عثر "اليوم السابع" على مئات القصاصات الورقية لمستندات تم إعدامها من قبل ضباط أمن الدولة بلاظوغلى، فور علمهم باتجاه المتظاهرين لاقتحام مبناهم ومكاتبهم.
بخطوات متباطئة سار "اليوم السابع" خلف رجال النيابة العامة الذى بذلوا مجهودا للبحث عن مستندات ذات قيمة خلفها رجال أمن الدولة وراءهم سواء كانت فى صالحهم أو ضدهم.
داخل زنازين أقرب إلى المقابر الانفرادية تجول "اليوم السابع"، متقمصا حال المعتقلين وضحايا التعذيب الذين عاشوا أياما وشهور وأحيانا سنين، على أمل رؤية نور الشمس التى حرموا منها مرة أخرى.
على ضوء الشمس وبعد مرور ما يقرب من 5 ساعات داخل مكاتب ضباط أمن الدولة الفارهة، وزنازينها المميتة، خرج "اليوم السابع" بعد أن حصل على خريطة كاملة للمبنى الذى ظل وقتا طويلا كابوسا يداعب عقول المتظاهرين والسياسيين، وغيرهم من النشطاء الحقوقيين.
بداية الرحلة..
بدأت الرحلة بعد أن طلب العميد محمد عبد الحى، المسئول عن تأمين المبنى من المتظاهرين والمطالبين باقتحام المبنى، انتخاب 5 متظاهرين فقط لمصاحبة رجال النيابة العامة أثناء فحصهم لمتسندات مبنى أمن الدولة بلاظوغلى وبحثهم عن معتقلين أحياء، وذلك تفاديا للاشتباك بين المتظاهرين والجيش، أو تحطيم المنشآت العامة التى من بينها مبنى أمن الدولة، وغيره من المبانى الحكومية، وبالفعل انتخب المتظاهرون 5 شباب من بينهم مختلفو الاتجاهات "إخوان، وشباب ائتلاف الثورة، وطبيب، وغيرهم".
كوب شاى مع العميد..
العميد محمد عبد الحى، المسئول عن تأمين مبنى أمن الدولة اتسم بالود والتفاهم فى حواره مع المتظاهرين، وتحديدا الخمسة المنتخبين، حيث أصر على جلوسهم بجانبه أثناء انتظارهم جميعا لرجال النيابة العامة لدخول المبنى، كما تناول الشاى مع المنتخبين أكثر من مرة، وتحدث فى أمور مختلفة بداية من الوضع الراهن، مرورا بذكرياته فى بعض الدول الأجنبية، نهاية بعدد من المواقف الكوميدية التى تعرض لها خلال حياته المهنية.
خبر كاذب..
العديد من الاتصالات تلقاها العميد محد عبد الحى، المسئول عن تأمين مبنى أمن الدولة، لكن أبرزها تلقيه اتصالا من جهاز المخابرات سأله عن حقيقة الخبر الذى تداوله المعتصون بميدان التحرير وتفيد بأن قوات الجيش المؤمنة لمنى أمن الدولة أطلقت النار على المتظاهرين، وهو الخبر الذى أحزنه كثيرا لكذبه، وعدم مصداقيته، كما لم تتوقف الاتصالات بينه وبين هيئة العمليات بالقوات المسلحة والتى يترأسها اللواء محمد صابر، حيث استمر التنسيق بينها حول كيفية دخول المبنى والتجول فيه، والتحفظ على محتوياته.
"أدب" رجال النيابة العامة..
لم يختلف أسلوب رجال النيابة العامة عن أسلوب العميد محمد عبد الحى المتحضر، حيث حرصوا على اطلاع المتظاهرين الخمسة على كافة تفاصيل التحفظ على محتويات المبنى ومكاتبه، باستثناء إصرار رجال الجيش على تفتيشنا ذاتيا قبل دخول المبنى، حيث أصر رجال النيابة على تلبية مطالبهم بالتأكد من خلو الزنازين من أى معتقلين، وهو ما ساهم فى الرحلة الأرضة التى تمكن من خلالها "اليوم السابع" من التجول داخل الزنازين الانفرادية التى تقع تحت الأرض ولا تزيد مساحة الواحدة منها عن متر فى متر ونصف، خالية من أى إضاءة، وتعانى ضعف الهواء، والرطوبة العالية، والرائحة الكريهة، وكلمات سطرها المعتقلون على مدار فترات احتجازهم بها انحصرت بين الدعاء، وأبيات الشعر الثورية، والشهادة "لا إله إلا الله.. محمد رسول الله".
مكاتب أمن الدولة الفارهة..
المفاجأة الحقيقية كانت فى مكاتب رجال أمن الدولة الفارهة، والتى أُلحق بعضها بغرف نوم، وحمامات خاصة تدل على الرفاهية التى يعيشها أصحابها، لكن المثير للتساؤلات كان فى خلو أدراج المكاتب من أى أوراق هامة باستثناء الأوراق التى تم "فرمها"، وتناثرت على سلالم المبنى، إضافة إلى كميات الطعام التى مازالت تحتفظ بقدر من الطزاجة، وهو ما يدل على أن رحيل ضباط أمن الدولة عن مبناهم كان قريبا وملموسا.
رحلة العودة إلى النور..
بعد أن انتهى رجال النيابة العامة من حصد ما تبقى من المستندات، والأقراص الصلبة الخاصة بأجهزة الكمبيوتر والسيديهات، تم تشميع جميع الأبواب، والأقفال بالشمع الأحمر، وتسليم مبانى أمن الدولة المتجاورة إلى الجيش المصرى بقيادة العميد محمد عبد الحى الذى أعرب عن أمله فى مرور البلاد من هذه الأزمة، وزوال الغمة، ومن جانبهم احتفل الخمسة المنتخبين بإسقاط "أمن الدولة" من خلال رفع علم الجهاز الذى احتفظوا به من مبنى أمن الدولة بمدينة نصر بعد اقتحامة.
"اليوم السابع" داخل مبنى أمن الدولة بلاظوغلى.. والنيابة العامة تقود رحلة البحث عن معتقلين.. وسرداب واحد تحت الأرض يحوى 15 زنزانة انفرادية
الأحد، 06 مارس 2011 06:55 م