ما طولها هذه القائمة التى تضم مشاهير وأعلام السياسة والمال فى مصر فى سجن طره، وما هو الحد الأدنى المطلوب ليحظى سياسى فاسد أو رجل أعمال مختلس بشرف الانضمام لها، هل موظف صغير فى أرشيف وزارة فاسدة كانت ضمن مهماته إتلاف مستندات أو تزوير بيانات بإيعاز من وكيل الوزارة أو سكرتير إدارة هل موظف كهذا يمنح شرف الانضمام لهذه الكوكبة الزاهية العامرة؟ هل المواطن الذى استغل معرفته بأمين شرطة أو موظف أمن دولة فاشل لاغتصاب ما ليس له بحق أو سرقة مال عام ، هل يدخل بجدارة ضمن قائمة المفسدين فى مصر؟ هل الفلاح الذى استغل علاقته بموظف الشهر العقارى ليستخرج له توكيلا مزورا ليستولى على أرض أخواته القصر هل يسمح له هذا الفعل المخزى فى أن يكون واحدا من الذين حطوا رحالهم بسجن طره إلى أجل غير مسمى؟ أعتقد أن القائمة لو طالت وتمددت على نحو طال كل كبيرة وصغيرة فأحصاها لما استوعبت سجون مصر كلها لهذا الفريق العريض ، فهل نغض الطرف عن صغائر السرقات والرشاوى ونكتفى بعظائمها ؟ ونركن على أن محاكمة أكابر المختلسين والفاسدين ستكون رادعا قويا لصغار المجرمين؟
إننا عندما نتأمل أعمدة النظام السابق فى مصر وهى تتهاوى واحدا تلو الآخر نصاب بالًدهشة ، كيف كانت تدار أمور الدولة ومن كان يخطط لنهضة مصر ومن كان يعمل على رفع مستويات معيشة أفراد الشعب المغلوب على أمره ومن كان مهتما بتحسين العلاج والتعليم والزراعة للمواطن المصرى ؟ لا أحد ، لماذا ؟ لأن الوزير الذى تحاول طلبه لا يمكن الاتصال به الآن لأنه مشغول بتنمية الثروة العقارية له ولأسرته المسكينة التى لا تمتلك سوى ١٠ شركات و ٦ ڤيلات و ٩ شقق بمصر الجديدة والمهندسين وشاليهين بالساحل الشمالى ولأن الوقت ضيق فلم يجد الوزير فرصة لزيارة مكتبه ومتابعة خطط الوزارة ومصالح الشعب لكنه مشكورا ترك وراءه فريقا متميزا من المساعدين ما بين وكيل وزارة ومدير مكتب وسكرتير أول وهذا الفريق يضطلع بالمهام الجسيمة للوزارة ، وبما أن أعضاء هذا الفريق على درجة عالية من الكفاءة والخبرة وبما أن كلا منهم إما نسيب أو صهر للوزير أو حرمه أو حتى كان زميل تامر ابن الوزير على مقاعد الدارسة فى الليسيه أو تم تعيينه من طرف فلان باشا أو علان بيه فلن يشغل أى من أعضاء هذا الفريق نفسه لا بخطط ولا سياسات لأن الوقت لا يسمح ، فالكل مشغول فى التخديم على مشاريع الوزير العقارية وأعمال السمسرة ما بين تصدير غاز واستيراد لحوم منتهية الصلاحية أو التعاقد على لوحات السيارات المضروبة أو التلاعب بأسعار أسهم البورصة، وإلى جانب هذه المهام يسعى أعضاء الفريق فيما تبقى من الوقت لإنجاز سبوبة أو تخليص مصلحة لينوبه من الحب جانب فلا يمنع أن يكافئ كل عضو نفسه على أداءه المتميز بعمولة من تحت الطاولة ، أو فرق سعر فاتورة مضروبة لمشتريات الوزارة، أو تخصيص قطع أراضى أو شقق الشباب لأبناء العم أو الخالة وطبعا القسمة على اثنين ، حتى عضو الفريق حديث الخبرة قليل الحيلة ربما لا يجد سوى اعتماد بدل سفر لمهمات عمل لم يقم بها لأنه كان مشغولا فى المصيف بمارينا مع المدام والأولاد
هل سنحاكم كل هؤلاء ؟ ومن يستطع ذلك ؟
ولو آلت الأمور فقط لمحاكمة رؤوس الفساد النائمين الآن على البورش (طبعا ليست السيارة الفاخرة المعروفة ، لكن أعنى بورش السجن) فهل سيظل فريق النوابغ سالف الذكر يعمل بالوزارة ليخرج لنا منه عما قريب خليفة لكل رأس فاسدة تم قطعها وترجع ريمة لعادتها القديمة؟
نحن بحاجة فقط لشيئين، أولهما برامج على مدار الساعة فى الراديو والتلفزيون والصحف والمجلات والمساجد والكنائس لزرع الفضيلة فى عقول وقلوب الناس، وثانيهما قوانين صارمة تطبق على الجميع بلا استثناء وبلا هوادة ، ربما بذلك ومع مرور الوقت يخرج لمصر جيل جديد يعى ما يقال ويفهم ما يعمل ويحب البلد التى يحيا تحت سماءها ويشرب من نيلها فيخلص لها ويحافظ عليها فى أرقى صورة ، صورة مصر التى فى خاطرى وفى دمى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة