قال الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية، إن أعداء الأضرحة من التيارات المتشددة، انحرفوا عن المنهج السوى، الذى يسير عليه أهل السنة والجماعة، خاصة بعد أن قرأ هؤلاء وحدهم وفهموا وحدهم دون الرجوع إلى فهم العلماء والسلف الصالح، ففرض هؤلاء المتشددون بعقولهم الثقيلة ما فهموه جهلاً من تلقاء أنفسهم على المسلمين.
وأضاف المفتى خلال الندوة التى عقدها المجلس الأعلى للطرق الصوفية بالتعاون مع نقابة الأشراف، بعنوان "سماحة الإسلام" بمقر النقابة وبحضور المئات من الأشراف والصوفيون مساء أمس، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك المسلمين على المحجة البيضاء وأخرجهم من الظلمات إلى النور، مؤكداً أنه لم يطلب منهم أجراً إلا المودة فى القربى كما جاء على لسانه فى القرآن، متسائلا: "هل ثقلت علينا وصية رسول الله أن نتنصر لأهله ونحبهم ونقدرهم ونعلى من شأنهم أحياءا وأمواتا، ليخرج علينا هؤلاء بممارستهم المملوءة بالجهل والإساءة لأضرحة أهل البيت والأولياء الصالحين؟".
وقال إن هذه الجماعات درجت على قلة الفهم والصوت العالى، قائلاً: "من برا هالله هالله ومن جوا يعلم الله" وهو ما أثار ضحك الحضور، مؤكداً أنهم فهموا حديث النبى الذى قال فيه "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد" بعقل ضعيف واستدلال خاطئ، شارحاً أن كلمة مسجد فى اللغة "مصدر ميمى" بمعنى الدلالة على المكان والزمان والحدث وهو يعنى أن السجود للذى فى القبر ونحن لم نفعل ذلك.
وأكد أن طريق المتصوفة إلى حب النبى وعطرة أهل بيته والأولياء، بنى على الفهم الصحيح للكتاب والسنة عن العلماء، مشيراً إلى أن طريقهم كان الذكر والفكر والفهم، فهل إذا تمسكوا بهذا يكونون قد خرجوا عن كتاب الله وسنة رسوله؟ مؤكداً أنه لا لائمة عليهم إذا ثاروا من أجل دفاعهم عن حب أل البيت.
وتساءل المفتى عن الذنب الذى جناه أهل التصوف لفهمهم الصحيح للكتاب والسنة، فى الوقت الذى ضل فيه أقوام آخرين لم يفهموا ولم يقرءوا، لافتاً إلى أنهم عند مناقشتهم تجدهم يستدلون بما لا يستطيعون فهمه فيتشددون فى مسائل خلافية، رغم وضوح الدليل عليها، مؤكداً جواز بناء المسجد على القبر وصحة الصلاة به لقوله تعالى "قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا" موضحا أن هذا مما يرضى الله تبارك وتعالى، خاصة وأن شرعنا هو شرع من قبلنا من الأمم إلا أن يأتى ناسخ له.
ولفت إلى أن الصحابة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم بنوا على قبر الصحابى الجليل أبو بصير مسجداً بعدما وافته المنية فى سيف البحر، وكان رسول الله عنه راض، والحديث أخرجه موسى بن عقبة بسند صحيح عن الحكم بن العاص، منوهاً على قبر أبى بكر وعمر بجوار قبر النبى فى المسجد النبوى بالمدينة المنورة.
من جانبه وصف الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، الهجمة الأخيرة على الأضرحة بالهجمة "التتارية الشرسة "والتى لم تعرف الحق ولا الصواب وقدر أولياء الله الصالحين، واصفا هدم الأضرحة أيضا بأنها خطوات آثمة وظالمة تعدت حدودها، كما أنها لم تعى حقيقة دينها فلم يعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم "اذكروا محاسن مواتكم "، وقوله "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فازورها فإنها تذكركم بالآخرة"،مشيراً أن هذا بالنسبة للقبور من سائر الموتى، فما بالنا أن يكونوا من آل البيت وأولياء الله الصالحين، مؤكداً أن العدوان على الأضرحة جريمة كبرى تأتى فى وقت مصر تريد فيه بعد الثورة المباركة أن تبنى دولة جديدة، وتحتاج إلى مساندة كافة القطاعات، مضيفا أن هناك أناسا يريدون أن يخربوا بيوتهم بأيديهم.
وأبدى هاشم تعجبه من قول البعض بأنه ليس هناك أولياء لله مستشهدا بقوله تعالى "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، مؤكدا أن كل مؤمن تقى فهو ولى ، مؤكدا أننا فى مرحلة لن يعادى فيها الصوفيون أحدا فمنهج التصوف و الأشراف هو التسامح لقوله تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن"، فنحن لا نعلن عداواتنا لأحد ولكن نعلن حبنا للجميع وننادى الذين مردوا على النفاق أن يعودوا إلى صوابهم ورشدهم خاصة وقد كرم الله مصر بالأولياء فهل يأتى من يريد أن يحدث شروخا بين فصائل المسلمين وضوضاء على مقابر الصالحين بفهم خاطئ للنصوص حينما يستدلون لما ذكره الحافظ بن حجر فى صحيح البخارى "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، قائلا بأن استدلالهم جاء فى غير وجهته الصحيحة حيث قال النبى اليهود والنصارى ولم يقل المسلمين وانتقد النبى أنهم اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد ولم نرى مسلما على مر التاريخ عبدا محمدا ،مؤكدا أن المسلمون لا يتخذون القبر نفسه مسجدا إنما يتخذون المسجد للصلاة لله وحده.
وطالب الدكتور أحمد عمر هاشم كل من ابتعد عن المنهج العودة إلى صوابهم، مؤكدا أن الأزهر هو القبلة الصحيحة لتلقى العلم فجميع الجامعات فى العالم التى تدرس العقيدة لا تدرس إلا كتب أهل التصوف كالإمام الغزالى وغيرهم، كما وصف هاشم المتعصبون لمذهب معين بأنهم لم يتعلموا فى جامعات قائلا "سبحانك هذا بهتان عظيم" داعيا الله أن يوحد صفوف المصريين مقدما التحية للجيش و الشرطة متحديا أن يكون من الصوفيون متطرفا أو مغالاة فهو التيار الدينى الوحيد الذى ليس فيه تطرف أو إرهاب.
وأكد السيد محمود الشريف نقيب الأشراف تنظيم ندوات بالتعاون مع مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ومشيخة الطرق الصوفية، لمناقشة كافة القضايا المطروحة مشيرا إلى أن النقابة ملك للجميع و أن سماحة الإسلام لن نطبقها إلا إذا أخلصنا نيتنا لله ودارت عجلة الإنتاج والتزم كل شخص بواجبه، وأن مصر بلد الأمن والأمان ولد فيها الأنبياء وسار وعاش على أرضها أنبياء، وهى مستقر لآل البيت.موجها الدعوة إلى جميع التيارات الفكرية الإسلامية للنقاش والحوار الهادئ البناء من أجل خدمة الوطن، وخدمة الرسالة المحمدية.
من جانبه قال الدكتور عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، أن أهل التصوف هم أهل حكمة وتسامح مؤكدا أنه لن يسمح أن يكونوا طرفا فى فتنة ،موضحا أن الجميع يتفق فى الأصول ويتناقشوا فى الفروع ،مؤكدا أن الصوفيون أكثر الناس حرصا على مصير مصر و الأمة الإسلامية و أنهم أصحاب دعوة حب للجميع امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "سو صفوفكم فان تسوية الصفوف من إقامة الصلاة"،مؤكدا أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية سيحافظ على الأضرحة.
مفتى الجمهورية: أصحاب دعوات هدم الأضرحة متشددون وجهلاء ويجوز بناء المسجد على القبر.. عمر هاشم: أتحدى أن يكون هناك صوفياً متطرفاً.. والقصبى: الصوفيون الأكثر حرصاً على مستقبل مصر
الأربعاء، 13 أبريل 2011 02:01 م
جانب من ندوة سماحة الإسلام