هى.. امرأة فى العقد السابع من عمرها، غنية، أنيقة، جذابة، أرملة، ومطلقة أيضاً تعشق الأطفال.. إعلان جواز شيق فهو غريب وجذاب فى آن واحد فكيف لامرأة قد بلغت من العمر أرذله وقد جربت الجواز مسبقاً وأصبحت مطلقة وأرملة أن تطلب عريساً ولكن البعض قد يتغاضى عن هذا عندما يقرأ كلمه "غنية".. فهى كلمة أصبحت تدارى الكثير من العيوب وتستر الخفايا.. على أية حال فان عروستنا ليست حقيقية لكن وانطلاقاً من المثل القائل " مصر هى أمى " وإن "اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى " فقد قررت أن أنشر هذا الإعلان بحثاً عن عريس لمصر.
العريس الذى أبحث عنه " للست الوالدة " يجب أن يكون فى شجاعة وصلابة مينا موحد القطرين وإقدام أحمس وعزيمة صلاح الدين وحكمة سعد باشا.. فمصر اليوم تقف ممزقة بين أبنائها كلاً يبحث عن مصلحته أولاً وباتت عدة أقطار متداخلة متشابكة وليست قطرين فقط.. فنحن نبحث عن بطل، رجل ذو رأى وحكمة و يمتلك مهارة القيادة، يستطيع أن يوحد الشعب ورائه فما بين أحزاب سياسية من اليسار إلى اليمين المتطرف وجماعات دينية و سياسية وطبقات اجتماعية من الكاتب و المفكر إلى "اللى بيفك الخط " وتفاوت اقتصادى من رجال أعمال عالميين الى عمال يوميه.. نجد أن مصر قد أصبحت تملك كل أطياف الجنس البشرى على أرض واحدة فاليوم ونحن نبنى مصر الجديدة ما أحوجنا إلى قائد يوحد الأمة على هدف واحد ويذوب فى هذا الهدف كل هذا الاختلاف العظيم.. فمن أرحام الثورات والأزمات يخرج القادة نحتاج إلى "لينكولن " أو "ناصر " أو "تشرشل " أو حتى ستالين.. فقد نتفق أو نختلف مع توجاتهم أو ما فعلوه أو مع توجاتهم .. إلا أننا نتفق جميعاً على أنهم كانوا قادة وحدوا صفوف أمتهم فى أوقات عصيبة وقادوا بلادهم أما لنهضة حضارية أو لتخطى أزمة أو حرب.
العريس الذى أبحث عنه.. هو رجل مؤمن بقدرات هذه البلاد جيدا و يعلم أنه بإمكانها الكثير و الكثير و مؤمن بقدرتها على انتشال نفسها من أزماتها لكنه فى نفس الوقت جاد فى العمل ثاقب فى الرؤية متمكن فى الحوار يستطيع بخطاب واحد "هو اللى كاتبه مش مستشارينه " أن يلهب حماس الألوف و يقود الملايين للعمل و الإنتاج نحتاج رجل من عينه "نهرو" و "لولا دا سيلفا" و "مهاتير محمد" و لمن لا يعرف هؤلاء ..نهرو هو مفجر الهند الحديثة ولولا دا سيلفا هو الرئيس السابق للبرازيل الذى استطاع فى خلال ثمان سنوات هم فترتى رئاسته أن ينقل البرازيل من دول العالم الثالث إلى أحد أعضاء مجموعة العشرين الكبار ومهاتير هو منشئ ماليزيا الحديثة !!!.
نحتاج لرجل يستطيع أن يوحد الاختلافات و الفروقات بين أطياف هذا الشعب تحت راية مصر فقط.. فالمجتمع المصرى مجتمع معقد و مركب جدا فمصر هى نتاج امتزاج سبعة الآلاف سنه من الحضارات المتعاقبة والثقافات المتتالية ما بين غزاه ومهاجرين إلى أن وصلنا إلى التركيبة المصرية الحديثة.. والمشكلة فى مجتمعنا هو ليس شده تعقيده ولكن هو عدم الامتزاج بينه، أنا أتذكر مقولة قالها رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق فى أول حديث صحفى له عندما تحدث عن الولايات المتحدة و قال " مايصحش دول ما بلقهاش 200 سنه تيجى تنصحنا إحنا اللى بقالنا 7000 سنه " هكذا أدرك احمد شفيق الوضع .فدوله كالولايات المتحدة لم تنشأ إلا منذ ما يزيد عن المئتين سنة قليلا و مجتمعها لا يزال هو الأكثر تعقيدا فى العالم فهو مجتمع نشأ أصلا من تجمع المهاجرين من شتى إنحاء العالم ..و لكن ما فهمه "الآباء المؤسسين " كما يلقبونهم الأمريكان The Founding Fathers ..و هم كما يذكر التاريخ هم السبعه الذين صاغوا تاريخ الولايات المتحدة بأكمله عندما صاغوا وثيقة الاستقلال عن بريطانيا العظمى آنذاك و هم الذين وضعوا الدستور الأمريكى الحديث.. ما فهمه هؤلاء المؤسسين هو أنه يلزمهم رؤية واحدة و هدف واحد و راية واحده لتوحيد شتى ألوان طيف المهاجرين ليختلطوا فى بوتقة المجتمع الأمريكى الحديث ..فهؤلاء قد جعلوا الولايات المتحدة هى هدفهم و أولويتهم و علموا أبنائهم و مجتمعهم أن يدمجوا معهم يستعبوا كل من يسكن معهم أيضا على نفس الأرض لكنهم تعملوا كيف يستطيعوا أن يصهروا المجتمع المختلف كله مع بعضه ففى الولايات المتحدة تجد جميع أعراق الجنس البشرى و جميع ألوان البشرة و جميع الديانات أيضا .كلهم يتعياشون مع بعضهم تحت هدف واحد و هو امه واحدة تجمعهم كلهم لهم فيها نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
و ما أحوجنا إلى هؤلاء الآباء المؤسسين فى مصر أو قل أب مؤسس واحد ...علينا أن نجد جميعنا ما يوحدنا ثقافيا و حضاريا و تاريخيا أن نكون مصريين قبل أى شيء آخر ..أن نعلى قيمه الهوية المصرية على أيه أهداف أخرى ..إذا استطعنا فعل هذا أعدكم بمصر الجديدة فى 10 سنوات أو أكثر قليلا.. وفى هذا يلزمنا أن نجد من هذه الأمة هؤلاء الآباء أو على الأقل أحدهم وأنا اليوم أدعوكم جميعا أن نبحث عن "جوز أم " يصلح للمهمة .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة