أكد الكاتب الأسبانى، خوان جويتيسولو، أنه توقع اندلاع الثورة المصرية عقب ثورة تونس، مشيرا إلى أنه عندما سأله أحد الصحفيين عن ذلك، قال إن هناك عدة شواهد لاحظها عند زيارته لمصر، منها أنه سأل أحد أمناء الشرطة عن راتبه الشهرى قال له إنه يتقاضى ما يعادل 60 يورو.
وأضاف جويتيسولو، خلال الندوة التى عقدت مساء أمس بالمجلس الأعلى للثقافة، أن الشاهد الثانى هو تضيق النطاق بشكل كبير على الرسائل المعلوماتية، والثالث هو الإفراج عن وثائق ويكيلكس، مؤكدا أن العالم العربى يتحرك الآن برغبة حقيقية فى الحصول على العدالة والكرامة.
وتطرق جويتيسولو فى حديثه عن مدى ارتباطه بالعالم العربى والإسلامى، موضحا أن هذا ما كان يثير دهشة الكثير من أصدقائه، بينما يرى هو أنه لا عجب فى ذلك خاصة أن أسبانيا تشترك مع الثقافة العربية فى القاموس الأسبانى بــــ 4 آلاف كلمة باللغة العربية.
وأضاف جويتيسولو أن أكثر ما يلفت انتباهه فى الثقافة العربية هما شيئان أولهما شعر عمر بن الفارض والشعر القبطى العربى، مؤكدا أن هذا النوع من الشعر يشبه بدرجة كبيرة الشعر القبطى الأسبانى لدرجة أشعرته أن من كان يكتب هذا وذاك شخص واحد وليس شخصين.
وأكد جويتيسولو أن أغلب كتبه كانت الأولوية فيها للاهتمام بعرض الثقافات الأخرى، وذلك اعتقادا منه أن الثقافة لم تنجح إلا بذلك، مشيرا إلى أن الأدب الأسبانى تعرض فى القرن السابع العشر لدرجة من الانحطاط والتدنى، وذلك نظرا لأن المحاكم الأسبانية قامت بطرد كل من اعتبرتهم خارجين عن النظام ثم عاد للتعافى مرة أخرى فى القرن التاسع العشر.
ويرى جويتيسولو أن الكتابة بأسلوب صعب يعد نوعًا من الكياسة بين الكاتب والقارئ، معتبرا أن الكاتب الذى يقدم نصًا سهلا للقارئ هو كاتب ساذج كأنه يقدم علفا للأغنام أو شطيرة همبرجر ليأكلها سهلة.
وتطرق جويتيسولو للحديث عن تجربته فى مصر والتى كتب عنها فى كتابه، وذكر عندما ذهب لزيارة مقابر الموتى أو ما نطقها "بالقرافة" وكيف استقبله حارس المقبرة وهذا ما أكد له على كرم واحترام الشعب المصرى البسيط لضيوفه، مؤكدا أنها كانت من أكثر التجارب روعة فى حياته، مضيفا أنه ذهب أيضا لزيارة ورش النجارة التى كانت تصنع الكراسى الحمراء الكبيرة ذات الإطار الذهبى مشبها هذه الكراسى فى نوع من الفكاهة بكراسى الزعماء الديكتاتوريين، كما تحدث عن زيارته إلى الموالد فى المغرب وذكر حادث طريف أنه عندما كان يتجول هناك سمع إحدى الفتيات التى تتبرك بأحد أصحاب الكرامات بالدارجة المغربية"تدعوه أن يمنحها زوجًا لكن بدون حمى"، معربًا عن إعجابه الشديد بالعمارة الإسلامية التى تتمتع بها دول المغرب العربى.
وأضاف جويتيسولو أنه تطرق فى كتاباته إلى الكتابة عن الأدب الصوفى والدراويش، لافتا إلى أن أكثر ما لفت انتباهه أشعار جلال الدين الرومى، ومحيى الدين بن عربى، منتقدا الافتقار للفضول الأسبانى لمعرفة الآخر.
بينما انتقد جويتيسولو الثقافة السعودية واعتبر الحكومة السعودية حكومة منافقة، مشيرا إلى أنه قد وجهت له دعوة ذات مرة من الحكومة السعودية لحضور أحد الأحداث الثقافية وللحديث عن الثقافة الأسبانية فتعجب فى ذلك الوقت قائلا، كيف أذهب لأتحدث عن الأدب الأسبانى فى مكان يعتبرون فيه أن ابن عربى وابن رشد زندقيان وعمل مثل ألف ليلة وليلة هو عمل إباحى، وما أكد له على نفاقهم أنه عندما أراد تصوير فيلم تسجيلى عن شعائر الحج رفضت السلطات السعودية قائله له إن ذلك غير مكن لأنه بيت الله الحرام فى حين أنهم سمحوا من قبل لدخول عناصر أجنبية لدخول هذا المكان الطاهر وأراقوا فيه الدماء، مؤكدا أنه يحب الثقافة الإسلامية وله أصدقاء مسلمون كثيرون، لكن لذلك لم يمنعه من انتقادهم.
وفى مداخلته قال الكاتب جمال الغيطانى إنه يلتقى فى عناصر كثيرة مع جويتيسولو منها الاهتمام بالموروث الثقافى العربى والصوفى وخاصة كتاباته عن محيى الدين بن عربى، مشيرا إلى روايته "المقبرة" الذى تم ترجمته فى المغرب.
وأضاف الغيطانى إلى أنه يجمعه بجويتسولو اهتمامه بفن العمارة لأنها تعد أحد مفاتيح أعماله، معتبرا أن زيارته فى ذلك الوقت الذى تتحول فيه مصر إلى الديمقراطية حدث مهم.
كما أكد الغيطانى أن جويتسولو ليس روائيًا فقط، ولكنه صاحب مواقف سياسية إنسانية جريئة ووقف إلى جانب كل مضطهد فى كل مكان، وذكر له عدة مواقف منها موقفه عندما كان فى سراييفو من الإدانة العرقية، وتضامنه مع الغجر وما تعرضوا له من اضطهاد فى أسبانيا كما تضامن مع الفلسطينيين.
واقترح الغيطانى على المجلس القومى للترجمة أن يترجم الأعمال الكاملة لكل من خورخيس بوخريس، وخوان جويتيسولو، مشيرا إلى أن المجلس اكتفى بنشر كتاب واحد لجويتيسولو وشذرات بسيطة أيضًا من أعمال بوخريس، داعيا المجلس أن يكون على قدر من الشجاعة فى نشر هذه الأعمال، معبرا عن خشيته على المجلس من عدم استكمال رسالته.
وقد حضر اللقاء كل من الدكتورة هيام عبده مترجمة كتابه للغة العربية، والدكتورة نادية جمال الدين ومدير المركز الثقافى الأسبانى بالقاهرة، خابير رويث وأدارها الدكتور محمد أبو العطا وخارج المنصة حضر كل من الشاعر فاروق شوشة، والكاتب جمال الغيطانى، ومدير المركز القومى للترجمة الدكتور فيصل يونس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة