بعد 27 عاماً أمضيتها فى السويد، وبعد ثورة 25 يناير المباركة فى مصر، وجدت أنه من واجبى كمصرى وطنى اضطرتنى الظروف فى وقت ما إلى إن أبحث عن فرصة عمل خارج وطنى، أن أضع كل ما تعلمته فى تلك الفترة إلى بلدى الأم مصر كما أحب أن أضيف معلومة هامة جداً على سبيل المثال، فإن أحد أقاربى قد حضر لزيارتى وهو مسلم ومصرى ولكن نظراً لنشاطه وتركيزه فى العمل السياسى أصبح الآن محافظاً لأكبر محافظات السويد، بل أصبح وزيراً لاقتصاد المقاطعة، وهذا يدل على أن السويد ليست دولة عنصرية وليست دولة شعارات أو وسائط، لذا أهدى هذه الوصايا إلى ثورة مصر المباركة، حتى يمكن أن تنير لها الطريق لكى تعبر بسهولة ويسر إلى بر الديمقراطية الحقيقية وأنا كلى ثقة من أن مئات، بل آلاف المصريين الذين أصبحوا علامات بارزة فى الدول الأوروبية والأجنبية لن يترددوا فى أن يقدموا كل ما لديهم من خبرات وإمكانات للثورة التى جعلت المصريين فى جميع بقاع الأرض يرفعون رؤوسهم.
ولنبدأ.. تعتبر السويد من الدول المسالمة، لأنها لم تشارك فى أى حروب منذ حوالى قرنين من الزمان، لكنها ليست دولة ضعيفة، وهذا ما تشعر به عندما تتحدث مع أى مواطن سويدى، لأنها تعتبر من أعلى مصادر التكنولوجيا فى العالم، وأن من أكبر استثماراتها هى الإنسان، ولذلك نجد أن السويد تولى عناية فائقة بمواطنيها من النواحى الصحية والنفسية ومن هذه الأمثلة العناية بالطفل منذ ولادته فى كل شىء حتى العناية بالأسنان تبدأ أيضاً منذ المراحل المبكرة، لأن الدولة تعلم أنها تكلف أكثر فى السن المتقدمة وهذا ينطبق على جميع النواحى الصحية الأخرى، وهذا هو الذى أدى إلى أن الإنسان السويدى هو أغلى ما تملكه الدولة ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا يتم دون التفرقة فى اللون أو الدين، لأنه فى النهاية مواطن.
ومن الناحية الأخرى نجد أن الشعب السويدى يدفع ضرائبه بكل رضا وارتياح، وذلك لعلمه أنها تعود إليه فى النهاية من الخدمات التى تقدمها الدولة له من تعليم ورعاية صحية وتأمينات اجتماعية، وهذا أيضاً لثقة الشعب فى أن الديمقراطية هى من أكبر المكاسب التى حققها الشعب، وهى التى تجعل منه قوياً وله حرية الاختيار وتصحيح أى خطأ قد يحدث أثناء المسيرة الديمقراطية.
لقد قامت السويد كدولة اشتراكية فى الماضى بتكوين نظام للجمعيات، وهى التى أدت إلى تقدم الدولة، والمقصود بالجمعية هنا هو مجموعة من المواطنين يتفقون مع بعضهم على فكرة محددة أو رأى معين ما دامت غير عنصرية وليست ضد أحد وقد قامت هذه الجمعيات فى البداية بشراء أراضى وبناء مساكن عليها للمساهمة فى موضوع الإسكان مثلاً ومن أمثلة هذه الشركات HSBو MKB.
وبعد انتخاب الحكومة الليبرالية، فقد قامت بمعالجة بعض الأخطاء التى تركها الحزب الاشتراكى مثل التدقيق فى الإجازات المرضية وضبط المتهربين من العمل بحجة المرض، وكذلك إثبات جدية المواطن فى البحث عن عمل حتى يمكن صرف تعويض البطالة أو المرض.
وأن من الأشياء الجيدة فى الاقتصاد السويدى هو أن الدولة لا تنافس الشركات الصغيرة فى مجال الصناعة مثلاً ولكن الموضوع هو تكامل هذه الشركات الصغيرة مع الشركات الكبرى، ونجد أوضح مثال لهذا التكامل هو صناعة السيارات وصناعة الطائرات، وهكذا يتم تقسيم الكعكة كما يقال فى السويد.
ولكى نعرف النظام السياسى فى السويد، فإن السويد تتكون من عدة محافظات والمحافظة تتكون من جزئين أساسيين، أولهما هو الجزء السياسى، وهو الذى يتم انتخابه من الشعب، والجزء الآخر هو الجزء التنفيذى، وهذا الجزء يتم تعيينه من قبل السياسيين المنتخبين، وعلى هذا نجد أنه بالرغم من وجود عدة أحزاب تشكل الحكومة، فإن لكل حزب نصيب فى الحكومة مساوٍ لنصيبه فى الانتخابات، ولذلك فإنه من الممكن أن يكون هناك حزب صغير فى داخل الحكومة وليس له وزن كبير على مستوى الدولة، ولكنه قوى جداً داخل محافظة ما، وهو الذى يحكم المحافظة، وذلك حسب قوته فى هذه المحافظة، وهو الذى يكون متحكماً فى الإدارات داخل المحافظة، وكذلك سياسة المحافظة ويقوم باتخاذ القرارات الهامه التى تسير شئون المحافظة.
ومن هنا لا يستطيع أحد إلا بالانتخابات الحرة من تنفيذ سياسته، وهذا هو الضمان للجميع على أن المنتخبين من الشعب سيقومون بتنفيذ إرادة هذا الشعب ومن هذه الأرضية، فإننا إذا نظرنا إلى السويد بوجه عام، فهل يمكن للمسلمين مثلاً أو العنصريين أن يسيطروا على الأغلبية فى مكان معين؟ سنجد أن الإجابة المنطقية لهذا السؤال هو أنه لا يصح إلا الصحيح، لأن الرأى فى النهاية هو لصندوق الانتخابات وتفاعلات الشعب معه، وهو الذى يقرر من سيدير البلاد، لأنه إذا حدثت أخطاء فإن الشعب فوراً قادر على التغيير فى أى وقت.
المهندس قدرى النجارى يكتب: وصفة سريعة لإصلاح المحليات بمصر
السبت، 05 مارس 2011 07:48 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة