كثير من الناس لايستطيعون التمييز حتى الآن مابين التوكل على الله والتواكل فالكلمة الأولى فى معناها تعنى تعلق القلوب بالله عزوجل، هذا التعلق هو من أعظم الأسباب التى يتحقق بها المطلوب ويندفع بها المكروه، وتقضى به الحاجات، وكلما تمكنت معانى التوكل من القلوب تحقق المقصود بمشيئة الله وقدرته، أما (التواكل) هو الاعتماد على الغير من المخلوقات، وهو فى معناه عجز وضعف، وهو من الصفات المذمومة لأن الإنسان مطلوب منه أن يسعى لكسب معيشته ومعيشة من هو تحت مسئوليته. حتى يعف نفسه وأهله عن التعرض لسؤال الناس وإبداء الحاجة لهم.. كما أنه أيضا ينافى التوكل الشرعى الذى هو الاعتماد على الله والثقة به مع الأخذ بالأسباب و هذا هو حال جميع الأنبياء و المرسلين التى نحفظها عن ظهر قلبى فقد كانت قلوبهم معلقة بذكر الله وحبه والإخلاص فى عبادته متأكدين أن الله يدافع عن الذين آمنوا فاجتهدوا فى العبادات والطاعات تاركين لله تحديد مصائرهم فيما قدر لهم غير عابئين بما يصادفهم من ابتلاءات واختبارات صعبة نجحوا فيها جميعا بامتياز بقوة إيمانهم - وقد تنخرق الأسباب للمتوكلين على الله، فالنار صارت برداً وسلاماً على إبراهيم، والبحر الذى هو مكمن الخوف صار سبب نجاة موسى ومن آمن معه، ولكن لا يصح ترك الأخذ بالأسباب بزعم التوكل فخالق الأسباب قادر على تعطليها، وشبيه بما حدث من نبى الله موسى ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة، عندما قال أبو بكر – رضى الله عنه-: لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآنا، فقال له النبى صلى الله عليه و سلم :" ما بالك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا وفى الحديث:"لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً" رواه أحمد
والترمذى وقال: حسن صحيح – إن التوكل على الله من الإيمان وينبغى لجميع الناس أن يتوكلوا على الله عز وجل مع أخذهم بالأسباب الشرعية فالتوكل كما قال ابن القيم: نصف الدين والنصف الثانى الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة
والإنابة هى العبادة، وقال أيضاً: التوكل من أقوى الأسباب التى يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ولاننسى أن من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم "المتوكل" كما فى الحديث: " سميتك المتوكل" وإنما قيل له ذلك لقناعته باليسير
والصبر على ما كان يكره، وصدق اعتماد قلبه على الله عز وجل فى استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة وكل الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطى ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه، ولكم فى نبيكم أسوة حسنة وقدوة طيبة، فلابد من الثقة بما عند الله واليأس عما فى أيدى الناس، وأن تكون بما فى يد الله أوثق منك بما فى يد نفسك، وإلا فمن الذى سأل الله عز وجل فلم يعطه، ودعاه فلم يجبه وتوكل عليه فلم يكفه أووثق به فلم ينجه؟ إن العبد لا يؤتى إلا من قبل نفسه، وبسبب سوء ظنه، وفى الحديث: " أنا عند ظن عبدى بى فليظن بى ما شاء" والجزاء من جنس العمل، فأحسنوا الظن بربكم وتوكلوا عليه تفلحوا فإن الله يحب المتوكلين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة