كشف تقرير حديث نقلاً عن مدعين عامين اتحاديين بالولايات المتحدة، أن شركات طيران عديدة تورطت فى مخطط لجأت فيه إلى عمليات مكثفة لتثبيت أسعار ورسوم إضافية خلال الفترة الواقعة بين عامى 2000 و2006، وأنها افتعلت تضخيم أسعار التذاكر، ورسوم الشحن من أجل تعويض خسائرها.
وطبقاً لما أورده موقع الخليج الاقتصادى عن وكالة "أسوشيتد برس"، فقد أشار المدعون العامون إلى أن المخطط الذى أقدمت عليه شركات الطيران، كلف المستهلكين، والأعمال الأمريكية، وهم فى الأغلب الأعم من المسافرين العالميين، وشركات الشحن، مئات الملايين من الدولارات غير أن الشركات المتورطة، والتى ضبطتها وزارة العدل الأمريكية، دفعت فى المقابل ثمناً باهظاً جراء ذلك المخطط خلال خمس سنوات منذ أن بدأت التحقيقات الموسعة بشأنه.
أوضح التقرير، أنه تم حتى الآن توجيه الاتهامات إلى 19 تنفيذياً بارتكاب أخطاء، أربعة منهم تم إرسالهم إلى السجن، فى حين أرغمت 21 شركة طيران على دفع غرامات وصل حجمها إلى 1.7 مليار دولار، فى واحدة من أكبر التحقيقات فى جرائم مكافحة الاحتكار فى تاريخ الولايات المتحدة.
وكشفت الدعاوى أمام المحاكم بهذا الشأن عن شبكة معقدة من المخططات بين شركات طيران عالمية فى أغلبها لتثبيت الرسوم لسد الطريق أمام الشركات المنافسة بخصوص الرحلات من، وإلى الولايات المتحدة.
وتضم لائحة الشركات التى أدينت "بريتيش إيرويز"، و"كوريان أير"، و"إير فرانس" و"كيه إل إم"، بينما لم تطل الإدانة أياً من شركات الطيران الأمريكية الكبرى.
وتم حل خيوط جريمة تثبيت الأسعار إلى حد كبير نتيجة لقرار اثنتين من شركات الطيران تطهير نفسيهما، والانقلاب على شركائهما فى المؤامرة ففى أواخر عام 2005 أبلغ مسئولون لدى شركة "لوفتهانزا" الألمانية وزارة العدل أن شركتهم رسمت خطة سرية لرفع أجور الشحن.
وفى أعقاب ذلك فى عام 2006 كشف عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى، ونظراؤهم فى أوروبا تحقيقاتهم بهذا الشأن على الملأ من خلال مداهمة مكاتب شركات الطيران، وبعد تلك المداهمات، اعترفت شركة "فيرجن أتلانتك" البريطانية، بدورها فى مخطط مماثل برفع أسعار التذاكر بدعوى زيادة أسعار الوقود.
وتوصل المحققون فى نهاية المطاف إلى ورقة تفصيلية تكشف اتفاقيات ترجع إلى عام ،2000 تتعلق بزيادة مصطنعة لأسعار الوقود.
وتوسعت التحقيقات لتشمل شركات طيران تعمل بين الولايات المتحدة، وأوروبا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية، وأستراليا.
وبفضل اعترافهما استفادت كل من "لوفتهانزا"، و"فيرجن أتلانتك" من برنامج التساهل فى وزارة العدل لمساعدتهما فى حل خيوط المخطط.
وقال كيفين جيه أوكونور النائب العام السابق، والذى ترأس قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل فى أواخر ،2000 أنه لا يعلم ما الذى دعا الشركتين للاعتراف، وأضاف: "لكن النتيجة توضح مدى فعالية برنامج العفو".
ورفض المدعون العامون الفيدراليون، والمحققون مناقشة تفاصيل القضايا لأنه تحقيقاتهم لا تزال جارية، وقال مارتن ريكين مدير علاقات الشركات بأمريكا لدى "لوفتهانزا"، إن "لوفتهانزا للشحن تعاونت بشكل كامل مع تحقيقات وزارة العدل"، فى حين أرجعت "فيرجن أتلانتك" كل الاستفسارات إلى وزارة العدل.
أما شركات الطيران، والتنفيذيين الذين لم يتعاونوا فقد تم اتهامهم بخرق "قاون شيرمان لمكافحة الاحتكار"، وتم سجن اثنين من التنفيذين السابقين 6 أشهر، واثنين آخرين 8 أشهر، وهناك أحكام مؤجلة بحق 15 تنفيذياً آخرين، 9 منهم يعتبرون هاربين.
وتم سجن بروس ماكافرى، نائب الرئيس للشحن للأمريكتين السابق لدى "كانتاس"الأسترالية 6 شهور فى عام 2008 بعد إدانته بالضلوع فى المخطط، واعترف ماكافرى بالعمل مع شركات طيران أخرى لتثبيت أسعار وقود الشحن بين عامى 2000 و2006 .
وكذلك تم سجن كيث إتش باكر، كبير المديرين السابق للمبيعات والتسويق لدى"بريتيش إيرويز"، 8 شهور فى 2008 بتهمة التآمر على تقييد التجارة، بعد أن اعترف بضلوعه فى مؤامرة الشحن فى ،2002 ومشاركته فيها حتى فبراير 2006.
أيضاً تمت إدانة "بريتيش إيرويز"، و"كوريان إير" بخرق قاون شيرمان لمكافحة الاحتكار، وتم تغريم كل واحدة 300 مليون دولار فى أغسطس 2007.
واعترفت "بريتيش إيرويز" بتثبيت رسوم شحن إضافية من 2004 حتى 2006 كما اعترفت "كوريان إير" بتثبيت زيادة فى أسعار المسافرين، والشحن من 2000 حتى 2006.
وقال أوكونور، إن القضية كلفت قطاع الشحن مليارات الدولارات واستطرد: التقديرات تشير إلى أن الضرر الذى لحق بالمستهلكين، والأعمال الأمريكية يدور حول مئات ملايين الدولارات.
وأضاف: ارتفعت رسوم الوقود بفعل التآمر إلى 1000 فى المائة، بزيادة هائلة على أى ارتفاع فى تكلفة الوقود خلال الفترة نفسها.
وضمن دعاوى قانونية عديدة من قبل مسافرين، وشركات شحن، وتنظر فيها محكمة كاليفورنيا الاتحادية حالياً، يقول المحامى كريستوفر لبسوك إن مسئولى شركات الطيران عقدوا اجتماعات لمناقشة تكلفة الوقود، وكيفية تعويض الخسائر، مشيراً إلى أنهم اتفقوا على إضافة، أو زيادة رسوم الوقود، على أن تضاف إلى أسعار التذاكر، ورسوم الشحن.
وطبقاً لمحضر اجتماع عقد فى أكتوبر 2005 وضم ممثلين لشركات الطيران فى جدة، فقد تحدث عدد من التنفيذيين علناً عن الرسوم الإضافية المطبقة فعلاً، واقترح أحد المسئولين تشكيل لجنة فرعية لدراسة الأمر، والخروج باقتراح موحد.
وفى اجتماع آخر اتفق المشاركون على توحيد السياسة المتعلقة بزيادة الرسوم، ولكن لم يكن الاتفاق فى الاجتماعات جامعاً، ففى اجتماع عقد فى تيلاند فى 2004 غادر تنفيذيون من شركتى "يونايتد إيرلاينز" و"ساوث ويست"الأمريكيتين ذلك الاجتماع بمجرد شروع الآخرين فى مناقشة الرسوم الإضافية.
وعلى الرغم من أن محاضر الاجتماعات تحاول أن تظهر بأن تلك الاجتماعات كانت مفتوحة للجميع، إلا أن ليبسوك، ومسئولى وزارة العدل يؤمنون بأن التنفيذيين كانوا حريصين على إخفاء أنشطتهم.
ويقول ليبسوك: "إحساسى هو أنها لم تكن مفتوحة للعامة هم ليسوا أغبياء"؟ وتابع أن بعض المستندات التى تم الحصول عليها تبين بوضوح أن العديد من النقاش بشأن الزيادات كانت تتم فى مكاتب خاصة، أو عبر البريد الإلكترونى.
وطبقاً لدعوى قانونية رفعها أحد المسافرين، فقد اقتصر النقاش من قبل شركات طيران آسيوية عديدة، من بينها طيران كاثى باسيفيك، والخطوط الجوية اليابانية، وأول نيبون إيرويز، على المكالمات الهاتفية، والبريد الإلكترونى.
وقال ليبسوك إن بعض تنفيذيى الشركات حاولوا إخفاء، أو تمزيق المستندات، ورسائل البريد الإلكترونى التى تجرمهم.
وأضاف أن المؤامرة تتم التكتم عليها، وإخفاؤها بشكل جيد، وإلى حد كان يمكن معه استمرارها من دون ملاحظة لو لم تبادر لوفتهانزا بكشفها.
