من يدخل عالم السياسية يهب حياته - العامة والخاصة – لهذا العالم "قصير الوقت"، "كثير المشاكل"، "وخيم العواقب"، ويرتبط بنظام محسوب عليه، إذا أخطأ ظل هذا الخطأ ملتصق بكل أعضائه ومنتسبيه، هذا العالم وهذه الحياة قد تنتهى بموت مفاجئ (موت سياسى) دون معرفة سابقة بميعاده.
قد يحدث ذلك بصورة فردية أو جماعية، يخرج من هذا العالم تماما بلا عودة، قد يكون ذلك بعد أيام أو أسابيع أو شهور، والبعض عمره السياسى يمتد لسنوات، وأيضاً المعمرون الذين يمتد عمرهم السياسى لـ 30 و42 سنة، ومنهم من يلجأ "للانتحار السياسى" بالقفز من على الكرسى قبل الفتك به، عندما يرى من حوله يسقط، ولكن قد تكون النهاية مؤلمة شديدة الألم، ينتزع الكرسى بكل قوة رغما عنه وعن تشبثه.
والفرق هنا فى هذا الموت السياسى أن صاحبه يتجرع آلامه أيضاً بعد خروج الكرسى، ويشعر بكل شىء وهو على قيد الحياة، فلقد بات الجسد ضعيفا، والوجه شاحبا، والصوت لم يعد مسموعا فى خطابات أو لقاءات أو قمم للشجب والاستنكار، ويرى مكانه خالى أو يجلس فيه ألد أعدائه أو أقرب أصدقائه! هى دنيا السياسة، ينكشف المستور بعد زوال الكرسى والمنصب، وتظهر الخبايا من الجراب السحرى، ويختفى حملة المباخر والطبول فى انتظار موكب أخر.
إن هذه رسالة إلى كل مسئول قادم، صبغت بلغة السياسة التى لم يعد يسمع إلا غيرها الآن مع أنها كانت لغة سرية مشفرة لا يملك مفاتيحها وحبرها السرى إلا أشخاص بعينهم، فليحذر كل مسئول يريد أن يلبس ثوب السياسة، ويدخل هذه الحياة من سوء النهاية، والموت السياسى إذا لم يخلص النية لخدمة هذا الشعب، ويبذل أقصى جهد لكى يؤدى واجبه المنوط به، فبمقدار شهرتك تكون فضيحتك عندما تعبث بشعبك، وبمن أعطاك هذه الثقة، وليعد العدة لحساب الدنيا الآخرة، ليذكرك التاريخ بالخير وتكون صفحاتك بيضاء ذهبية الأسطر يفتخر بها شعبك مدى الحياة.
وليعلم الجميع أن من ينتزع الكرسى ليسوا أفرادا أو ثورات، إنما مالك الملوك من بيده الأمر، ومفاتيح الكون { قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }، ويدفعنى القلم للخوض والغوص فى بحر هذا العالم، بكلمات أخرى ولكن للموت حرمانية.
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة