ما إن تتساقط أوراق شجرة جماعة الإخوان المسلمين إلا وتزدهر مرة أخرى وتينع، حدث هذا عدة مرات الأولى عند اغتيال مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا، ثم أينعت الجماعة بعده ثم خفتت وتساقطت أوراقها بعد حادث المنشية، والتى اتهمت فيه بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والمعروف بحادث المنشية، فقام بإعدام والزج بالكثير من قادتها داخل السجون والمعتقلات، والمرة الثالثة فى عام (1965)، وتم فيها إعدام منظرها "سيد قطب"، ثم خرجت بعدها إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات، فازدهرت وأينعت مرة أخرى لكن دوام الحال من المحال، فعلاقتها بجميع الأنظمة من ملكية إلى جمهورية كانت متذبذبة ما بين الهدوء والعاصفة من جانب الأنظمة والعهود السابقة، فكانت الأنظمة تحيلهم إلى محاكمات عسكرية حين يبرؤا من المحاكم المدنية، وكل هذا لم يفت فى عضد جماعة الإخوان لأن أحكام الإعدام والاعتقالات داخل السجون والتى كانوا يتعرضون لها إنما كانت تعطيهم دفعة للتماسك وقوة فى التحمل والصبر.
أما الآن وبعد استنشاق نسيم الحرية وفتح نوافذ الحرية للجميع، بدأت نسائم التغيير تهب أيضا على تلك الجماعة، والتغيير فى أفكارها وأسلوبها الدعوى والسياسى، خاصة من خلال جانبها الشبابى حيث وقف مع الشباب الآخر من جميع الاتجاهات السياسية المختلفة فى ميدان التحرير، مما أثر فى تكوينهم وانفتاحهم مما جعل طموحاتهم ورغباتهم تفوق طموحات قادتهم وأصبحت بعض أفكار الجماعة التى آمنوا بها عقوداً طويلة لم تعد تجدى وصالحة لهذا الجيل من شباب الإخوان، ربما لأن جماعة الإخوان حتى وقت قريب كانت تتميز بالمحافظة وربما بعض الانغلاق الفكرى، خاصة حين نتحدث عن موقفها من المرأة والأقباط فقبل كتابة هذا المقال ببضعة أسابيع كانوا يرفضون تولى المرأة أو القبطى رئاسة الدولة على عكس حزب الوسط ذو المرجعية الإسلامية المنشقة قادته عن جماعة الإخوان منذ عام 1996.
فى هذه الأيام استقالت العديد من الأوراق المزهرة لشجرة الإخوان مثل الدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح"، المعروف بفكره الانفتاحى والمعتدل، ثم تلاه الباحث الإخوانى الشهير "هيثم أبوخليل" بسبب مفاوضات سرية خاضها بعض أعضاء مكتب الإرشاد مع السيد "عمر سليمان" نائب الرئيس السابق "مبارك" بدون علمهم، ثم بعد ذلك تقدم الدكتور "إبراهيم الزعفرانى" وكل هؤلاء من قادة الاعتدال داخل الجماعة، مما جعل الجماعة تسارع فى الإعلان عن إنشاء حزب باسم العدالة والحرية، بل ووصل اعتدالها إلى الموافقة على ترأس قبطى أو امرأة للحزب.
بعد نسيم الحرية الذى اجتاح ولا يزال يجتاح مصر أعتقد أن جماعة الإخوان ربما تذوب من المشهد السياسى وربما ترتكن فقط إلى منهجها الدعوى فى العقد القادم، والدليل على خبو ضوئها ونجمها السياسى هو حصول تيارها فى انتخابات اتحاد الطلبة بجامعة القاهرة 25% من المقاعد، بالإضافة لاستقالة أقطابها المشهورين، وبذلك استشف أن شجرة الإخوان المزهرة فى الفترة القادمة قد تتساقط أوراقها، وتلجأ إلى فترة خريف طويلة جداً ولن تينع أوراقها مرة أخرى فى ربيع الحرية القادم، بل ستصبح تاريخاً فى الكتب والدراسات وسيحكم عليها التاريخ بما لها وما عليها.
عثمان محمود مكاوى يكتب: الإخوان وتساقط أوراق الخريف
الأحد، 17 أبريل 2011 03:04 م