حمدان حسين يكتب: رسالة من مهاجر مظلوم

وعليكى يا بلادى السلام
سلام وردى من عاشق لا ينام
سلامى رغم كل الأنام
بلادى يا قصيدة عاشق ولهان
سأعترف ولن أكون جبان
لقد غيرت منك العنوان
أتعبنى قهرى فيكى طغيان السجان
وذئب يمتص دماء شعبك
ولا يكتفى ولا ينام
لم يترك سوى حفنة قمح عفنة
وجدال من أحزان
كان عليا الرحيل
ولكن صوتك يطاردنى فى كل مكان
أسمعه فى نومى وأجراس الكنائس ومع صوت الأذان
مشتاقون يا حبيبتى مشتاقون
رحلت لعلى أجد وجها مثل وجهك من بين العيون
آه
أعيانى حبك وأبكانى الشجون
بلادى يا براح عمرى المسجون
يا رجاحة عقلى المجنون
نبأونى بأن صدرك قد أوشك على الشروق
وستعود إلى سمائك الشمس الضحوك
وأنك قد قيدتى الذئب الطلوق
فارحل الآن أيها الذئب بدون ضجيج
إن يديك ليست طاهرتين
لكى يؤمها الحجيج
بدون حشرجة صوت ولا تشويه للمعانى
بدون الكثير من الكلمات
وانقطاع للإلحان
لقد أذهبت أجمل الألحان
وشوهت أجمل الأماكن
ارحل لقد أصبحت رمزا للقسوة والأحزان
أمسيت ريشة مكسورة
كانت بين راحتى فنان
وزجاجة نبيذ لا تصلح إلا للسكرة والغوانى
ستظل زنبقة مشوهة
وشبح بستان
وأوصيك أن تحمل فى متاعك مرآة مكسورة
تعلقها على جدارك
تروى إليها أسرارك
وفى أوقات اليأس الكثيرة
أن تروى إليها أشعارك
ينعكس الضوء فيها
فتلون حجرتك بأبشع الألوان
تعكس لك ملايين الأصوات
تصور لك على الحائط آلاف الممرات
وترسم لك فى الهواء آلاف الحجرات
تفزعك وتتوهك فى الأزقة والطرقات
وتصوب لك منها أصابع الاتهامات
تجعل حجرتك تعج بالتائهين والشحاذات
والمنصوفين والغجريات
فيسيل منها فى إرجاء المكان
الصمت الطويل يعزف لك أقبح الألحان
وتضرب منك كل بنان
أما أنا المصرى
سأرفع اسم بلادى عاليا
فى الشروق والغروب
سأصنع مجدها من كل شىء حتى من خيوط العنكبوت
سأدعوا لها ربى فى الركوع وفى السجود
سأناديها من كل أرض حتى فى أرض الحق المسلوب