أكرم القصاص

حوار وطنى.. أم فقرة إعلانية

الجمعة، 01 أبريل 2011 11:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما فائدة الحوار بعد أن تم اتخاذ القرار، وما قيمة الاستفتاء طالما صدر إعلان دستورى؟ هل يمكن تصديق جدية حوار وطنى يتم بمعزل عن المجتمع، ومن قال إن من تم اختيارهم للحوار الوطنى مع الحكومة هم ممثلون للمجتمع؟ الواقع أن كل شىء يجرى فجأة وبدون ترتيب، الأمر الذى يجعلنا وكأننا ندور حول بعضنا ونفسنا.

نجد أنفسنا أمام حوار وطنى أعلنت عنه الحكومة بعد انتهاء الكثير من الإجراءات المثيرة للجدل، إعلان بيان دستورى يضم مواد دستورية لتنظيم الحياة السياسية، وإجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى وقت واحد، الإعلان الدستورى جاء بعد أن تم الاستفتاء على عدد أقل، فلماذا كان الاستفتاء، ولماذا كان الإعلان الدستورى ولماذا كانت التكلفة.

ثم أن حل مجلسى الشعب والشورى تم تحقيقاً لمطالب الثورة، لكن لماذا لم يتم حل المجالس المحلية التى تمثل القاعدة الأساسية للعمل السياسى، ويفترض أن تبدأ منها العملية الانتخابية، فالمجالس المحلية تمثل مفارخ لتصعيد ومساندة أعضاء مجلسى الشعب والشورى، ووجودها يمثل عقبة أمام الاختيارات الديموقراطية، فضلا عن أن الإبقاء على نسبة العمال والفلاحين لم يبين كيف سيتم تحديد العامل والفلاح بعد أن كان فى السابق يحتلها وزراء وحملة للدكتوراه ومهنيين.

المشكلة أن الجدل يستمر والمعارضة تتصاعد من دون أن تحدد مساراتها، والأزمة الأساسية هى الإجابة على سؤال من أين نبدأ، هل البداية تكون صحيحة من الدستور، وهل نبدأ بالانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية أم العكس. وإذا جرت انتخابات برلمانية، فهل نضمن أن يأتى البرلمان معبراً عن المجتمع، أم أنه يمكن أن يأتى نتاجا لواقع انتخابى مشوه، تظل إرادة أغلبية الناخبين محاصرة، وهل نضمن أن من باعوا أصواتهم بسبب الفقر أو الجهل لن يفعلوا فى ظل فقر متواصل وحاجة مستمرة، وهل يمكن أن نضمن حرية إرادة الناخبين ونحن أمام أعداد مضاعفة من العاطلين وعمال اليومية الذين يعانون بطالة أكبر بسبب الارتباك الاقتصادى.

كيف يمكن أن تكون هناك أفكار واقتراحات عاجلة لإنقاذ ملايين الفقراء من السقوط فى شباك البلطجة أو اليأس، بسبب توقف أنشطة اقتصادية كالبناء والسياحة والصناعة.

أسئلة تحتاج إلى التفكير فيها، ونحن نفكر فى انتخابات قادمة لأن هؤلاء الذين سوف يشكلون الكتل التصويتية ليسوا أحرار الإرادة تماما لتكون لديهم حرية الاختيار، وحماية الإرادة أهم كثيراً من المواد الجافة والمدونات القانونية التى لا تشغل غير من يفهمونها، ويحتاج هؤلاء الناخبون إلى ترجمة تكشف لهم العلاقة بين المواد الدستورية وبين واقعهم، أو بين جدل الانتخابات ورزقهم وأكل عيشهم.

هل يمكن أن تكون هذه القضايا مطروحة ضمن الحوار الوطنى الذى تم الإعلان عنه فجأة، والذى يضم تشكيلة مختارة بدون قواعد، وتتضمن غالباً من هم أقدر على الظهور فى الإعلام والفضائيات، وليس بالضرورة من هم أقدر على التعبير عن قضايا المجتمع.

ومن المدهش أن يكون كل من تم انتقاؤهم للحوار من العاصمة، ولا يوجد ممثلون من الأقاليم ومن القرى والمدن التى لاشك أن لديها ما تقوله، وربما كان مختلفاً عن نخبة من نجوم الفضائيات.

الحوار الوطنى تم الإعلان عنه فجأة، وكان الطبيعى أن يكون هذا الحوار سابقاً للكثير من الإجراءات والبيانات والإعلانات لأنه بناء على الحوار كان من الممكن اختصار الكثير من الوقت والجهد والجدل. لكن الواضح أن الحوار تم التجهيز له واختيار من يشاركون فيه بنفس الطريقة السابقة التى كان النظام السابق والحزب الوطنى يدعوان فيها لحوارات لا يكون الهدف منها التوصل إلى حل، وإنما إضاعة الوقت والتباهى بحوارات لا تنتهى إلى شىء.

وفى الغالب هذه الحوارات تشارك فيها نفس الوجوه التى شاركت من قبل فى كل الحوارات، وكل منها يمثل تياراً أو مطالب دون أن تكون هناك أهداف غير تضييع الوقت.

فكيف يمكن تصور حوار يمكن أخذه بجدية، وهو يتم بعد الإعلان الدستورى، وبعد تحديد مواعيد الانتخابات، فما هى النقاط التى يمكن أن ينتهى إليها مثل هذا الحوار الذى يعتبر من قبيل وضع العربة أمام الحصان، فهناك عربات أمام الحوار تعطله وتجعله مجرد تضييع وقت فى مكلمة، أو مجرد فقرة إعلانية.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة