رغم ما تشهده مصر من حراك سياسى غير مسبوق عبر تاريخها الحديث والقديم أيضًا، ورغم كل الزخم الحزبى المتوقع والتعددية التى أفرزتها وستفرزها ثورة 25 يناير، إلا أن الخوف من سيطرة الإخوان المسلمين على المجالس البرلمانية وربما على الشارع السياسى كله لا يزال قائما، باعتبارها أكثر التيارات تماسكا وتنظيما.
وببساطة شديدة يرى المراقبون أن موقف الشارع المصرى الجديد سيفرض نفسه على الواقع، بمعنى أنه إذا ارتأى المصريون أن جماعة الإخوان ستحقق لهم استقرارهم المأمول على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن المصريين لن يتوانوا فى ترجيح كفة الإخوان فى المجالس البرلمانية –وهذا حق مشروع للجماعة وللمصريين- أما إذا كانت الرؤية عكس ذلك –وهذا ما أعتقده- فسيفعلون.
ما يعنى أن المصريين بعد 25 يناير وضعوا أيديهم جيدا على مفاتيح اللعبة، ليس هذا فحسب، بل أجادوا لعبة السياسة ووعوا وفهموا جيدا وعرفوا من أين تؤكل الكتف السياسية، وكيف لهم أن يطوعوا كل شىء لخدمة ورعاية مصالحهم، وسيظل أهل مصر جميعهم مطمئنين طالما أن هناك ميدانا للتحرير.
ثار الثوار واشترطوا وطالبوا وأحرجوا النظام وهزوا أركانه ونجحوا فى إزالته، وفرضوا إرادة الشعب وعلا لأول مرة فى مصر منذ سنوات كثيرة صوت العقل مطالبا بالحرية والعدالة، ومافتئوا يرسمون الخطوط العريضة لاكتمال ثورتهم، لإثباث نضوجهم السياسى بعد بيات شتوى، وليل حالك طويل أيقنوا خلاله أن الفجر يأتى بعد أكثر أوقات الليل ظلمة.
ثورة يناير أعادت للمصريين وهجهم وحيويتهم، وطفا على السطح كل الرواد والعقلاء والعلماء والأدباء والمثقفين الذين تذخر وتفخر بهم مصر، واعتلوا كل المنابر العلمية والدينية والإعلامية صحفيا وفضائيا وإلكترونيا، ليعيدوا لمصر دورها الريادى الذى يراهن عليه البعيد والقريب، بعد غياب قسرى لأكثر من 30 عاما فى غيابة وتيه الظلم والظلام.
أخيرا.. سقوط النظام يعنى سقوط كل شىء دستور ورموز وقوانين، ما يعنى أيضًا سقوط الحظر عن جماعة الإخوان المسلمين (الفزاعة القديمة)، وقد أعلنوا صراحة فى أكثر من مناسبة أنهم فى طريقهم لتأسيس حزب مدنى لا يركن لأى منهج دينى، وهذا حقهم، كما أنه حق مشروع لكل تيار فى مصر، بل لكل مواطن مصرى أصبح يعى معنى ألا يفرط أبدا فى حريته وكرامته التى هى من حرية وكرامة بلاده، وسيدافع عنها بكل قطرة فى دمه، لأنه يشعر الآن بأنه فى بلد ينتمى إليها بحق وحقيقى، لا بلد العصابة البائدة.
المرشد العام للإخوان المسلمين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة