نعم إن ما قرأته للتو صحيح لا تتعجب، إنها محاكمة عدد من الوزراء ومساءلة لرئيس الجمهورية السابق وأفراد عائلته، فى سابقة قد تكون هى الأولى من نوعها فى تاريخ مصر.. لقد تعودنا دائما أن نسمع عن محاكمة مسئول كبير بحجم وزير أو حتى رئيس دولة فى دول مثل بريطانيا أو إسرائيل أو أمريكا، وكلها دول متقدمة، حتى تولدت لدينا قناعة أن محاكمة المسئولين مقصورة فقط على الدول المتقدمة، وأنها من سمات التقدم والحضارة.. اليوم نستطيع أن نؤكد أن مصر قد خطت أول خطوة على طريق التقدم والرقى، إنها محاكمة المسئولين ومحاربة الفساد.
لقد تفاجأ الجميع بحجم الفساد الذى ظهر جليا بعد تنحى الرئيس السابق.. وكثر السؤال عن علم الرئيس السابق بهذا الفساد؟ هل تغيب بقصد عن متابعة ثروات بلده المنهوبة؟ وهل كان مذهولا مثلنا عندما سمع عن المليارات التى سرقت فى عهده؟ أم أنه كان على علم بكل هذا، وربما شارك فيه، ولم يؤثر فيه ضمير الوطن ويدفعه إلى محاربته؟ الرئيس السابق كان ابنًا من أبناء القوات المسلحة المصرية المشهود لهم بالنزاهة والتضحية من أجل الوطن، وأن هذا الرجل قدم روحه للدفاع عن الوطن، وأنه لا أحد يشكك فى حبه لبلده، إذن فلا يجب أن نفترض أنه كان على علم وسمح بسرقة ثروات شعبه الذى فداه بروحه، بالإضافة إلى أن المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، اعترف أنه أرسل أكثر من 1000 تقرير عن الفساد بالمليارات فى المؤسسات المصرية إلى الرئيس السابق لكنها لم تكن تصله، إذن فالرئيس السابق كان مغيبًا عن الفساد فى مصر من قبل حاشيته التى كان لها مصالح فى ذلك.
وفى المقابل هناك قضايا فساد دافع عنها الشرفاء من أبناء الوطن بأعلى صوت، فقضية المبيدات المسرطنة التى استوردها وزير الزارعة السابق يوسف والى، كانت على مسمع ومرأى من الجميع، ولا يمكن بأى حال أن يحجب سمع الرئيس السابق عن قضية بهذا الحجم، وللأسف لم يستجب سيادته إلا أنه أقال الوزير يوسف والى، بعد أكثر من عشرين عامًا فى منصبه دون أى محاكمة أو مساءلة.. وفى قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل بربع ثمنه، وبعد قرار المحكمة الإدارية بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، أوقفت السلطات المصرية، قرار المحكمة.. دون أى تبرير واضح لقرار التصدير أو حتى تعليق قرار المحكمة.. وفى تعليق الرئيس السابق على التزوير فى انتخابات مجلس الشعب وقيام أعضاء مجلس الشعب السابقين بإنشاء برلمان مواز علق قائلا "خليهم يتسلوا"، إذن الرئيس السابق كان على علم بكبرى قضايا الفساد والتزوير، ولم يكن مغيبا عن حال وطنه، مما يؤكد مشاركته فى الفساد، بالسكوت عنه.
إن نظرة الشعب إلى المسئول، ونظرة المسئول إلى منصبه، يجب أن تتغير من كونه سلطانًا آمرًا ناهيًا فى موقعه إلى كونه مسخرًا عند الشعب، ومن كونه منصب تشريف إلى كونه منصب تكليف.. ويجب على المسئول نفسه أن يستغل كل مواهبه وقدراته التى آلت به إلى هذا المنصب، فى خدمة شعبه دون أى اعتبار للمصالح الشخصية العائلية، وأنه مسئول عن كل العهد والصلاحيات التى آلت إليه، إضافة إلى أمن الوطن وحماية ثرواته.. وعلى الشعب أن يكرم المسئول إذا أحسن ويعاقبه إذا أهمل أو تعمد الخطأ.. إذا تعاملنا مع كل مسئول بهذا المنطلق، فإن مصر بالفعل تكون قد خطت أهم خطوة على طريق التقدم واللحاق بالدول المتقدمة، لأن جهود التنمية والنمو الاقتصادى لن تجدى أى نفع، فى الوقت الذى تسرق فيه ثروات البلد، ويستشرى فيه الفساد.
الرئيس السابق مبارك
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة