سعيد الشحات

الثورة فى طوخ قليوبية

السبت، 05 مارس 2011 02:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا نحتاج إلى الثورة حتى نعرف طاقات الانتماء التى تتفجر كل لحظة من الشعب المصرى شبابا وشيوخا، وإذا كان هناك شكوى عامة من الانفلات فى بعض السلوكيات بسبب غياب الشرطة، فعلى النقيض توجد صورة إيجابية فى قرى ومدن المحافظات تستحق الرصد والتسجيل، وأسجل هنا تجربة فى محافظة القليوبية، وبالتحديد فى مدينة طوخ التى انتمى إليها، وعلى الرغم من أنها تجربة صغيرة إلا أنها تستحق أن تروى حتى نعرف أننا نعيش لحظة استثائية فى تاريخ مصر، يتمنى شباب مصر فيها أن يعطى كل ما لديه من جهد وعطاء.

بعد قرار تنحى مبارك، وإحساس الناس بأن الثورة سجلت أهم خطوات نجاحها، هب شباب المدينة فى حملة تنظيف لشوارعها، ودهانات للأرصفة قاموا هم بها، وذلك بمجهود ذاتى وتبرعات بسيطة من الأهالى، وكل من شاهد الشباب وهم يقومون بهذا الجهد الرائع، يأتيه شعور بأن مصر تولد من جديد، وأن هذا الشباب الذى كان نبض الثورة يستكمل سيرة عطاءه فى ميادين أخرى، ولم يقتصر شباب طوخ على حملة تنظيف المدينة التى شارك فيها شباب وفتيات، وإنما امتد الأمر إلى تشييد نصب تذكارى لشهداء الثورة فى أكبر ميادين المدينة، واستغرق بناءه نحو أسبوعين، وذلك بالمجهود الذاتى أيضا، ومن يوم أمس الجمعة تزينت المدينة به فى مشهد رائع ومؤثر عليه يافطة كبيرة تشير إلى أن هذا تذكار لشهداء ثورة 25 يناير، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل امتد إلى تشكيل لجنة تتلقى شكاوى الناس فيما يتعلق بمطاردة المفسدين، وبالطبع فإن ذلك يتم بعيدا عن الأجهزة التنفيذية والمحلية التى ظلت لسنوات طويلة هما ثقيلا على الناس.

لم يقف الأمر على مدينة طوخ بل امتد إلى القرى التابعة لها، حيث دارت عربات اللودر فى قريتى كوم الآطرون (مسقط رأسى) وكفر منصور المجاورة لها، من أجل تنظيف الطرق الرئيسية فى القرتيتن المتجاورتين، وكان الشباب يقف مشرفا على العملية كلها، فى دلالة على أن هناك رغبة لديهم من أجل العطاء فى هذا الظرف الذى يشعر فيه المصريون باستعادة بلدهم من الذين سرقوها طوال الثلاثين عاما الماضية.

لم تشهد طوخ وقراها، وكل مدن مصر وقراها أيضا مثل هذه التصرفات من قبل وقت أن كان الحزب الوطنى مهيمنا على كل شىء، لأن منطق الفهلوة هو الذى كان سائدا، والسرقة هو الذى كان متحكما، ولما حلت اللحظة التى استعاد فيها الناس بلدهم لم يتوان أحد فى العطاء، وهو ما يعنى أننا أمام طاقات هائلة كانت مدفونة عمدا، وتفجرت الآن لتعيد كتابة مصر من جديد.
أكتب بالقدر اليسير عن هذه التجربة رغم محليتها، إلا أن أهميتها تأتى فى أنها نموذج لما يمكن أن يكون فى عموم بر مصر، والأمر يحتاج إلى الالتفات إليه وتعميقه بكل السبل حتى لا تكون هبة وتذهب.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة