رجعت إلى المنزل وأنا فى شدة الإعياء بعد عناء يوم شاق من العمل، سافرت مع نسمات الصباح الباكر إلى الإسكندرية لقضاء بعض الأعمال الخاصة بالشركة، وغادرت إلى القاهرة فى نفس اليوم مرة أخرى، كان الإرهاق قد أخذ مداه منى وخارت قواى، فرجل فى مثل عمرى فى منتصف الخمسينيات أصبح لا يقو على السفر والعودة فى ذات اليوم.
فتحت الباب وجدت زوجتى تجلس على الأريكة، مهدلة الثياب، تطلق العنان لشعرها الإجدع، ممسكة بفنجان قهوة تقرأ الطالع.
- مساء الخير
رفعت زوجتى حاجبها دون أن ترد على، يبدو عليها أنها منهمكة فى قراءة الفنجان.
- عندك طبق بصارة على الطرابيزة!
- شكرا أكلت طبق فول وطعمية
أعطيتها ظهرى واتجهت إلى السرير حيث ألقيت بنفسى دون أن أبدل ثيابى، استغرقت فى النوم العميق من شدة التعب والإرهاق
فجأة استيقظت على يد ثقيلة تهزنى بشدة كأنها مطرقة استيقظت مذعورا لا أعرف من أنا ولا أين أنا والخوف ينتابنى، أحاول أن ألملم شتات أفكارى لأعرف ماذا يدور، هل داهمت قوات القذافى المنزل أم أننى وقعت أسيرا.
صحت بذعر
- فى إيه.. فى إيه؟
- قوم يا منيل على عينك
لمجرد سماعى لصوتها عادت ذاكرتى لصوابها
- خير فى أيه؟.. أنت عارف الساعة كام دلوقتى!
- مش مهم الساعة كام، دا أنت طاقة القدر انفتحتلك.
- طاقة قدر أيه اللى انفتحت لينا، اتخمدى ونامى
- يا رجل بقولك طاقة القدر انفتحت وعايز تنام
- يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، نعم عايزه أيه!
- خد اشرب فنجان قهوة
- قهوة أيه الساعة الثانية صباحا، قولى عايزه أيه وخلصينى
تقترب منى التصقت بى طوقتنى بذراعيها نزعت ذراعها من فوق كتفى، فأنا أعرف ما ترمى إليه فى مثل تلك الحالات
- ارجوكى سبينى أنا متعب جدا، يعنى مفيش منى رجا
- رجا أيه يا راجل، أنت فاكرنى عايزه منك حاجة
دا أنا جيبالك أحلى وظيفة
- وظيفة أيه ما أنا شغال كويس والحمد الله والراتب مع الحوافز يقفل كده يجى ألف جنيه
- يا بابا دانت هاتصبح من أصحاب الملايين، ملايين أيه بل مليارات
- والله ليه بقى إن شاء الله حا أبقى رئيس جمهورية
- صاحت بفرح غامر
- فعلا الوظيفة دى رئيس جمهورية
حدقت فيها بشدة لأتأكد من أنها لا يبدو عليها علامات الجنون
أطبقت يدها على فمى
- اسمعنى من غير ما تعلق لحد ما اخلص كلامى
- دلوقتى البلد من غير رئيس، والمرشحين لمنصب الرئيس يقفون على باب المغادرة
والعملية مفتوحة، والمرشحين حايضربوا فى بعض، يعنى مفيش فرق بين زيد أو عبيد، الطريق مفروش بالورود للرئاسة.
- طيب سبينى أنام والصبح نشوف موضوع الرئيس ده.
تهزه بشدة
- تنام أيه بقولك حاتبقى رئيس جمهورية كل اللى عليك تعمله إنك تتكلم عن برنامج زمنى لإصلاح الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والتعليم والصحة وإعداد دستور ومحاربة الفساد اللى للركب أو أنه أنا شايفة أنه مفيش فايدة، تصور إن كل حاجة من دول عايزه رئيس جمهورية
- سبينى أنام
تسترسل فى كلامها
- ليه لأ والنبى الشروط كلها تنطبق عليك وصدقنى الناس مش حايجتمعوا على حاجة، فرصتك وجت لغاية عندك
تقطع الغرفة ذهاباً وإياباً أنا شايفه العملية بقت قريبة قوى، يا سلام حا أبقى مرات رئيس الجمهورية وكل كنوز مصر تفتح لى، أراضى، قصور، سيارات، منتجعات، آثار، أفطر فى باريس واتغدى فى لندن، بدل المش إلى حرق قلبى والفول المقدس صباحاً ومساءً والشحططة فى الأتوبيسات ولا رغيف العيش أبو شلن وأنبوبة البوتجاز والمصاريف والعيال والدروس وديون البقال والجمعيات والزحام، أوه يا إلهى.
تتمتم لنفسها قائلة
- يا ساتر من يطيق يعيش العيشة دى، لا والنبى منصب رئيس الجمهورية أحسن
تسمع صوت شخير يأتى من جانبها، تنظر لزوجها وجدته قد راح فى سبات نوم عميق تنظر إليه تندب حظها
- والله أنا عارفة إنك طول عمرك فقرى
ممسكة فنجان القهوة تعاود القراءة
تحدث نفسها
- عموما إذا كان هو مش عايز يبقى رئيس جمهورية
أنا أرشح نفسى وبالمرة أغير زوجى
وتصبحوا على خير،،،
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة