عبرنا حاجز الخوف الذى تم بناؤه فى قلوب المصريين لسنوات طويلة جداً، الخوف كان هو مفتاح الحكم للمصريين منذ آلاف السنين، كانت الآلة العسكرية ومعها الأساطير الخرافية عن الحاكم الإله، أو المحتل ذى القدرة الخارقة، الذى لا يهزم، حطمت مصر أسطورة المحتل الذى لا يهزم فى انتصار أكتوبر، وحطمت أسطورة الخوف من الحاكم فى ثورة الخامس والعشرين من يناير، حطمنا كل الأفكار الخرافية، وعلمنا الإنسانية قيمة المصرية، نعم عبرنا وينتظرنا عبور جديد لا يقل عن سابقه أهمية، عبور إن لم نعبره سيدمر ما تم إنجازه، ويشوه ما تم بناؤه، ويمحو كل أثر لجمال نحياه الآن.
عبرنا من الخوف إلى الشجاعة، لكنها كانت شجاعة مشحونة بالغضب، وحققت شجاعة المصرى المستحيل وأخشى أن يمحو الغضب ما اكتسب، يحيى المصرى معانى متداخلة الآن تمتزج بشكل يصعب الحكم أو السيطرة عليها، هل هى مشاعر عزة؟، هل هى مشاعر غضب؟، هل هى مشاعر تحد وعند؟، هل مشاعر عدم ثقة؟، كلها مشاعر متناقضة، بدلاً من أن تبنى نسقا مصرياً سليمًا، تبنى نسقاً يأكل بعضه بعضاً دون قصد، وأخشى من صراع المشاعر المتداخلة داخل المصرى أن تؤدى إلى انتصار الغضب على كل مشاعر صادقة، على مشاعر الصبر التى هى كانت من أهم سمات المصرى الحكيم، على مشاعر الهدوء الواعى التى ظهرت مع صبر السنين، كلها مكتسبات لشخصية المصرى الأصيل، كيف نسحقها ومختزلها فى مشاعر غضب تسيطرعلى بيوتنا وأعمالنا حتى أنفسنا؟
أعترف أنى أعجبت بغضبة المصرى للحق مع الثورة، وأعترف أنى تعلمت منها الكثير، لكن ليس بالغضب وحده يقام بنيان الحق، ولكن بالفهم والمنطق والعدل، إن الغضب مرحلة تليها مراحل أكثر صعوبة لاستكمال نصرة الحق، فمن السهل أن تغضب وتدمر، ولكن من الصعب أن تهدأ من بعد غضبك لتفكر، لتدرس لتخطط وتنفذ، فحماسة الحق يمكن أن تأخذك بعيداً عن مقصدك فتدمر نفسك بدلاً من أن تغير، اهدأ وفكر، حتى لا تجد نفسك دون قصد تمهد بلادك لمستعمر، اهدأ وفكر، حتى لا تتهم شرفاء ثم على أداء حقهم فى الاعتذار لن تقدر، اهدأ وفكر، أيهما أطول عمراً؟ الغاضب أم الذى على غضبه سيطر، وأحال كل الأعداء إلى أصدقاء وأكثر، إن ظللت غاضباً دوماً فمتى تعطى لعقلك فرصة ليفكر ويقرر؟، أخشى أن ستصحو يوماً على ندم ومن حطام غضبك لن يصدق عقلك، فمن قامت ثورته على غضب فقط فى صفحات التاريخ البيضاء لن يذكر، أقولها حرصاً عليك فهل ستتهمنى أم لكلامى تقدر؟
محمود كرم الدين محمود يكتب: وبدأ اختبار مصرية كل مصرى
الأحد، 06 مارس 2011 09:36 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة