محمد الدسوقى رشدى

نار الهلال والصليب

الأربعاء، 09 مارس 2011 05:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن أكذب عليكم وأقول إن ماحدث فى أطفيح أو فى المقطم أو مايحدث فى ماسبيرو نتيجة لخطة انتقامية وضعها ضباط أمن الدولة المجروحون أو بقايا فلول النظام السابق، فالوقت الآن ليس وقت أكاذيب أو عمليات تجميل، الوقت الآن وقت فتح الجروح ومعالجتها أو تركها تنزف حتى الموت.

ربما الأجواء الرائعة التى عشناها على مدار 20 يوما فى ميدان التحرير، تلك التى ارتفع فيها الهلال مع الصليب وصلى خلالها المسلم مع المسيحى واحتمى من بيده الصليب فى ظهر من طالت لحيته، ولم يتعرض سور كنيسة للخدش..ربما كان كل هذا سببا فى نسيان الفتنة والمشاكل الطائفية التى طاردتنا بشدة طوال سنوات حكم الرئيس السابق الذى كان حريصا هو وأجهزة أمنه على تزكية نار الفتنة، لتخويف أهل هذا الوطن وشغله عن ماهو أعمق وأهم.

ماحدث فى المقطم وأطفيح بقايا شاردة من عصر الجهل والتخلف والتعصب، لن تختفى بسهولة ولن تزول بين ليلة وضحاها، فالذين هدموا الكنيسة يستحقون أن تهدم منازلهم فوق رؤوسهم التى امتلأت بتعاليم الجهل ووعظ التطرف طوال الأعوام الماضية، لابد أن ندرك ذلك حتى ترتاح ضمائرنا وتهدأ عقولنا، ولابد أن تقدم العقلاء من أبناء هذا الوطن فى طريق التهدئة ونشر الوعى وإعادة ترتيب الأولويات التى تأخذ بيد هذا الوطن من تلك المحنة، لابد أن يعلم طلاب الجامعات وأصحاب المطالب الفئوية الأخرى والأقباط والسلفيون وكل صاحب غرض فئوى أو شخصى أن مصلحة مصر أهم، أن التفكير فى الدستور والقوانين وانتخابات الرئاسة أهم بكثير من طرد عميد أو إعادة تصحيح امتحان أو بناء سور كنيسة حتى لا نفاجأ بأن الرئيس الذى جلس على كرسى الرئاسة نسخة مكررة من مبارك، والدستور الذى يحكمنا به سلاح فى يده فوق رقابنا لا سلاح فى يدنا فوق عرشه.

لا تأخذكم بهؤلاء الذين أشعلوا الفتنة فى أطفيح أو المقطم أى رحمة سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، فلا شىء قد يصلح للخلاص من بعبع الفتنة الطائفية الذى يطل علينا "كل شوية" ويزرع فى قلوبنا خوفا ورعبا سوى الحرق بجاز، ويفضل أن يكون "وسخ" أو غير نظيف إن كانت تلك الكلمة العامية لا تعجبك، نجمع كل الذين يثبت مشاركتهم فى إشعال الفتنة من الطرفين المسلم والمسيحى سواء بالتحريض أو العنف ونضعهم فى حفرة كبيرة ونولع فيهم لعل تلك النار تطهر قلوبهم مما علق بها من شوائب التعصب والتخلف.

أعلم جيدا أن فكرة الحرق هذه قاسية وبشعة وغير إنسانية بالمرة ولكنهم يستحقونها، هؤلاء الذين يحرقون الوطن بتعصبهم وتطرفهم يستحقون الحرق، هؤلاء الذين تهون عليهم العشرة والتاريخ المشترك يستحقون الحرق بجاز أسود من السواد الذى يعشش فى أرواحهم، هؤلاء الذين يسفكون الدماء وينشرون الخوف والرعب ويشوهون الملامح الجميلة لهذا البلد العظيم، من أجل سور هنا أو قطعة أرض هناك أو فتاة "مومس" هنا أو فتاة مش مظبوطة هناك، لا يستحقون سوى الحرق بالجاز أو البنزين إن لم يكن خسارة فيهم سعره.

هل يمكن أن أكون رؤوفا أو إنسانيا مع هؤلاء الذين طحنوا بعضهم وأسالوا دماء بعضهم فى أطفيح والمقطم؟ هل يمكن أكون رحيما وأنا أتكلم عن ناس فضلت الحجارة والأسمنت على دماء البشر؟ هل يمكن أن أكون هين الكلمات وأنا أكتب عن وحوش يسهل عليها حصد الأرواح والتخريب والتدمير بسبب "مومس" مسيحية نامت مع مسلم أو العكس؟ هل يمكن أن أكون منطقيا إذا طالبت بشىء غير الحرق لهؤلاء الذين يستغلون الدين لإشباع شهواتهم المتطرفة وأنا أثق تماما فى أنهم لايزورون الكنيسة ولا يسجدون فى الجامع؟

ليس هذا موضع الرحمة إن شئنا الخير لهذا البلد، العبرة هنا ستكون الحل الذى يخمد الفتنة للأبد، عقاب سريع وحاسم وحازم وصارم لكل من يشارك فى إيقاظ الفتنة، عقاب واحد يفرض من فرط قسوته على الجميع التفكير ألف مرة قبل أن يفكر أحدهم فى أن يرفع يده على أخيه فى الوطن بسبب سور كنيسة أو غيره، عقاب قوى لا يلين أمام حسابات التهدئة وتدخلات السياسة .. هذا هو الحل السريع لوأد تلك الفتنة، صحيح أن العقل يقول إن الفتنة لن تموت إلا إذا ساد مصر خطاب دينى جديد مستنير ومحترم، ولكن لن يسود مثل هذا الخطاب ولن يجد فرصة للانتشار إلا إذا سبقه عقاب صادم يلفت الأنظار لخطورة الجريمة ووحشيتها.

اعترفوا بالأزمة يا سادة.. اعترفوا بالخطر الذى يحيط بمصر حتى تقتنعوا بضرورة قسوة العقاب، لا تفعلوا مثل الدولة أو المؤسسة الدينية الإسلامية أو المؤسسة الدينية المسيحية وتنفون وجود الأزمة بقبلات مصورة وأحضان غير صادقة، اعترفوا أن هناك أزمة ترقد تحت رمادها فتنة طائفية غاضبة وكارهة تنتظر شرارة الاندلاع ، أزمة تسجلها ميكروفونات المساجد التى تعلو أصوات الخاطبين فيها بالدعاء على النصارى وتكفير غير المسلمين مع أن الداعى يعلم يقينا أنا بالشقة التى تعلو المسجد هناك أسرة مسيحية تسكن،أزمة تسجلها تلك العظات التى تتضمن المزيد من الغمز واللمز فى حق المسلمين كما تتضمن نفس عبارات التكفير لهم... اعترفوا بالأزمة وعاقبوا مشعلى الفتنة بقسوة ولا تأخذكم بهم رحمة أو شفقة وإلا فسوف يأتى يوما أقرب مما تتخيلون لتأكلنا جميعا نار فتنة موقدة!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة