لقد تلقى ملايين المصريين خبر حبس الطاغية مبارك ونجليه 15 يوماً، بتهمة التحريض والاعتداء على المتظاهرين أثناء الثورة المصرية، والتربح من مناصبهم السياسية، بالفرحة العارمة، فقد جاء وقت الحساب واللحظة الذى ينتظرها المصريون، فمحاكمة الظالم لشعبه أقل درجات العدل.
وعلى الطغاة فى العالم، ومن يريد أن يترشح لرئاسة مصر فى المرحلة المقبلة، أن يتعظوا مما يحدث، فها هو مبارك وجدنا داء العظمة يعميه عن واقع الأمور، وجعلته دوما يشعر بأنه فوق الجميع، ونظر لشعبه على أنهم من جنس آخر، وأخذته العزة بالإثم، فبالرغم من سقوطه نجده يحاول إثبات قوته حتى آخر لحظة، وذلك من خلال حديثه المشبوه للعربية الذى امتلأ بالتهديد والوعيد، متناسياً انتقام الله ثم الشعب من الطغاة، فإن الله إذا أخذ الظالم لم يفلته.
فبدلاً من أن يخرج علينا مبارك معتذرا عن إجرامه فى حق الشعب على مدار 30 عاما، معترفا بذنبه فى قتل شباب الثورة الأطهار، ومقراً بأنه ترك زبانية الحزب الوطنى ينهبون ثروات الوطن، وأنه أغمض عينيه عن زوجته التى عاثت فى الأرض إذلالا لكل من حولها، وأنه ترك الحبل على الغارب للشيطان الصغير جمال، حتى عاد بالبلد إلى عصور الديكتاتورية والظلام، بل بدلا من أن يعتذر عن تسليطه سيف أمن الدولة على رقاب المصريين، وإمعانه فى قتل الأبرياء منهم تحت وطأة التعذيب، وجدناه يدعى المرض ويدخل المستشفى بالأمس لكسب عاطفة المصريين والهروب من الحساب، لكن جاءت ساعة الحساب، وصدر القرار صبيحة اليوم بحبس الطاغية مبارك ونجليه وصدق ربى عز وجل الذى قال: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ"، وقوله "بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علمٍ فمن يهدى من أضل الله وما لهم من ناصرين" وقوله "الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليم"، وقوله "والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين".
ولا ينطبق على هذا الرجل إلا المثل القائل "اللى اختشوا ماتوا"، فلو كان هذا الطاغى لديه بقية من حياء لمات حياء من هذا الشعب، بعد أن انكشف فساده وفساد بطانته، فمبارك قتل الثوار ونهب أموال الوطن، وحرض الجيش على قتل المتظاهرين بالتحرير، وأتاح الفرصة لرجال الأعمال أمثال عز وجرانه والمغربى وهشام طلعت وأبو العينين ورشيد ونظيف وحسين سالم وغيرهم الكثير، لينهبوا ثروات مصر، ولنسأل العفيف الشريف مبارك من أين أتى ابنه علاء برأس مال المشروعات الضخمة والمصانع التى يمتلكها، فى مختلف محافظات مصر، وخاصة السويس، بل من أين أتى هو بثروته فهو خرج من بيت بسيط، وهذا ليس عيبا، لكن العيب هو تضخم ثروته مستغلا سلطاته.
ولا يختلف اثنان على أن مبارك هو الذى دبر فى الخفاء، بمساعدة الفاسد جمال مبارك، وأزلامه من الفاسدين وبقايا جهاز أمن الدولة الملعون، للنيل من الثورة المباركة، وأعدوا لسيناريوهات الثورة المضادة، ولعل محاولات الوقيعة بين الجيش والثوار فى المرحلة الأخيرة، خير دليل على هذه المخططات المجرمة.
إن ما حدث لمبارك وأسرته ما هو إلا تصحيح لمسار العدالة فى أوطاننا، ويجب علينا أن لا نتهاون أو تأخذنا شفقة بمن أذل مصر وشعبها على مدار 30 عاما، ولنضرب بيد من حديد على يد الداعمين والمتورطين فى الثورة المضادة، فالمرحلة التى نعيشها تحتاج لقرارات حاسمة لمواجهة الأفاعى المتلاعبين بأمن مصر وشعبها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة