العام والخاص؟ وما الطريقة التى تم تقييم السهم بها وتحديد سعر الطرح أم كالعادة هو زواج رجال الحزب الوطنى مع شركة «هيرميس للسمسرة» وهى الشركة التى قامت بترتيب هذه الطروحات؟
وهنا قال وليد عابدين إن شركات السمسرة الكبرى، خصوصا هيرميس، كانت شاهدة على العديد من العمليات التى اعتبرها فسادا فى سوق المال، مشيرا إلى أنها احتكرت على مدى سنوات معظم طروحات أسهم شركات القطاع العام للاكتتاب فى البورصة، وكذلك تقييمات أسهمها، بالإضافة إلى ما حدث من تلاعب على أسهم «هيرميس» نفسها، والتى بدأت ارتفاع أسعار أسهمها من 30 جنيها حتى وصلت إلى 300 جنيه للسهم، ثم طلبت الشركة زيادة رأس المال وقامت بطرح جديد بـ5 جنيهات للسهم، وهو ما أدى إلى تراجع السهم الأصلى إلى 27 جنيها، وخسر المستثمرون معظم أموالهم، ومع ذلك احتفظت الشركة بأموال الزيادة لعدة سنوات دون أن تستغلها فى أى شىء يخص الشركة، ودعا عابدين إلى فتح ملفات شركات السمسرة التى احتكرت عمليات الخصخصة لسنوات دون غيرها.
من جانبه أكد محسن عادل، العضو المنتدب لشركة «بايونيرز لصناديق الاستثمار»، أن الغموض فى عملية تقييم أسهم شركة «أوليمبيك جروب» التى تم الاستحواذ على حصة حاكمة منها مؤخراً من قبل شركة «إلكترولكس السويدية» مازال يخيم على الصفقة وكان يثير الكثير من الشبهات، خصوصا ما يتعلق بتقييم السهم.
وقال عادل إنه يرى أن صفقة «أوليمبيك جروب» تثير العديد من التساؤلات خصوصا أن أوليمبيك لم تشر منذ البداية إلى الأسس التى اعتمدت عليها فى تقييم سعر السهم بنحو 45.3 جنيه، رغم الطاقات التصنيعية الكبيرة للشركة.

شكوى ميراج
وكشف بلاغ تقدم به كمال رخا، رئيس مجلس إدارة شركة ميراج، عن عمليات تلاعب وتزوير -على حد قوله- قامت بها لجنة التفتيش الخاصة بالهيئة، وتضارب مصالح بين مستشار الهيئة الدكتور أحمد سعد (الذى أقيل من منصبه يوم الخميس الماضى بعد عدة شكاوى) الذى يملك أسهما فى عدد من الشركات العاملة فى السوق، وفى الوقت نفسه يعمل مستشارا للهيئة العامة للرقابة على نفس الشركات، مثل «النعيم القابضة».
وأكد رخا أنه قدم بلاغا للمستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، يتهم فيه الدكتور سيد عبدالفضيل، رئيس لجنة التفتيش من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية، بارتكاب مخالفات متعددة داخل اللجنة، وعدم الالتزام بضوابط العمل فى مجال الأوراق المالية والكتب الدورية التى تصدر عن الهيئة، وممارسة اللجنة لضغوط غير مقبولة على الشركة، والمحاباة لبعض الشركات الأخرى بالمخالفة للقانون.
وكشف رخا عن تحقيقات النيابة العامة بقسم العجوزة فى القضية رقم 4904 لسنة 2010 والخاصة بعدة أوامر بيع، والتى طعنت عليها شركة «ميراج» لتداول الأوراق المالية بالتزوير, وكشف تقرير اللجنة الثلاثية قسم أبحاث التزييف والتزوير بوزارة العدل صحة توقيع العميل الذى اتهم الشركة بالتلاعب, وأكد تقرير اللجنة أن العميل هو الذى قام بتحرير أوامر البيع والشراء بخط يده، وأن الشركة قامت بتنفيذ أوامره بالبيع بشكل صحيح.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة