قد يخطر ببالنا هذا السؤال عندما نرى على شاشات التليفزيون صورا لرؤساء دولنا العربية، يتقدمون الصفوف فى المناسبات الدينية كعيد الفطر والأضحى وغيرها من المناسبات، ترى ماذا يدور بأذهانهم وهم يستقبلون القبلة ويقفون بين يدى المولى عز وجل؟ هل يصدقون أنهم يصلون لله الواحد الأحد؟ كيف وهم منافقون يقولون مالا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون؟ كيف يتصور من يؤدون صلاتهم وهم يرتكبون الفحشاء والمنكر أن صلاتهم مقبولة؟ هل نسوا أو تناسوا قول الله عز وجل: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) العنكبوت 45! ألم يتذكر أحد رؤسانا المبجلين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم تنهه صلاته وصيامه عن الفحشاء والمنكر فلا حاجة لله به إلى صلاته وصيامه)، سمعنا وشاهدنا جميعا فى الفترة الأخيرة على شاشات التليفزيون ووسائل الإعلام على اختلافها سرقات معظم رؤساء الدول العربية لشعوبهم وسجن معارضيهم وتعذيبهم بل وقتلهم أيضا، من منا لم يتساءل هل تقبل صلواتهم؟ وهل هناك فحشاء أكبر من قتل أناس كان ذنبهم الوحيد أنهم يريدون إصلاحا؟ وهل هناك منكر أكبر من نهب الشعوب وسرقة مقدرات البلاد وتهريبها إلى بنوك أوروبا وأمريكا والشرق الأقصى؟
يقول المفسرون إن الصلاة حين تقام تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهى اتصال بالله يخجل صاحبه ويستحيى أن يصطحب معه كبائر الذنوب وفواحشها ليلقى الله بها، والصلاة تطهر وتجرد لا يتسق معها دنس الفحشاء والمنكر وثقلهما، فمن صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا، وما أقام الصلاة كما هى إنما أداها أداء ولم يقمها، وفرق كبير بينهما، فهى حين تقام ذكر لله لقوله تعالى ولذكر الله أكبر.. أكبر إطلاقا من كل اندفاع ومن كل نزوع وأكبر من كل تعبد وخشوع فالله يعلم ما يصنعون فلا يخفى عليه شىء ولا يلتبس عليه أمر، وأنتم إليه راجعون فمجازيكم بما تصنعون.
إن مصير كل الطغاة البغاة من الكفرة والظلمة والفسقة واحد عند الله عز وجل كل حسب كفره وظلمه وفسقه، فقد يخدع هؤلاء أنفسهم بقوة المال والسلطة ويحسبونها هى القوة المسيطرة على أقدار الناس وأقدار الحياة ويتقدمون إليها فى رغب وهم يسعون للحصول على المزيد والمزيد ليتسلطوا بها على الرقاب كما يحسبون ويتشبثون بمغانم الدنيا الزائلة، وقد نسوا أو تناسوا أنه لا حماية لهم فى الدنيا ولا فى الآخرة إلا الله، فقوة الله عز وجل هى القوة المطلقة وما عداها زائل إلى فناء مهما طال الأمد بصاحبها، وكل ما عدا القوة الإلهية واهن هزيل ضئيل (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) مهما علا كل متجبر ظالم ومهما طغى واستكبر، ومهما امتلك من وسائل البطش والتنكيل والطغيان.
ولنا فى قصص القرآن عبرة وعظة؛ فأين ذهب قارون بكل ثرواته الهائلة؟ عندما بغى على قومه بثروته وعلمه ولم يستمع إلى نصح الناصحين له بالإحسان والاعتدال والتواضع وعدم البغى والفساد، وأين ذهب فرعون بكل ماله وسطوته؟ وقد كان طاغيا غشوما يرتكب أبشع الجرائم وأغلظها، لم يعصم أحد الطغاة الجبابرة لا الثراء ولا القوة ولا الدهاء ولا البطش بالناس من الله عز وجل ولم ينجوا ولم يفلتوا من عذاب الله لا فى الدنيا ولا فى الآخرة!
هؤلاء جميعا حالهم كحال بعض رؤسانا العرب قد ملكوا القوة والمال وأسباب البقاء والغلبة، ولكن الله عز وجل قد أخذهم جميعا بعدما فتنوا الناس وآذوهم طويلا. ندعو الله جميعا أن يأخذ الطغاة من بيننا أخذ عزيز مقتدر وأن يكون ولاة أمورنا الجدد فى كل بلادنا العربية ممن يخافون الله فيقيمون الصلاة تقربا إليه عز وجل، ولا يؤدون صلواتهم أمام الكاميرات وهم يعتقدون أنهم يخدعوننا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة