هل جربت طعم المر الذى يقف ما بين الصدر والروح، الروح تحاول الفكاك منه بتحررها من الظلم الواقع عليها بحل شفرة العدل من أجل السعادة، بينما يقف الصدر حائلا دون ذلك لأنه نبتت على جدرانه أشجار من وجع النزف الداخلى الناتجة من بذور المر والمبذورة من قهر الظلم، هكذا تقف أشجار المر كقضبان السجن المتجذرة فى لحم الروح فلا فكاك منها.
هذه المرارة ممتلئة بها صدورنا الآن- نحن أبناء الشعب المصرى- وإذا قلنا إن الشعب هو الضوء الذى يملأ أرض مصر، فإن هناك اثنين من الألوان السبعة المكونة لهذا الضوء فى غاية الأسى والمرارة وهما الجيش والشرطة، فالضوء لا يظهر إلا باتحاد ألوان الطيف السبعة المكونة له واكتمالها، كلنا نستطيع رؤية مكونات ألوان الضوء حينما يسقط المطر وترتفع الشمس ويظهر قوس قزح، فلا تحجبوا عن أرض مصر الضوء باتهام الجيش والشرطة والشعب، فما أحوجنا فى هذه اللحظة العصيبة للنور يسطع ليملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
الفتنة وقعت وما أشدها على نفوسنا، فالشعب يشعر بالمرارة لشهدائنا الذين سقطوا فى الميدان وماتوا من أجل كلمة حق قيلت فى وجه الظلم ويتهم الشرطة، والشرطة تشعر بالمرارة لأنها رأت أنها كانت تحمى أرض الوطن وتذود عنه، وأنها قوبلت من الشعب المصرى بالاتهام والتعدى، إما بالضرب بالمولوتوف أو بالرصاص الحى لإخراج البلطجية من السجون، وامتدت الفتنة والمرارة يوم الجمعة الماضى إلى الجيش المصرى بعد الدسيسة التى وقعت على أرض التحرير.
هكذا فرقتنا الفتنة بعد فشلها فى المرات السابقة، ولكنى أشعر بنجاحها هذه المرة إذا لم نتحد (الشعب والجيش والشرطة)، ودعونا لا نجعل المرارة تقف فيصلا بيننا فنتشظى تحت مقصلة الفتنة ونضيع، فهّلا تجاوزنا أوجاعنا ووحدنا مرارتنا واتحدنا! طبيعى جدا فى لحظة الظلام أن تنتشر الخفافيش وتتجمع الهوام والأفاعى بل وطبيعى أن تهاجمنا وتحاول النيل منا إذا سلطنا عليها الضوء، لأنها ركنت إلى الظلام فعاثت فيه فسادا وتكاثرت
والموقف يظهر جليا لكل ذى عينين فالفتنة الأولى حدثت فى بداية الثورة حينما فشلت الجهود السلمية فى تفريق المتظاهرين فاندست مجموعة من القناصة التابعين بالطبع للفئة الحاكمة وأذنابها واعتلت المبانى الشاهقة حول المتظاهرين وفى هدوء وتؤدة أمطرت الثوار بالرصاص الحى، والدليل التنشين المتقن على أعين الثوار وقلوبهم مما يدل على وجود فرق خاصة ومسلحة ببندقيات على الأقل (اسنيبر) لتصيب الهدف بمنتهى الراحة والاطمئنان، فى نفس اللحظة اندس داخل المتظاهرين مجموعة من البلطجية المسلحين.
بالمولوتوف لضرب ضباط الشرطة وأقسامهم، ليظل الثأر قائمًا بين الطرفين وتحدث الفتنة ويكره الشعب الشرطة فتنسحب الشرطة من الميدان ونصبح لقمة سائغة فى فم البلطجية، فنتحسر على العهد الميمون ونلعن اليوم الذى أتت فيه الثورة، وقد نجحوا إلى حد كبير إلى إبقاء المر على ألسنة الطرفين.. أما الأخطر الوقيعة التى أرادوها الجمعة الماضى حينما أحسوا بخطورة الشعب الذى بات يهددهم ويتحد مع الجيش.
فإلى كل مصرى ومصرية أرجوكم اتحدوا مع الجيش والشرطة، وإلى إخوتنا من أبناء الجيش والشرطة، بالتأكيد من خرج من الشعب المصرى فى الميادين والشوارع خرج من أجلك أنت، وبالتأكيد من وقف فى الميدان هو أخوك أو ابنك أوصديقك أوجارك كلنا يد واحدة من أجل مصر، نود البناء الآن، فدعونا نطوى صفحة الماضى التى ملئت فسادًا وجورًا فاستشرى فى كل نفس وفى كل قطاع، ودعونا نعيد السعادة إلى نفوسنا ونقتلع أشجار المر من جذورها نرميها بعيدًا عن روحنا.. فالسعادة عند كانط: (الالتزام بالواجب الأخلاقى الموضوعى)، والسعادة عند أفلاطون هى: (الخير المطلق).. فدعونا نتمسك بسعادتنا ونبدأ البناء فمصر تستحق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة