محمد حمدى

هل تحولنا إلى قطيع؟

الإثنين، 11 أبريل 2011 12:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل الخامس والعشرين من يناير، كانت فى مصر حكومة فاسدة، وحزب متسلط، وسلطة قمعية تختبئ وراء جهاز أمنى عنيف وقاتل، ومع ذلك كنا نقول آرءانا، نكتب ونتحاور ونتناقش فى الصحف وعلى الفضائيات، بعيدا عن السقف المنخفض فى وسائل الإعلام الحكومية.

نزل الشعب المصرى بكل فئاته إلى الشارع يوم الجمعة 28 يناير ليطالب بالحرية الكاملة، وليس فقط حرية الكلام، وبالمساواة، وبالعدالة، وأسقطنتا النظام، لكننا فى نفس الوقت أسقطنا التنوع فى الآراء وأصبح كل من يخرجون على الفضائيات والتليفزيونات وفى الصحف لا يتكلمون سوى لغة واحدة، ولا يتبنون سوى رأى واحد.. فهل قامت الثورة.. وهل نزلنا إلى الشوارع حتى يسود رأى واحد فقط؟

فى مصر الآن رئيس حكومة ورئيس ديوان رئيس الجمهورية ووزير الداخلية وعدد من الوزراء وكبار المسئوليين وراء القضبان، والتحقيقات مستمرة لتشمل كافة رموز النظام السابق بما فى ذلك الرئيس ورئيسى مجلسى الشعب والشورى، لكن الجميع يرى أن العدالة تسير ببطئ شديد، ولا يستطيع أحد أن يخالف هذا الرأى، مستندا إلى أنه خلال شهرين فقط، وصل كل هذا العدد من رموز النظام السابق إلى السجن وبدأت المحاكمات.. أما لو شددت على تحقيق شروط العدالة، وحق أى متهم فى تحقيقات ومحاكمة تتوافر فيها أركان العدالة تصبح من أعداء الثورة.

وحين يقرر الجيش القبض على ضباط حاليين أو سابقين خالفوا القوانين العسكرية نزلوا للتظاهر فى ميدان التحرير، يرى بعض المتظاهرين حمايتهم، وطظ فى القانون، وليس مهما الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية، فيتصدون لها ويحاولون منعها.. لكنك لا تستطيع أن تقول إن هذا الفعل من المتظاهرين غير مسئول، بل هو جريمة فى حد ذاته، فكيف تمنع الجيش من القبض على الخارجين عليه ومن يحاولون النيل من هيبته، وعندها يصبح كل من ينحاز إلى الجيش ويدافع عنه من الثورة المضادة وعميل للنظام السابق.

وإذا أجرى الزميل محمود مسلم حوارا صحفيا مع رئيس مجلس الشعب السابق بغض النظر عما قاله فى الحوار وينشره فى المصرى اليوم باعتباره خبطة صحفية مع مسئول سابق كان الرجل الثانى فى الدولة يطالب الناس بمحاكمة مسلم، ولا يجرؤ أى إنسان على الدفاع عنه وإلا تم اتهامه بأنه من أزلام النظام السابق وذيوله.

وحين تذيع قناة العربية كلمة صوتية مسجلة للرئيس السابق ينفى فيها اتهامه بقضايا فساد مالى ويعلن استعداده للمثول أمام النائب العام لتبرئة ساحته، لا يجرؤ أحد على القول أن أى متهم برئ حتى تثبت إدانته وأنه من حق مبارك أو غيره الدفاع عن نفسه بكل الطرق المشروعة، لكن بدلا من ذلك نهاجم قناة العربية وندعو إلى مقاطعتها بينما ما أذاعته خبطة صحفية مهنية فهى حصلت على تسجيل من رئيس سابق هو الأول من نوعه بغض النظر عما قاله.. وإذا تجرأت وقلت ذلك فأنت من بقايا أمن الدولة أو ربما شريك للرئيس السابق فى فساده المالى الذى لم يثبت بحكم قضائى حتى الآن.

لقد نزلنا إلى الشوارع للمطالبة بالحرية فإذا بكل من يمارس الحرية ويقول رأيا مخالفا لرأى القطيع يصبح خائنا وعميلا ومندسا.. هذا هو حال مصر الآن، وأتوقع حصة كبيرة من الشتائم والسباب والتهم فى تعليقات القراء لكننى بكل فخر أرفض أن أكون فى قطيع لا يعترف بحقوق الآخرين وبحريتهم فى التفكير وفى إبداء آراء تخالف ما يرون؟
بئس وطن يتلون بلون واحد ويقول كلاما واحدا، ولا يقبل حرية الرأى والاختلاف.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة