تحية لأرواح شهداء 25 يناير على اختلاف انتماءاتهم واتجاهاتهم.. تحية لهم.. من كانت أرواحهم وقوداً للثورة ونبراساً للثوّار.. تحية لهم منى ومن جميع المصريين.
أما بعد..اسمحوا لى أن أعبر عن وجهة نظرى المتواضعة جداً فيما جرى بالأيام الأولى للثورة بميدان التحرير، وتحديداً فى 28 يناير، حيث تجمع الثوّار الأحرار من شبابنا الواعى والذى استخدم التكنولوجيا الحديثة المتقدمة فى التعبير عن رأيه، فكانت ثورة مجيدة، كما تجمع أيضاً فى نفس المكان رجال هم أيضاً من زهرات الشباب مصر وأبنائها ألا وهم رجال الشرطة ضباطاً وأفراداً ومجندين.. خرجوا من بيوتهم ومعسكراتهم قبل ذلك بأيام وهم عازمون على البر بالقسم الذى أقسموه والعهد الذى قطعوه على أنفسهم بأن يحموا بلدهم ضد أى مفسد ومخرب يريد الإضرار بأمن الوطن والمواطن الذى هو أب وأم وأخ وأخت لكل منهم.. خرجوا لمنع السلب والنهب والترويع.. خرجوا يحملون رؤوسهم على أكفّهم وهم يظنون أنهم خارجون لذلك ثم كانت المفاجأة أن المجتمعين بميدان التحرير ليسوا بخارجين عن القانون ولا هم بالمارقين ولكن وجدوا فلذات كبد مصر المستنيرين جاءوا ليقولوا للظلم كفاية وللقهر كفاية وللسلب والنهب لثروات مصر كفاية.
تعاملت الشرطة فى بادئ الأمر مع كل هؤلاء على أنهم متظاهرون جاءوا ليعبروا عن رأيهم وعليهم بعد ذلك أن يعودوا من حيث أتوا، إلا أن الأرض فرضت واقعاً مختلفاً، فالذين جاءوا رأوا أنها فرصة لم توات المصريين من قبل، فقد تجمعت الألوف المؤلفة من جموع المصريين ومن كل ربوعها وتوحدت الصيحات وتعالت النداءات بأن الشعب يريد إسقاط النظام، فكانت مفاجأة أذهلت القاصى والدانى وكذلك رجال الشرطة ومنهم الكثير من الشباب والذى يعانى كما يعانى من الفساد ككل المصريين، وكانت نظراتهم إلى إخوانهم من الشباب الثائر فى ميدان التحرير تنطق قائلة: نحن نتألم كما تتألمون وأصبح رجال الشرطة من الشباب أنفسهم فى موقف لا يحسدون عليه؛ فهم بين مطرقة الأوامر والتعليمات بفض التجمعات من جهة وبين سندان الواجب الأخلاقى تجاه أبناء وطنهم، فما كان من صغار الضباط والذين رأوا أن ترك الساحة والانصراف بهدوء هم وقواتهم حتى لا تحدث مواجهة أكثر عنفاً وتسيل بحور من الدماء الذكيّة الطاهرة ويظل التاريخ يذكرهم بالقتلة، آسرين السلامة للوطن والشعب فإذا بأبناء وطنهم.. آبائهم وإخوانهم وأمهاتهم يصفونهم بالخونة.
