تماما كما كان يحدث مع الرئيس السابق حسنى مبارك أدى المحافظون الجدد اليمين القانونية أمام المشير طنطاوى أمس، ولم يقف الأمر عند حدود الشكل فقط، وإنما امتد إلى النمط والسياسة، فقد شملت قائمة المحافظين 9 من قادة الجيش و7 من قادة الشرطة، بمعنى الاحتفاظ بأغلبية المحافظين من الوجوه العسكرية، وبنفس النمط، ضباط القوات المسلحة فى المحافظات الحدودية، وضباط الجيش فى محافظات الصعيد، حتى أن مبارك اختار محافظ قنا قبطيا لواء شرطة، وهو ما حدث فى التعيينات الأخيرة أيضا.
وشملت التعيينات وجوها من الحزب الوطنى، وأعضاء فى لجنة السياسات مثل الدكتور على عبد الرحمن رئيس جامعة القاهرة السابق، فيما اختار رئيس الوزراء محافظين من خلفيته العلمية والأكاديمية مثل الدكتور عصام سالم أستاذ وعميد كلية الهندسة جامعة الإسكندرية السابق ليكون محافظا للأسكندرية.
ومعروف أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف اختار معظم أعضاء حكومته من خريجى وأساتذة كلية الهندسة جامعة القاهرة التى كان يعمل بها، حتى أننى أطلقت على حكومته وصف حكومة المهندسين، وهذا غير حكومة الطاولة التى سبق وشكلها من قبل الدكتور عاطف صدقى، واختار أصدقاءه الذين كان يلعب معهم طاولة فى باريس أو الإسكندرية.
الثورة هكذا تبدو مثل السيارة التى ترجع إلى الخلف، وهذا الرجوع ليس وليد اللحظة، لكنه منذ يوم الجمعة 28 يناير حين كان الشعب يهتف فى ميدان التحرير واحد اثنين الجيش المصرى فين، وتزامن ذلك مع دعوات من النخبة للمؤسسة العسكرية للتقدم خطوة إلى الأمام بخلع الرئيس وتولى السلطة لإدارة مرحلة انتقالية تنتهى بحكم مدنى.
صحيح أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن غير مرة أنه ليس راغبا فى الحكم ويريد العودة إلى ثكناته وتسليم البلاد إلى إدارة مدنية، لكن الواقع أن الثورة سلمت البلاد لإدارة عسكرية، حتى أن مراسل سي إن إن فى القاهرة حينما سمع خطاب تنحى مبارك الذى ألقاه عمر سليمان قال إنه انقلاب عسكرى، لا ليس انقلابا عسكريا وبدا محتارا فى توصيف الطريقة التى تولى بها الجيش إدارة البلاد لأنها غير مذكورة فى الدستور.
والثورة ترجع إلى الخلف لأنها نقلت الدولة من حكم مدنى إلى حكم عسكرى، ثم هى رجعت إلى الخلف أيضا عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية والذى صوت فيه أغلبية الشعب على منطق وجدول إدارة المؤسسة العسكرية للبلاد وليس لمطالب الثورة.
والثورة عادت إلى الخلف حينما تم اختيار رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية بنفس الطريقة السابقة مع النظام الفائت، فلم تعلن شروط الترشيح ولا قواعد الاختيار، ولا كيف تم منح هؤلاء تلك المناصب دون غيرهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة